المصدر: الديار
الكاتب: ندى عبد الرزاق
السبت 27 نيسان 2024 09:03:50
مما لا شك فيه، ان آفة ظهور المخدرات في المدارس من الآفات الاجتماعية الخطرة التي تهدد الشباب والمجتمع والاسرة وحتى الحياة بشكل عام، ويشكّل انتشار هذه الظاهرة تحديا كبيرا في لبنان، حيث يتزايد عدد الطلاب الذين يقعون ضحية لهذا الإدمان، وقد يصبح لدى المدمن رغبة قهرية للاستمرار. الى جانب ذلك، يسبب تناول الممنوعات اضطرابا نفسيا وجسدياً ضارا وله تأثيرات مرعبة في الاجيال الناشئة، حيث يؤثر في صحتهم الجسدية والعقلية مما يستدعي تدخلا فوريا وفعالا لمواجهة هذه الحالة.
وفي الإطار، أصبحت الظروف الاقتصادية الضيقة والأوضاع الاجتماعية الصعبة في لبنان، تعتبر حجّة من لا حُجّة له، للتنصل من المسؤولية وبالتالي رمي التهمة عن ظهر الجهة المتهمة. فذيوع هذه المشكلة غير مرتبط بضعف البنية التحتية وانعدام الرقابة، وانما يتعلق بشكل مباشر بالوعي والتربية والضمير العائلي، لان الطفل يتأثر بأفعال وأقوال وتصرفات والديه. فكل راع مسؤول عن رعيته، وهذه القاعدة تجري على الاب والام على حد سواء، والا لا فائدة من تكوين اسرة في الأساس، وبالتالي تقويض الأبناء تحت شعارات سخيفة لتبرير افعالهم الدميمة بحق قصّرهم. لذلك، يجب اتخاذ إجراءات شاملة وحازمة لتعزيز الوعي بأخطار تعاطي المخدرات وتقديم الدعم والمساعدة للأهالي النازحين بشكل خاص الى جانب الطلاب الذين يواجهون هذه المعضلة، بغية حماية مستقبلهم وبناء مجتمع أكثر صحة واستقرارا.
تفاصيل الواقعة.. ماذا جرى في ثانوية عانوت!
بالموازاة، كشفت ممثلة المتعاقدين في الثانوي منتهى فواز لـ "الديار" عن "ان تلميذا من التابعية السورية جلب معه كميات من حشيشة الكيف من البقاع حيث كان موجودا برفقة عائلته، وحاول توزيعها على زملائه في الصف؛ الا ان الطلاب رفضوا الاخذ منها واستنكروا هذا الفعل لإلمامهم الكافي بمدى خطورة هذه المادة، وبالتالي نجوا من الغرق في مستنقع قذر وأخبروا الإدارة على الفور".
وأشارت الى "ان المديرة بدأت التحقيق في الموضوع وتأكدت من وجود المخدرات بحوزة التلميذ، وسارعت للاتصال بوزارة التربية التي طلبت منها ابلاغ الامن ومخفر شحيم و "المعلومات" في المنطقة التي بدورها اخذت التلميذ وباشرت استجوابه، ليتبين لاحقا من خلال محادثات تعود الى التلميذ على تطبيق "الواتساب" انه كان يروج المخدرات ويحاول اقناع رفاقه بتجربتها لأنها تجعلهم سعداء "مزهزهين" وغيرها من الجمل المنمقة التي كان يستخدمها، الا ان الأجهزة المعنية كشفت القصة كاملة وأبقت على المحادثات".
واضافت "الجانب الإيجابي الوحيد في هذه الحادثة ان الطلاب لم يختبروا هذه المادة، وبالرغم من ذلك، لو دخلت هذه الافة الى مدارسنا لكنّا ساعتئذ امام كارثة حقيقية وخطرة تهدد امن أولادنا وطلابنا، وبصراحة قد "يخرب" المجتمع.
اين "التربية" و "مديرية الارشاد"؟
وفي هذا المجال، أكد مصدر في لجنة الأساتذة المتعاقدين لـ "الديار" "ان رواية توزيع المخدرات في ثانوية عانوت صحيحة 100%، والهيئة التربوية بانتظار اتخاذ الاجراء المناسب بحق التلميذ الذي يروّجها. طبعا تم توقيفه وبات بعهدة قوى الامن لاستنطاقه ومعرفة التدبير الصحيح في هذه القضية لان المسوّق لا يزال قاصرا".
وأردف "من المفترض التواصل أولا مع مديرية الارشاد والتوجيه كونها المسؤولة عن مثل هذه الأمور، لكن التلميذ نقل حاليا الى الاحداث ليتعالج، وينبغي الا يعود الى المدرسة".
هل حصل الدمج؟
يوضح المصدر "إذا أردنا التحدث عن قضايا متشابكة تحت عنوان النزوح، فالوضع الأمني في سوريا اليوم بات أكثر امانا من لبنان، لذلك يجب معالجة هذا الموضوع سياسيا وإعادة هؤلاء الى بلدهم ومناطقهم على ان يتم ذلك ضمن الطرق القانونية".
وختم "ان فترة النزوح التي استغرقت أكثر من 12 عاما من المفترض ان تنتهي لان النازحين لا يدفعون الضرائب المتوجبة عليهم للدولة اللبنانية، كما تسببوا بمشكلات اجتماعية كثيرة وأحدثوا صدوعاً عميقة في هيكلية المجتمع".
اختلاف المحيط يؤثر!
من جهتها، أكدت الباحثة في علم الاجتماع، الدكتورة يمنى ياسين لـ "الديار" "ان البيئات المختلفة يمكن أن تؤثر في ديموغرافية طلاب البلد المضيف، بمعنى آخر إذا كانت المخدرات جزءا من الثقافة أو العادات الموروثة في البلد المنشأ للنازحين، فقد يكون لذلك سطوة على هؤلاء والمواطنين الأصليين معا. مما قد يدفع المراهقين لا سيما القصّر إلى تجربة استخدامها، سواء كان ذلك للتسلية أو للاندماج".
وأردفت "من الأهمية بمكان توفير برامج توعية وتثقيفية للشباب والطلاب في الدوامين الصباحي والمسائي في جميع المدارس اللبنانية حول أضرار ومخاطر الادمان، بالإضافة إلى تامين مناخ صحي ومساند يشجع على اعتماد طرق حياتية سليمة بما في ذلك الدعم النفسي والاجتماعي لهم لمجابهة التحديات التي قد يواجهونها".
المحظورات تُهلك الحياة
من جانبها، أوضحت الاختصاصية النفسية غنوة يونس لـ "الديار" أن تعاطي المخدرات في سن مبكرة يمكن أن يؤدي إلى تدمير النمو العقلي للأطفال، مما يؤثر في قدرتهم على التعلم واتخاذ القرارات الصحيحة في المستقبل. كما قد يزيد من احتمالية تطور الازمات الصحية والعاطفية، بما في ذلك الإدمان والأمراض النفسية".
وشددت "على أهمية توعية هذه الفئة العمرية من المجتمع بأخطار هذا البلاء وتوفير المؤازرة والمساعدة لهم للوقاية من هذا الخطر والحفاظ على صحتهم العقلية والجسدية".