المصدر: النهار
الأحد 9 تشرين الثاني 2025 07:23:49
يزداد الواقع اللبناني غموضاً مشوباً بقلق تصاعدي حيال التهديدات الإسرائيلية بضربة واسعة في لبنان اذ يخشى أن تدور الجهود والمواقف المتصلة بالسعي إلى تجنب الضربة التي تزداد مؤشراتها في حلقة مقفلة نظراً إلى عدم بلورة موقف أميركي ضاغط يتبنى الاستعدادات المتكررة للرئيس اللبناني جوزف عون للتفاوض فيما تنذر التطورات الميدانية بتصعيد متدرج. وبدا من التطورات التي تعاقبت في الأيام الأخيرة ان المفاعيل الشديدة السلبية التي اثارها الكتاب المفتوح الذي وجهه "حزب الله" إلى الرؤساء الثلاثة لم تقف عند الحدود السياسية الداخلية بل تمددت أولا ميدانياً بحيث تلقفت إسرائيل هذا التصرف المستقوي للحزب على الدولة اللبنانية بتصعيد لافت وفوري في غاراتها واغتيالاتها لأعضاء وكوادر في حزب الله، كما ان الانعكاسات تمددت إلى الجهود الديبلوماسية المبذولة للوقوف إلى جانب لبنان وتجنيبه تجرع كأس حرب جديدة.
في هذا السياق تواصل القاهرة مساعيها بين بيروت وتل ابيب، لمنع التصعيد، والتي كانت بدأت مع زيارة قام بها مدير المخابرات العامة المصرية حسن رشاد الى لبنان في الايام الماضية. وتحدثت معلومات عن لقاء جرى بين مدير المخابرات العامة المصرية ومسؤولين فرنسيين في الأيام الأخيرة خصص للبحث في الملف اللبناني. وفي سياق متصل، أفادت المعلومات إنه من المتوقع أن يوضح حزب الله موقفه للجانب المصري، بعد انزعاج القاهرة من البيان الأخير الذي أصدره الحزب، والموجه للرؤساء الثلاثة في لبنان.
وأمس أجرى وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي اتصالاً هاتفياً برئيس مجلس الوزراء نواف سلام، تناول تطورات الأوضاع في جنوب لبنان والجهود الجارية لخفض التصعيد وتحقيق التهدئة، بحسب ما أفادت الخارجية المصرية في بيان. وأكد الوزير عبد العاطي خلال الاتصال الرفض الكامل للمساس بسيادة لبنان ووحدة وسلامة أراضيه، مشدداً على أهمية خفض التوتر وتغليب مسار التهدئة بما يحافظ على أمن واستقرار لبنان والمنطقة. وجدد الوزير عبد العاطي التأكيد على موقف مصر الثابت والراسخ في دعم سيادة لبنان ووحدته الوطنية واستقلال قراره، وبسط سيطرة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها، فضلاً عن دعم مؤسساتها الوطنية لتمكينها من الاضطلاع الكامل بمسؤولياتها في الحفاظ على استقرار البلاد وصون أمنها، وتعزيز قدرتها على مواجهة التحديات الراهنة بما يصون مصالح الشعب اللبناني الشقيق.
في التحركات الديبلوماسية الخارجية المواكبة للتطورات اللبنانية، يغادر رئيس الجمهورية العماد جوزف عون صباح غد الاثنين بيروت متوجهاً إلى صوفيا في زيارة رسمية تلبية لدعوة من الرئيس البلغاري رومن راديف، وذلك قبيل احتفال البلدين العام المقبل بالذكرى الستين لاقامة العلاقات الديبلوماسية الثنائية.
في غضون ذلك، بقي بيان الحزب يتفاعل في الداخل. وحمل رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل بشدة على حزب الله، مشيراً إلى أن الحزب "يدمّر جهود رئيس الجمهورية جوزف عون" ويُسهل الاعتداءات الإسرائيلية، في الوقت الذي يتمسك فيه بسلاحه بدلاً من دعم موقف الرئيس عون في التفاوض لحماية لبنان وسيادته ، واعتبر ان حزب الله، من خلال تمسكه بسلاحه، يعرقل أي فرصة للتفاوض الجاد مع إسرائيل، وهو ما يُصعّب الوصول إلى تسوية سياسية قادرة على إنهاء الحرب في الجنوب بشكل نهائي. وأكد الجميّل أنه مع أي شكل من أشكال التفاوض مع إسرائيل، سواء كان ذلك مباشراً أو غير مباشر، بما في ذلك التفاوض السياسي، المدني أو العسكري، إذا كان ذلك سيؤدي إلى حماية لبنان وأمنه. كما أشار إلى ضرورة مشاركة رئيس الجمهورية في هذه العملية إذا اقتضت الحاجة، منوهاً إلى أن الهدف الأسمى هو إنهاء الحرب في الجنوب بشكل نهائي.
وفي ما يتعلق بقانون الحكومة، أكد الجميّل على ضرورة أن يُدرج رئيس المجلس النيابي نبيه بري مشروع قانون الحكومة على جدول أعمال البرلمان، مشددًا على أن الموضوع عاجل وملح. ورفض الجميّل فكرة أن يقرر رئيس المجلس نتيجة النقاش نيابة عن الجميع، مؤكدًا أن الديمقراطية هي التي يجب أن تحسم النقاشات.
كما ان رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع لفت إلى أن "هذا الأسبوع شهد رسالةً وجّهها "حزب الله" إلى "الرؤساء الثلاثة"، آسفاً لبقاء هذا المصطلح، مضيفا "قالوا يا عنتر مين عنترك؟ ردّ: عنترت وما حدا ردّني"، لعلّ اليوم هناك من يَردّه". وتحدث عن ثلاث ملاحظات على الرسالة، متوجها لـ "حزب الله": "الملاحظة الأولى: لا يمكنك أن تقول "أريد أن أعتمد خيار المقاومة أو لا أعتمد هذا الخيار". هذا ليس من شأنك. أنت تعيش في دولةٍ لها رئيسُ جمهوريّة انتخبه نحو مئة نائب قبل قرابة عشرة أشهر ولها حكومةٌ نالت الثقة مرّتَين من المجلس النيابي، ولها مجلسٌ نيابيّ انتخبته أنت كما انتخبه اللبنانيّون جميعًا. أي إن لدينا دولةً مكتملة الأوصاف. لا يمكنك أن تقول "أنا أريد أن أتمسّك بخيار المقاومة". لا يمكنك أن تتمسّك بشيء، وإلّا فـ"البلد فارط". إمّا هناك دولة وإمّا لا دولة. إذا كان هناك دولة فهي التي تتّخذ هذه القرارات، وكانت قد أتخذت قرارًا بجمع السلاح داخلها، وبحصر قرار السلم والحرب فيها". والملاحظة الثانية: تقول إنّك "تقيّدتَ تقيّدًا تامًّا باتّفاق وقف إطلاق النار" المُبرَم منذ نحو سنة. وهذا خطأٌ صريح. فمقتضى ذلك الاتّفاق أن تَحُلّ تنظيماتَك العسكريّة والأمنيّة وأن تُسلَّم السلاح إلى الدولة. ماذا أنجزتَ من ذلك؟ الملاحظة الثالثة: تزعم أنّنا، تحت ضغوطٍ أميركيّة وإسرائيليّة، نطالب بحلّ "المقاومة". وهذا غير صحيح. نحن، قبل الأميركيّين والعرب والغرب والإسرائيليّين، نريد دولةً فعليّة. ولا تكون الدولة دولةً فعليّة إلّا بجمع السلاح في كنفها وحصرِ قرار السلم والحرب فيها".
في المقابل مضى حزب الله في المكابرة فأعلن عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن عز الدين "أننا لا نحتاج اليوم إلى إذن أو إجازة من أحد لندافع عن أرضنا وكرامتنا ووطننا، ولذلك نحتفظ بحقنا في المقاومة، خاصة وأن العدو يصعّد في عدوانه ويسعى لتحقيق ما عجز عنه خلال الحرب في الميدان، وهو متفلّت من أية ضوابط وقيود".
ميدانياً استهدفت امس مسيرة اسرائيلية سيارة في برعشيت في قضاء بنت جبيل مما أدى إلى مقتل مواطن وإصابة أربعة بجروح . واستهدفت غارة قبل الظهر سيارة في راشيا الوادي تسببت بسقوط قتيلين هما شقيقان من بلدة شبعا قال الجيش الاسرائيلي انهما عنصران في حزب الله. و نفذت مسيرة إسرائيلية أيضا غارة جوية بصاروخين موجهين مستهدفة سيارة قرب مستشفى صلاح غندور في مدينة بنت جبيل ما ادى الى إصابة سبعة مواطنين بجروح وفق وزارة لوزارة الصحة.