القضاء الفرنسي يدّعي على رجا سلامة: "تشكيل عصابة أشرار"

ادعى القضاء الفرنسي على صاحب شركة "فوري" الوهمية، رجا سلامة، (شقيق حاكم مصرف لبنان السابق، رياض سلامة)، بمجموعة من الجرائم المالية ومن بينها: "تشكيل عصابة أشرار، اختلاس الأموال العامة، تبييض الأموال، إساءة الأمانة، الفساد، والتآمر الجنائي".

الرضوخ للقضاء
جميع المعلومات الآتية من فرنسا تشير إلى أن عائلة سلامة متورطة بملفات فساد، والكثير من الشبهات تحوم حول أفرادها. فهم متهمون بتشكيل "عصابة أشرار". على هذا الأساس، توسعت التحقيقات الفرنسية لأكثر من عامين، وحضر الوفد الأوروبي إلى قصر عدل في بيروت واستجوب مجموعة كبيرة من المصرفيين، ومن ضمنهم صاحب شركة فوري الوهمية رجا سلامة. وفي الأول من شهر آب الجاري، حددت جلسة لاستجواب سلامة، وطُلب منه الحضور إلى العاصمة باريس.

وللتوضيح أكثر، جلسة استجواب رجا كانت مماثلة لجلسات استجواب كلّ من المصرفي مروان خيرالدين، صاحب بنك الموارد، والمساعدة المصرفية داخل مصرف لبنان، ماريان الحويك. في هذه الحالة، تُصبح الخيارات محدودة أمام الشخصية المطلوبة للاستجواب، فإما حضور جلسة الاستجواب وانتظار الحكم القضائي، أو الهروب من هذه الجلسة وتجاهلها بذريعة المرض أو أي أسباب أخرى. وهنا قد يتجه القضاء الفرنسي إلى إصدار مذكرة توقيف غيابية بحق المطلوب للاستجواب، وتعمم هذه المذكرة عبر الإنتربول الدولي. لكن، وحسب مصادر "المدن" القانونية المُتابعة لتاريخ آل سلامة القضائي، فإن رجا سلامة وافق على حضور الجلسة خوفًا من إصدار مذكرة توقيف غيابية بحقه وتعميمها عبر الإنتربول الدولي، وتجنبًا لأن يصبح مصيره كمصير شقيقه رياض سلامة.  

يومان كاملان
بالتأكيد، كان مجبرًا سلامة على حضور هذه الجلسة. ولعائلة سلامة تاريخ طويل في التهرب من جلسات الاستجواب، ولطالما مارس رجا "فن الاحتيال" للهروب من القضاة. ففي كل مرة كان يُطلب فيها إلى التحقيق، كانت الأمراض تزوره فجأة، فتسوء وظائفه الجسدية، وتضعف بنيته الجسدية، ويُصاب بالحمى، أو بالتهاب الأمعاء، ويدخل إلى المستشفى لإجراء عملية تمييل لقلبه، ويصبح عاجزًا عن السفر والتنقل...إلخ، وبعد انتهاء موعد الجلسة، يتعافى تلقائيًا.

في العاصمة باريس، حُقق مع رجا سلامة لمدة يومين كاملين، في الأول والثاني من شهر آب الجاري، وأجاب على أسئلة القضاة، ووضع تحت الرقابة القضائية الفرنسية، ودفع غرامة مالية مرتفعة. وبعد أيام، ادعى عليه القضاء الفرنسي بمجموعة من الجرائم المالية التي تصل عقوباتها إلى حوالى عشر سنوات من الحبس.  

رقابة قضائية
والرقابة القضائية الفرنسي تعني أن سلامة صار  مُجبرًا على التعاون مع القضاء الفرنسي، وعليه تقديم جميع المعلومات المطلوبة منه، أو المستندات اللازمة والوثائق، وسيكون ملزمًا بالسفر إلى فرنسا لحضور جلسات الاستجواب خلال الفترة المقبلة، ولن يُسمح له بالتهرب من هذه الجلسات. وهذه الرقابة فرضت سابقًا على خيرالدين والحويك، وهي تعني أن القضاء الفرنسي قد فرض شروطًا معينة عليهم، ويتطلب منهم الإلتزام بهذه الشروط.

وبالعودة إلى استجواب المصرفي خيرالدين، آنذاك، منع من التواصل مع عائلة سلامة أو أي موظف داخل مصرف لبنان، وتوقعت مصادر متابعة أن تفرض هذه الشروط على سلامة أيضًا.

وأفادت مصادر قضائية لـ"المدن" أن هذا الإجراء يعني أن التحقيقات مستمرة في قضية آل سلامة. وتوقعت "أن نشهد تطورات في هذا الملف خلال الفترة المقبلة".

في السياق نفسه، علمت "المدن" أن قاضي التحقيق الأول في فرنسا، سيرج تورنير، حضر إلى بيروت منذ نحو أسبوعين، وزار مجموعة من القضاة داخل قصر عدل بيروت، طالبًا منهم التعاون معه، لناحية الإجابة على كل المراسلات المحولة من فرنسا إلى لبنان.

أما في بيروت، فسنكتفي بالقول إن الصورة مختلفة تمامًا، فالملف مجمّد ومعرقل، والعديد من القضاة يخشون الاقتراب من هذا الملف.

إذن، قد يكون متوقعًا أن تسعى عائلة سلامة خلال الأيام المقبلة للترويج ببراءة رجا كما فعلت إزاء التهم الألمانية. وكذلك من المتوقع أن تتهم أزلام المنظومة القضاءَ الفرنسي بالفساد والتسييس. ووحدها التطورات القضائية في هذا الملف ستظهر الحقيقة التي عجز القضاء اللبناني عن التفوه بها.