المانحون: لا مؤتمرات لدعم الجيش قبل حصر السلاح والإصلاح

ثمة شكوك حقيقية في ما إذا كان مؤتمر دعم الجيش اللبناني، المقرر مبدئيّاً في تشرين الأول المقبل في الرياض، سيُعقد أو سيتمّ تأجيله. المؤتمر كان يفترض أن يُعقد في باريس، الشريكة الفاعلة في تنظيمه، إلا أن اتفاقًا غير معلن أدّى إلى نقله إلى الرياض. ومن أهداف المؤتمر دعم الجيش اللبناني عسكريًا، بالتزامن مع الزخم الدولي الذي رافق انتخاب جوزاف عون رئيسًا للجمهورية وتشكيل نوّاف سلام للحكومة بدفع سعودي-أميركي واضح. لكن مصادر دبلوماسية أفادت لـ "المدن" بأن لا مؤتمرات دولية مرتقبة لدعم لبنان في المرحلة القريبة، لا في الرياض ولا في باريس. ويعود ذلك إلى تمسّك الجهات المانحة بشروط أساسية لتقديم أيّ مساعدات أو قروض، وفي مقدّمها حصر السلاح في يد الدولة وتنفيذ الإصلاحات المطلوبة على مختلف المستويات.

من باريس إلى الرياض: تغيير المكان لا الهدف

 وكانت فرنسا قد تعهّدت تنظيم ثلاثة مؤتمرات: الأول لدعم الجيش، والثاني لإعادة الإعمار، والثالث للإصلاح. ويُعتبر مؤتمر دعم الجيش اللبناني الوحيد الذي نُقل إلى رعاية المملكة العربية السعودية، في حين لا تزال باريس مقرًّا لمؤتمري الإعمار والإصلاح. وبحسب مصادر مطلعة على التحضيرات تحدّثت إلى"المدن"، فإن فرنسا تنسّق مع السعودية لإنجاح المؤتمر، في حال انعقاده، والذي سيشارك فيه رئيس الحكومة نواف سلام.

وترى المصادر أنّ المملكة العربية السعودية، أصبحت بحكم موقعها القوي والفاعل، أكثر انخراطًا في ملفات الأمن والدفاع في المنطقة، فيما ترى مصادر فرنسية أنّ الأوضاع الاقتصادية والسياسية الداخلية في فرنسا والتحدّيات التي يواجهها الرئيس الفرنسي لا تسمح لباريس باستضافة مؤتمر بهذا الحجم، ولكن سيبقى مكان انعقاد مؤتمري إعادة الإعمار والإصلاح في العاصمة الفرنسية. ومن جهة أخرى، أكّدت مصادر فرنسية  أن دعم الجيش اللبناني سيكون مشروطًا بمضي الحكومة والمؤسسة العسكرية في المسار الإصلاحي، وعلى رأسه حصر السلاح في يد الدولة اللبنانية.

هل يُترجم الدعم السعودي للحكومة اللبنانية؟

تُعتبر هذه المبادرة السعودية بمثابة دعم مباشر لحكومة الرئيس نواف سلام، خصوصاً أن العلاقة بينه وبين المملكة باتت واضحة ومتينة، وهو يحظى بثقة كبيرة لدى القيادة السعودية. ويأتي هذا الزخم نتيجة للقرارات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة اللبنانية، وعلى رأسها تبنّي خطة الجيش لحصر السلاح بيد الدولة، وهي خطوات لاقت ترحيبًا دوليًا واسعًا. إلا أن مصادر دبلوماسية اعتبرت  أن "العبرة تبقى بالتنفيذ".

وليس هذا أول دعم سعودي للمؤسسة العسكرية اللبنانية. ففي كانون الأول 2013، وعدت السعودية حكومة الرئيس سعد الحريري بتقديم هبة بقيمة 3 مليارات دولار لشراء أسلحة فرنسية لصالح الجيش. كما شهدت باريس العام الماضي مؤتمرًا لدعم لبنان، خُصص منه 200 مليون دولار للجيش اللبناني. لكن حتى اليوم لم يصل أي مبلغ فعلي، بحسب ما أفادت مصادر عسكرية لـ"المدن".

ما الذي يحتاجه الجيش اللبناني؟

أكدت مصادر دبلوماسية لـ"المدن" أن فرنسا والسعودية ستطلبان من الحكومة اللبنانية تقديم لائحة مفصّلة بحاجات الجيش اللبناني، تشمل المعدات والتجهيزات المطلوبة. وكان الجيش قد اعتاد تقديم تقارير دورية تتضمّن حاجاته اللوجستية والعسكرية، وتُناقش هذه اللوائح مع الجهات الدولية المانحة، لكن لم يتحقق الكثير منها حتى الآن.

وتشمل الحاجات الأساسية: دعم القوات البحرية بشكل خاص، أسلحة مضادة للطائرات والدروع، تجهيزات إلكترونية وتقنية، أجهزة اتصالات ولاسلكي حديثة، معدات هندسية لتفكيك المتفجرات وغيرها.

وبحسب المصادر، فإن ما حصل عليه الجيش حتى اليوم لا يزال زهيدًا مقارنة بالحاجة الفعلية، علماً بأنّ الولايات المتحدة الأميركية كانت قد قدّمت هبة للجيش ب 14.2 مليون دولار، لكنّها تقتصر على عتاد مخصص للعمل في المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني.