المؤسسات السياحية في لبنان تنفض غبار الحرب والأزمات وتستعد لانطلاقة جديدة

بدأت المؤسسات السياحية تنفض عنها غبار الحرب والأزمات الاقتصادية المتلاحقة التي مرت على لبنان، وتستعد لاستقبال المواسم المقبلة بتفاؤل مع المرحلة الجديدة التي دخلتها البلاد بعد انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة.

ويشهد وسط العاصمة الذي تضرّر بشكل كبير منذ بدء الأزمة عام 2019، مروراً بانفجار مرفأ بيروت عام 2020، وألحق أضراراً كبيرة في الأسواق التجارية في المنطقة أدت إلى إقفال المؤسسات، ورشة تأهيل تمهيداً لإعادة افتتاح كل المؤسسات التجارية والسياحية من المقاهي والمطاعم، خلال أسابيع قليلة.

وكانت العوائق الحديدية والأسمنتية التي وضعت في وسط بيروت، خلال التحركات الشعبية عام 2019، أدت إلى إقفال معظم الطرقات المؤدية إلى وسط بيروت والأسواق التجارية، ما انعكس سلباً على الحركة الاقتصادية والتجارية للمنطقة، بحيث من المتوقع أن يؤدي قرار فتحها إلى عودة الحياة إليها، وإعادة فتح المحلات التجارية التي أقفلت أبوابها.

وكما في وسط بيروت، كذلك في معظم المدن الرئيسية في لبنان، بدأت الحركة تظهر بشكل واضح، حيث بدأت عشرات الفنادق بورشة إعادة التأهيل استعداداً لاستقبال السياح العرب والأجانب، فيما من المتوقع أن يعاد فتح أكثر من 150 مؤسسة سياحية، لا سيما من المقاهي والمطاعم، مع بداية فصل الصيف، بحسب ما يقول نقيب أصحاب المطاعم والمقاهي في لبنان، أنطوان الرامي، الذي يبدي تفاؤلاً بتحقيق الاستقرار في الفترة المقبلة، ما من شأنه أن ينعكس إيجاباً على كل القطاعات في لبنان، ولا سيما السياحية منها.

ويلفت الرامي إلى أن قطاع المطاعم والمقاهي استطاع أن يصمد ويتجاوز الأزمات، وهو يعوّل اليوم على الاستقرار الذي يشهده لبنان لينعكس ثقة لدى السائح والمستثمر على حد سواء، متمنياً أن تعمل وزارة السياحة في الحكومة الجديدة على إصلاحات، وتحديداً «تشريعات سياحية تواكب المؤسسات الجديدة وتحمي المؤسسات الشرعية».

وهذا التفاؤل يأتي بعد خسائر كبيرة لحقت بقطاع السياحة في لبنان، وهي تقدر بـ50 في المائة عام 2024، مقارنة بعام 2023 الذي شكّل نهضة وإن كانت محدودة، مقارنة مع السنوات الأربع السابقة، بحيث بلغ الدخل السياحي عام 2023 نحو 5 مليارات دولارات، وتدنّت إلى النصف عام 2024، بحسب الرامي، علماً بأن خسائر الحرب الإسرائيلية على كل القطاعات في لبنان قدّرت بأكثر من 10 مليارات دولار أميركي.

وأول نتائج هذا الاستقرار السياسي ستكون، بحسب الرامي، مع بداية شهر رمضان المبارك حيث تستعد مطاعم ومقاهٍ لفتح أبوابها، ومن ثم في عيدي الفطر المبارك والفصح المجيد.

مع العلم أنه قبل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي بدأت في لبنان عام 2019، كان يبلغ عدد المؤسسات السياحية نحو 8500 مؤسسة، لينخفض العدد إلى 4600 مؤسسة عام 2024، حيث أقفل نحو 4 آلاف مؤسسة في مختلف المناطق اللبنانية، ولا سيما في البقاع والجنوب، فيما سجّل افتتاح 300 مؤسسة جديدة في صيف عام 2024، رغم كل الصعوبات والأوضاع الصعبة في لبنان.

وفي الإطار نفسه، يتحدث رئيس اتحاد النقابات السياحية ونقيب أصحاب الفنادق، بيار الأشقر، مشيراً إلى أن الأجواء الإيجابية الحاصلة في لبنان بعد انتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة والبيان الوزاري، دفعت أصحاب الفنادق في بيروت ومختلف المناطق إلى إعادة تأهيل مؤسساتهم، استعداداً لاستقبال السياح العرب والأجانب.

مع العلم أنه إذا كان قطاع المطاعم والفنادق يعتمد في جزء لا بأس منه على المقيمين في لبنان، وهو ما يجعله أقل تأثيراً من قطاع الفنادق، فإن الأخير الذي تلقى خسائر كبيرة خلال الحرب والسنوات الماضية، يعوّل بشكل أساسي على السياح والمغتربين الذين ترتبط زيارتهم إلى لبنان بطبيعة الأوضاع، ولا سيما الأمنية منها والسياسة.

وكان الأشقر حذّر، في بيان له، من أن الأحداث التي سجلت قبل أيام «من شغب في الشارع وإقفال طرقات لا سيما طريق المطار، من شأنه أن يترك أثراً سلبياً على اندفاعة القطاع السياحي الإيجابية». ونبه الأشقر «من تكرار مثل هذه الأعمال؛ كونها أعمالاً مخلة بالأمن، وتمس بالاستقرار، وهذا ما يعدّ العدو الأول للسياحة في أي بلد في العالم»، مبدياً «تفاؤله بحصول نهضة سياحية في لبنان، مرتكزاً في ذلك على خطاب القسم لرئيس الجمهورية الذي يشكل خريطة طريق لتفعيل السياحة وتنميتها والذي تجسّد أيضاً في البيان الوزاري».

وعلق الأشقر آمالاً كبيرة على زيارة رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون إلى السعودية والدول الخليجية؛ لعودة الأشقاء الخليجيين والتي سيكون لها تأثير إيجابي كبير ليس على السياحة فحسب، ولكن على مختلف القطاعات الاقتصادية.

وكان عدد الوافدين إلى لبنان عام 2023 قد وصل إلى قرابة المليون ونصف المليون، بحيث أظهرت أرقام مطار رفيق الحريري الدولي، وصول مليون و300 ألف وافد بين أشهر يونيو (حزيران) ويوليو (تموز) وأغسطس (آب)، بينما تراوحت نسبة الحجوزات في الفنادق بين 80 و100 في المائة في هذه الأشهر، وهو الأمر الذي انعكس إيجاباً على قطاعات سياحية أخرى أبرزها المطاعم والمقاهي وشركات تأجير السيارات، لتعود الأرقام وتتدنى بشكل غير مسبوق عام 2024 ولا سيما في الفصل الأخير مع توسع الحرب الإسرائيلية التي أدت إلى مغادرة المغتربين خلال أيام لبنان، ومن ثم توقف رحلات جميع شركات الطيران الأجنبية والعربية.