القطاع العام بالأرقام: الشغور 70% ومعدل العمر 55

منذ عام 2019 تعاني الإدارة العامة شغوراً حاداً في عدد الموظفين من الفئات كافة، فيما نص قانون الموازنة على وقف التوظيف ولا سيما بعد إقرار سلسلة الرتب والرواتب عام 2017. فكم عدد المراكز الشاغرة؟ وكيف يعالَج الشغور ولا سيما أن التطور التكنولوجي يفرض إيقاعه في دول عدة؟ وماذا عن الوظائف الوهمية والالتفاف على منع التوظيف؟

عندما تدخل موقع مجلس الخدمة المدنية تطالعك إعلانات عن الحاجة إلى موظف في هذه الإدارة او تلك، وفق شروط يحددها المجلس، بعد أن تكون الوزارة المعنية قد أعلنت حاجتها إلى تعيين موظفين.

في الشروط التقليدية لا جديد يماشي التطور المطّرد الذي تشهده الإدارات في دول عربية وخليجية، وتبقى الشروط على حالها، ما يعني عدم ترشيق القطاع العام.

"إدارة هرمة" هو التوصيف الذي يمكن إطلاقه على الإدارة العامة في لبنان. تشير الأرقام إلى أن معدل سن الموظفين في بعض الإدارات يناهز الـ55 عاماً، ما يعني الحاجة إلى دم جديد وخصوصاً أن مجلس الخدمة المدنية أشار إلى أن عدد الذين سيبلغون السن القانونية هذا العام يناهز الـ 450، فيما كان العام الفائت 453، وعام 2023 بلغ 371 في المؤسسات العامة، و135 في البلديات.

أما نسبة الشغور في الإدارة العامة فتصل إلى 70 في المئة.

ذلك الشغور يعود إلى أسباب عدة، منها الامتناع عن توقيع مراسيم التعيين كما جرى في ملف المراقبين الجويين، وقانون موازنة 2019 الذي نصت المادة 80 منه على منع التوظيف القانوني والشرعي من خلال مجلس الخدمة المدنية، فيما لم تضع نصاً لمراقبة التعيين من خلال التعاقد أو شراء الخدمات التي عادة ما تكون عبر السياسيين لإرضاء قواعدهم الشعبية، علماً أن المادة 80 في تلك الموازنة تتعارض مع المادة 12 من الدستور اللبناني التي تنص على أن "لكل لبناني حق تولي الوظائف العامة، ولا ميزة لأحد على الآخر إلا من حيث الاستحقاق والجدارة حسب الشروط التي ينص عليها القانون".

في هذا السياق، توضح الرئيسة السابقة لرابطة موظفي الإدارة العامة نوال نصر لـ"النهار" أن "هناك الكثير من الناجحين في المباريات لا يزالون ينتظرون قرار تعيينهم، وبعضهم تقدموا لملء الشواغر في الوزارات ومنها وزارة العدل وغيرها، ولا تزال تلك الوظائف شاغرة حتى تاريخه".

أما عن التضخم في القطاع العام فتؤكد أن "نسبة الشغور في القطاع العام تصل إلى 70 في المئة، وهناك 27000 وظيفة، بينما عدد شاغليها لا يتجاوز الـ8000، فأين التضخم؟"

وتشير إلى أن "السلك العسكري هو الأكثر تضخماً، وهناك تطويع دائم وتضخم في التوظيفات العشوائية في أماكن أخرى، إضافة إلى وظائف وهمية في الإدارات العامة يصل عددها إلى 30000 وظيفة بحسب اعتراف بعض الوزراء".

وسبق أن أثار نواب تلك القضية ولا سيما عضو "الوفاء للمقاومة" النائب حسن فضل الله الذي أشار قبل 5 سنوات إلى أن "هناك آلاف الوظائف الوهمية في القطاع العام، وآلاف المتخرجين والمهندسين وحملة إجازات لا يجدون فرصة عمل، لأن المعبر إلى الوظيفة العامة بأغلبه، هو معبر الواسطة والمحسوبيات والوقوف على أبواب النواب والوزراء والأحزاب والزعامات السياسية، وهذا يدمرّ الإدارة العامة، لأن الموظف يصبح مستلحقاً وتابعاً".

وتصف نصر ما يجري في بعض الإدارات بـ"إنزالات توظيف عبر التعاقد من دون النظر إلى المعايير المعتمدة، علماً أن معظم فئات الوظيفة العامة تكون من خلال المباريات، وهناك أيضاً التكليف الذي يعدّ حالة توظيف غير قانونية، ولا سيما أن صغار الموظفين يكلّفون القيام بوظيفة من الفئة الثانية أو غيرها، على الرغم من وجود محاذير قانونية تمنع ذلك".

أما الوجه الثاني للتوظيف المقنّع فيكمن في "التعاون مع جمعيات مدنية أو أممية".

في المقابل، هناك عدد كبير من الموظفين المستقيلين بعد الأزمة المالية عام 2020، إضافة إلى صرف موظفين لعدم تمكنهم من تحمل أعباء الانتقال إلى مكان عملهم مع تدني الرواتب بعد الارتفاع الكبير في سعر صرف الدولار مقابل الليرة.

وزارات لم يعد لها مبرر

منذ أكثر من ثلاثة عقود أنشئت وزارات وصناديق لم يعد لها مبرر للاستمرار، ولا تزال تحتفظ بموظفين عموميين يتقاضون رواتبهم من الخزينة، وبمعنى أصح من الضرائب والزيادات على الرسوم التي يدفعها المكلفون.

من هذه الوزارات وزارة المهجرين التي لم يعد لديها مهمات لافتة تقوم بها، وكذلك الصندوق الوطني للمهجرين ومؤسسة "اليسار" وغيرها.

فما المبرر لتلك الإدارات التي تعطل عملها، ولا تزال ترصد لها موازنة من الحكومة، مع الإشارة إلى أنه تتم الاستعانة ببعض موظفي تلك الإدارات لتنفيذ مهمات في إدارات أخرى؟

مكي: نعمل على الية تراعي التطور التكنولوجي

عدد الوظائف الشاغرة في القطاع العام موضع احصاء دقيق من وزارة التنمية الادارية بالتعاون مع مجلس الخدمة المدنية وفي السياق يؤكد وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية فادي مكي لـ"النهار" انه ستتم مراعاة التطور التكنولوجي، وكذلك اعادة الهيكلة للقطاع العام قبل ملء الشهور في الوظائف العامة، وستكون وفق أسس حديثة.

اما عن امكانية الغاء بعض الوظائف فيوضح انه لم يتم بعد الالغاء او الدمج لان التحديث الذي نعمل عليه بالتعاون مع مجلس الخدمة سيراعي هذه المسألة. ويشير مكي إلى ان نسبة الشهور في الوظائف العامة تلامس الـ 70 في المئة من دون احتساب الاسلاك العسكرية والأساتذة وان الوزارة تعمل على احصاء عدد الوظائف الشاغرة.