اللبنانيون و"تروما" الزلازل... كيف يمكن معالجة الآثار النفسية؟

يتفق الجميع على ان زلزال تركيا وسوريا المدمر أيقظ "تروما" 4 آب في نفوس اللبنانيين فذكّرهم بلعنة هذا اليوم التي تأبى ان تفارق نفوسهم والتي زادت من تعبها الازمات المتواصلة التي تضرب من كل حدب وصوب. ولكن السؤال الاهم كيف يمكننا الخروج من هذا الواقع "النفسي" السيء بأقل أضرار ممكنة خصوصًا وأن الدماغ البشري لا يمكنه ان يستوعب كل هذه الصدمات المتتالية التي يتعرض لها اللبناني اضافة الى انه لا يمكن التنبؤ علميًا بحدوث الزلازل.

مدربة حياة وبرمجة اللغة العصبية جنى عيسى أكدت في حديث عبر Kataeb.org ان مشاعر الخوف في هذه الظروف طبيعية على الا تؤثر على نمط عيش الشخص، مضيفة:" للاسف برزت في الاسابيع الاخيرة مخاوف من الاحكام المسبقة فبدأ البعض بإخفاء مشاعره الحقيقية، في حين ان الخوف هو شعور انساني وجزء من شخصيتنا البشرية، وبالتالي في حال الشعور بأي خطر  حقيقي كالهزة أو الزلازل يدخل الدماغ البشري بالـ survival mode وتختلف عندها ردة فعل الاشخاص باختلاف تجاربهم الحياتية والتراكمات والخلفيات، وهذا الشعور نعمة يدفعنا للمحافظة على حياتنا وبالتالي الخوف هنا ضروري من اي حدث يؤثر على حياة الانسان، ونكرانه عند انتهاء الحدث لا يجوز. واما الخوف الذي يمتد الى ما بعد الحدث الخطير ليصل الى حياتنا اليومية هو بسبب "تروما" موجودة عند الجميع وأيقظها الحدث بالرغم من انه من غير الضروري ان تكون مشابهة للحدث".

وتابعت:" في لحظة الخوف يجب اتباع الارشادات المطلوبة والتي باتت معروفة للجميع، ولكن لا يمكن للانسان ان يقوم بأكثر من ذلك لانه لا يمكنه التحكم بما يحصل فهي خارجة عن ارادته، لذلك يجب التسليم بهذه الامور وعدم تقييد حياتنا لان احتمالية حدوث اي امر خطر موجودة في اي لحظة، وبالتالي يجب التركيز على اللحظة الآنية اي تنفيذ الارشادات اللازمة في حال حدوث زلزال والتفكير بالنعم الموجودة حولنا، الى جانب التخفيف من قراءة الاخبار لان العقل البشري غير جاهز لهذه الكمية من المعلومات التي تصلنا اليوم والتي اعادتنا الى مشهد انفجار بيروت، فالعقل لا ينسى وفي حال عدم معالجة الصدمات العاطفية التي تمر سنتذكرها مع اي صوت نسمعه على الطريق يوميا".

وطالبت عيسى بعدم الاستخفاف بالعقد والصحة النفسية، مضيفة:" الحياة تسبب لنا مؤثرات تبرمج العقل بطريقة معينة لذلك يجب الاعتناء بصحتنا النفسية والاستغناء عن الامور التي لا تخدمنا بحياتنا وان "نغربل" الاشخاص او الافكار التي نريد الاحتفاظ بها، فضلا عن امكانية اللجوء الى معالج نفسي في حال أثرت الاحداث على حياتنا اليومية لانها قد تكون مؤشرا او انذارا بضرورة معالجة المخاوف، اما وفي حال اردنا متابعة الاخبار اليومية علينا تحديد الوقت لان كما قلنا في السابق العقل البشري لا يمكنه التعرض لهذه الكمية الكبيرة من المعلومات".

واضافت:" كل انسان مختلف عن الآخر بمبادئه ومخاوفه وتجاربه لذلك لا يمكن الطلب من الجميع العودة الى حياتهم الروتينية، ومن المهم عدم اهمال الصحة النفسية".

وردا على سؤال حول الاعتماد على الادوية للتخلص من الخوف، قالت:" هذه الادوية هدفها ضخ مادة "سيروتونين" بجسم الانسان في حين يمكن الحصول على هذه المادة من خلال طرق أخرى بديلة موجودة كالجلوس نصف ساعة في الشمس، ممارسة الرياضة او اي نشاط جسدي، الجلوس مع الاصدقاء وقضاء وقت ممتع والابتعاد عن الاشخاص السلبيين، تناول الخضار والفاكهة، ونحن لا نتحدث هنا عن الحالات الصعبة التي تتطلب اللجوء الى الدواء لمعالجتها".

ونصحت عيسى باللجوء الى قاعدة "54321" للتخلص من نوبات الهلع، وشرحت:" في لحظة الشعور بهذه النوبات يمكن للشخص استخدام هذه القاعدة، ما يعني ذكر 5 امور يراها في هذه اللحظة، 4 امور يمكن ان يلمسها، 3 امور يسمعها، امرين يمكن ان يشم رائحتهما، وامر يشعر بمذاقه، وبهذه الطريقة يعود الشخص الى الواقع من خلال ايقاظ حواسه".