"اللجان" لن تكون "مقبرة" العلاجات..المملكة تشرف على ترتيب العلاقات!

فُتحت صفحة جديدة في مسار العلاقات بين لبنان وسوريا "على قاعدة الاحترام المتبادل واستعادة الثقة، وحسن الجوار، والحفاظ على سيادة بلدينا وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لبعضنا البعض، لأن قرار سوريا للسوريين وقرار لبنان للبنانيين". هذا ما أعلنه رئيس الحكومة نواف سلام عقب زيارته دمشق الاثنين الماضي على رأس وفد وزاري.

وأفاد المكتب الإعلامي لسلام أنه جرى البحث مع الرئيس السوري أحمد الشرع والمسؤولين السوريين في ضبط الحدود والمعابر، ومنع التهريب، وصولاً إلى ترسيم الحدود براً وبحراً، والذي كان قد انطلق في لقاء جدة بين وزيري دفاع البلدين برعاية من المملكة العربية السعودية، وكان هناك تشديد من الطرفين على تعزيز التنسيق الأمني بما يحفظ استقرار البلدين. كذلك، تم التداول في تسهيل العودة الآمنة والكريمة للاجئين إلى أراضيهم ومنازلهم بمساعدة الأمم المتحدة، والدول الشقيقة والصديقة. وقد بحث الوفد اللبناني في مصير المفقودين والمعتقلين اللبنانيين في سوريا، بالإضافة إلى مطالبة السلطات السورية بالمساعدة في ملفات قضائية عدة، وتسليم المطلوبين للعدالة في لبنان، أبرزها تفجير مسجدي التقوى والسلام، وبعض الجرائم التي يُتهم بها نظام الأسد. كما جرى البحث في ملف الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية.وعلى الصعيد الاقتصادي، جرى البحث في التعاون بالمجالات المختلفة(...).

هي سلة ملفات دسمة ووازنة، تمت مناقشتها بين الدولتين. اللافت بحسب ما تقول مصادر سيادية لـ"المركزية" هو انه ومنذ الطائف، التواصلُ اللبناني السوري قائم وموجود، لكن لم يكن هدفه يوما تأمين مصلحة الدولتين والشعبين، بل استتباع لبنان وإخضاعه واستغلاله لمصلحة النظام السوري البائد وحلفائه في لبنان.

بعد الانسحاب السوري من لبنان عام ٢٠٠٥، غضِب بشار الاسد وتبدلت علاقته بلبنان وصارت تقوم على خدمة حلفائه فيه اي شركائه في محور الممانعة، من خلال تسهيل عملية مد حزب الله بالسلاح والمال الإيرانيين، وفتح الحدود امام تهريب السلاح والمسلحين والممنوعات، ليموّل المحور نفسه.

في المقابل، لم يتعاون الاسد يوماً مع اي محاولات لترسيم الحدود او ضبطها لا بل شرّعها لتدمير الاقتصاد اللبناني، فسَحَب عبرها المواد الحيوية والدولار والبضائع والدواء، من لبنان الى سوريا، كما سهّل على السوريين النزوح من بلادهم الى لبنان ولم يبد اي تجاوب مع رغبة لبنان باعادتهم الى سوريا خاصة في السنوات الاخيرة. وفي المرات النادرة التي سئل فيها عن مطلوبين للقضاء اللبناني او عن معتقلين في سوريا، دار الاذن الصماء.

هذا السلوك راكم الازمات بين الدولتين فصارت جبلا. ومع سقوط الاسد، لاحت فرصة جدية لترتيب الامور ومعالجتها. الفرصة جدية، تقول المصادر، ليس لان في سوريا سلطات جديدة فحسب، بل لانها مواكَبة سعوديا. فالرياض أخذت على عاتقها تأسيس العلاقة الجديدة بين لبنان وسوريا، والعملية هذه انطلقت في زيارة وزيري دفاع البلدين الى المملكة منذ اسابيع وتُوجت امس بزيارة سلام الى سوريا. ووفق المصادر، تم تشكيل لجان لمتابعة البحث في كل الملفات العالقة، لكنها هذه المرة، لن تكون "مقبرة" للمشاريع، لان الرياض عقدت العزم على ترتيب هذه العلاقات مرة لكل المرات، وهي ستبقى تُشرف وتسأل وتواكب بصورة دورية عن التقدم الحاصل. الجدير ذكره ان الاولوية هي لملف ضبط الحدود ومن بعدها تأتي تباعا كل القضايا الاخرى، ذلك ان ما تقوم به الرياض على هذا الخط، هو جزء من مشروع إقليمي اكبر متفق عليه بينها وواشنطن، تختم المصادر.