"اللبنانية" تطلق استراتيجية مجهولة ووعوداً بـ12 دولاراً للمتعاقدين!

وسط استغراب أساتذة ومدراء وعمداء في الجامعة اللبنانية، لعدم علمهم بها، أطلق وزير التربية عباس الحلبي الخطة الاستراتيجية للجامعة اللبنانية، برعايته وبحضور رئيس الجامعة بسام بدران. وتلقف الجميع خبر إطلاق الاستراتيجية باستغراب تام. والسؤال الذي طرحه أكثر من معني ليس لماذا تطلق الجامعة استراتيجيتها من وزارة التربية لا من حرم الجامعة، بل من هو الذي أعد هذه الاستراتيجية وكيف ومتى؟
وبحثاً عن الإجابة، تواصلت "المدن" مع عمداء ومدراء ورؤساء أقسام وأساتذة. وكان الرد الذي أجمع عليه الجميع أن لا علم لهم بهذا الموضوع. ما يعني أنها تمت إما بسرية أو من دون إشراك أهل الجامعة.

بعض المدراء والعمداء
لكن كيف أعدت الجامعة خطة مستقبلية لها ومتى وأين؟ تقول مصادر "المدن" إن الخطة وضعت بتمويل من البنك الدولي. وقد شارك في إعدادها بعض المدراء وبعض العمداء. وعقدت بعض الاجتماعات المغلقة في الإدارة المركزية، حيث طرح معدو الخطة بعض الأسئلة على بعض المدراء ورؤساء الأقسام وموظفين إداريين، وكتبوا الاستراتيجية.
بمعنى أوضح، وضعت الخطة الاستراتيجية من دون أن يعلن عنها مسبقاً. أما الانتقادات، فتتمحور حول أن الخطة تحتاج أقله لسنة من الأعمال والاستعدادات وعقد الندوات وورش العمل، ويشارك فيها كل أهل الجامعة وأهل الاختصاص من خارجها. وهذه الخطة وضعت من دون أي إعلان مسبق، والأهم من دون إشراك كل عمداء الكليات، الذين يفترض أنهم في أعلى هرم الجامعة. فالعميد يرأس كل اللجان الأكاديمية في الكلية، ويفترض أقله أن يشارك كل عمداء الكليات في إعداد أي خطة من هذا النوع، في حال قرر رئيس الجامعة عدم إشراك كل أهل الجامعة.

وتستغرب المصادر أن يطلق الحلبي وبدران خطة استراتيجية بعد رفع الأخير ملف التفرغ المتضخم إلى وزير التربية. فأقله كان يفترض وضع الخطة الاستراتيجية حيز التنفيذ قبل الذهاب إلى قرار تفريغ المتعاقدين. إلا إذا كانت الخطة لم تلحظ هذا المعطى الأساسي في حالة الجامعة راهناً. فأي خطة استراتيجية يفترض أن تقوم على دور الجامعة وتخصصاتها وإعادة هيكلتها وتوسيع أو تقليص برامجها وهيئاتها التعليمية على هذه الأسس. وحينها يختصر الطريق ويرفع ملف التفرغ القابل للتطبيق ويفيد الجامعة، لأنه يأتي في سياق الإصلاحات الواجب تنفيذها في الجامعة. لكن ما حصل أن هذه الاستراتيجية، التي وضعت من دون إشراك أهل الجامعة، وضعت مثل دراسة ملاكات الجامعة التي على أساسها رفع ملف التفرغ، وانفجر بين أيدي الوزير الحلبي بعقدة التوازن.

رفع أجر الساعة ودفع إنتاجية
وفي سياق متصل بملف المتعاقدين الذين ينتظرون إقرار ملف التفرغ، بدأ المتعاقدون يتداولون بضرورة تنفيذ إضراب والامتناع عن التعليم حتى تنفيذ مطالبهم برفع أجور ساعاتهم ومنحهم بدلات إنتاجية، وإقرار ملف التفرغ. وناشدت اللجنة الرسمية للأساتذة المتعاقدين بالساعة "المسؤولين منحهم الحقوق المالية المتمثلة برفع أجر الساعة وبدل الإنتاجية المسلوب من دون أي مسوّغ قانوني، ودفع بدل النقل". فـ"لا المستحقات دُفعت منذ العام الدراسي 2021، ولا المشاهرة التي أقرتها الحكومة منذ سنتين قد طُبّقت، كذلك بدل النقل الذي نصَّ عليه قرار وزارة التربية، وبدل الإنتاجية الذي حُرم منه ظلماً". وأكدت في بيان أن "تجاهل المعنيين حقوق الأساتذة المتعاقدين، الذين يشكلون 70 في المئة من الكادر التعليمي في الجامعة اللبنانية سيؤدي حتما إلى عدم المشاركة في أعمال المراقبة وتصحيح مسابقات الفصل الأوّل من العام الحالي". كما أن "عدم رفع ملف التفرغ وإقراره، سيشلُّ الجامعة بسبب عدم قدرة المتعاقدين على التوجه إليها".

ثمة وعود تلقاها المتعاقدون بتسريع قرار رفع أجر الساعة وصدور قرار دفع بدلات إنتاجية. والسؤال الذي يطرحه المتعاقدون هو إذا كانت الوعود الحالية ستنفذ أو ستكون مثل سابقاتها، بعد حرمانهم من بدلات الإنتاجية، بخلاف زملائهم في الملاك.
رئيس الجامعة كان مضطراً لدفع إنتاجية للموظفين في الجامعة، ولم يكف المبلغ لدفع إنتاجية للأساتذة المتعاقدين. فتلقى المتعاقدون وعداً برفع أجر الساعة عوضاً عن الإنتاجية. أما الذريعة فكانت أن أساتذة الملاك يحصلون على بدل إنتاجية لقاء الحضور الكامل إلى الجامعة، أي ما بين 14 و18 يوماً، فيما المتعاقدون غير ملزمين بالحضور. وبالتالي، لا يمكن دفع بدل إنتاجية شهري لأن المتعاقدين لديهم نصاب مختلف كل واحد عن الآخر. فبعض الأساتذة لديهم أقل من مئة ساعة بالسنة فيما هناك أساتذة يعلمون أكثر من 350 ساعة. ودفع بدلات الإنتاجية الشهرية للجميع بمثابة إجراء غير عادل بينهم.
بعد تصاعد صرخة المتعاقدين، تقول مصادر مطلعة أنه يتم التداول حالياً برفع أجر الساعة مرة إضافية عن القيمة الحالية (معدل بين أربعمئة وستمئة ألف ليرة)، ويضاف إليها بدل إنتاجية عن كل ساعة منفذة. والمتداول هو دفع 12 دولاراً كبدل إنتاجية عن كل ساعة منفذة، تضاف إلى أجر الساعة. لكن هذه المداولات تبقى شبيهة بالوعود الكثيرة التي تشاع بين الحين والآخر.