المصدر: المدن
السبت 22 آذار 2025 15:36:35
وضع عائلته منعه من متابعة تحصيله العلمي، فغادر مقاعد المدرسة يوم كان في الصف الثالث – ابتدائي. لم يجد عملاً إلا في مجال بيع القهوة. يتحدث عن شعوره كمواطن، بالتهميش في مجتمعه ونقمته ضمناً على المسؤولين من أيناء مدينته: "فقط في موسم الانتخابات يطلبون مني التصويت فأذهب إلى قريتي الجردية حيث سجل نفوس العائلة".
لا يجد حرجاً بالحديث عن انتشار حبوب الكبتاغون في المنطقة، ويصارح بالقول: "معظم أكشاك القهوة المنتشرة على الطرقات، التي يدريها شبّان، تبيع هذه الحبوب المخدّرة"، ولم يجد تعبييراً للدلالة على الاقبال الكثيف على شراء الكبتاغون أفضل من قوله إن "الطلب عليها بالهبل"، أما بيع القهوة والشاي والمشروبات داخل الكشك "فهو للتمويه وبمثابة واجهة التجارة، نحن أصحاب الأكشاك نعرف بعضنا ونتعاون في ما بيننا في هذا المجال".
من الهرمل إلى عكار
بتلقائية ومن دون تحفظ يفصح عن مصدر تلك الحبوب فيقول: "كنت أتعامل مع شخص إسمه أبو مهدي من آل جعفر من الهرمل. هو المورّد الأساسي. تعرّفت إليه عن طريق شخص من مشمش من عائلة د. وتبيّن أن لديه علاقات واسعة مع أهالي الهرمل والعشائر. ود. هو بالمناسبة من أعطاني المال لفتح الكشك، ويساعدني إذا لاحقتني البلدية أو القوى الأمنية. أحصل من خلاله على التسهيلات لحل أي مشكلة أواجهها، ويدفع لي مبلغ 300 دولار بالشهر".
وعن كيفية تأمين البضاعة يروي م.:"في البداية يجب أن يزور البائع منا الهرمل. وفي مقهى "القائد" يتم تسليم البضاعة. أنا شخصياً لم أقابل أبو مهدي. اقتصر الأمر بيننا على محادثات واتصالات عبر واتساب".
وأضاف: "كل مرة كنت أذهب إلى الهرمل، كان يرسل إليّ أشخاصًا مختلفين للتسليم. وكان يؤمّن لنا المرافقة حتى نجتاز الهرمل وصولاً إلى حدود عكار. وفي بعض المرات يؤمّن لنا الطلبيات أو البضاعة، مع سائقي Delivery أو أشخاص من جماعته يصلون إلى منطقة أكروم – عكار، وأحياناً إلى جرود مرجحين. ويتم التسليم هناك".
ووفق رواية م. تبيّن أن المروّج ذ. الآنف الذكر، "لا يذهب إلى الهرمل بتاتاً. ويقتصر دوره على استلام البضاعة لحظة وصولها إلى جرود عكار. وهناك تتولى سياراته ذات الزجاج الداكن، التي لا تفتّش على الحواجز، نقل البضاعة. وتوزعها على البائعين.
ويستفيض م. بالشرح مؤكداً: "أحياناً كانت ترد معلومات عن تشديد أمني. عندها يتم نقل البضاعة عبر طرق زراعية بديلة في الجهة المقابلة للحواجز الأمنية، في منطقتي الصدقة ودير عمار. ثم تعود وتنقل البضاعة إلى السيارات، ويصار إلى تسليمها للتجّار والمروجين".
ارتفعت أسعار هذه الحبوب كثيراً كما يقول م.: "في السابق كانت الأمور أفضل. كنا نحصل على حبة الكبتاغون بسعر 20 ألف ليرة بالجملة، ونبيعها بالمفرّق بسعر يترواح بين 50 إلى 100 ألف ليرة، وأحياناً أكثر بكثير. لكن بعد الحرب الأخيرة أصبح تأمين الحبوب صعبًا، وتوصيلها أصعب. وبات سعر الحبة من مصدرها بالمفرّق 200 ألف ليرة، من دون سعر التوصيل، الذي علينا تكبّده".
نحو 50 ألف مذكرة توقيف
مصادر في مكتب مكافحة المخدرات في الشمال أكدت لـ"المدن" ورود معلومات بشكل مستمر حول انتشار آفة تعاطي المخدرات في طرابلس ومناطق الشمال. ويتم التعاطي في سيارات تقف ليلاً على جوانب الطرقات، مثل طريق أبو سمرا – وادي هاب، طريق القبة – العيرونية، طريق البحصة – حلبا، وطريق جرد عكار.
ويضيف المصدر:"لا يتخذ إجراء بحق المتعاطين إلا بناءً على إشارة القضاء، بعكس المروّجين فإن التحرّك بحقهم يحصل لمجرد ورود المعلومات". ويكشف المصدر الأمني عينه عن"معلومات وردت قبل فترة قصيرة، عن قيام شاب بالترويج من خلال "التوك توك" الذي يعمل عليه في ضواحي طرابلس. وبنتيجة التحقيق معه، تبيّن أنه كان على علاقة مع شخص آخر لديه كشك لبيع القهوة في التبانة، كان يبيع الكبتاغون والترامادول وقد تمّ توقيف الثاني وأقفل الكشك".
من جانبها تلفت مصادر حقوقية، في معرض التعليق على هذه المعطيات، إلى أن أكثر من 50 ألف مذكرة توقيف في مسألة الترويج للمخدرات لا يتم البت بها لاسيما عند التجّار الكبار، وبالتالي نشر هذه الآفة بين الناس وفي المناطق الفقيرة بالذات، يراد منه تخريب واقع طرابلس وإعطاء الصورة السيئة عنها. ويذكّر كيف أظهرت احداث سوريا الأخيرة أن تجارة المخدرات كانت تجري بين الجهات السياسية النافذة في المنطقة. ويلفت إلى أنّ حادثة مقتل الشيخ أحمد الرفاعي قبل سنتين، كشفت عن تورّط قاتله المحسوب على جهة سياسية كانت لها سيطرتها على المنطقة، بالترويج للمخدرات.