المصدر: إرم نيوز
الأربعاء 1 تشرين الأول 2025 20:32:27
دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قادة الجيش إلى استخدام المدن الأمريكية كـ"ساحات تدريب" للقوات المسلحة والحرس الوطني؛ بحجة مواجهة ما وصفه بـ"الحرب من الداخل"، في خطوة أثارت جدلًا واسعًا.
وكشف "ديفينس نيوز"، أن هذه التصريحات جاءت خلال لقاءٍ بقاعدة كوانتيكو بولاية فيرجينيا، بحضور كبار الجنرالات والأدميرالات.
عسكرة أم ضرورة أمنية؟
وبحسب مصادر، فإن ترامب شدد على أن "الدفاع عن الوطن هو الأولوية الأهم"، ملوحًا بأن الجيش يمكن أن يساعد أجهزة الأمن الفيدرالية في مواجهة ما وصفه بـ"غزو داخلي" داخل المدن التي يقودها الديمقراطيون مثل شيكاغو ونيويورك، كما سبق وأن أصدر من البيت الأبيض أوامر بنشر الحرس الوطني في العاصمة واشنطن بعد إعلان حالة طوارئ عامة.
وفي مقارنة مثيرة للجدل، قال ترامب إن العاصمة الأمريكية كانت "أكثر خطورة من أفغانستان" قبل تدخل الحرس الوطني في أغسطس، غير أن هذه التصريحات تتناقض مع بيانات مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) التي تشير إلى أن مدنًا مثل كليفلاند، وسانت لويس، وممفيس، تتصدر معدلات الجريمة، بينما تشهد واشنطن تراجعًا ملحوظًا في جرائم القتل منذ عام 2020.
البيت الأبيض يواجه القضاء
تزامنًا مع نشر الحرس الوطني في بورتلاند بولاية أوريغون وممفيس بولاية تينيسي، لجأت سلطات الولايات الديمقراطية إلى القضاء؛ للطعن في قرارات الإدارة، وهذه الدعوى القضائية المرفوعة في أوريغون تتهم ترامب ووزير الأمن الداخلي كريستي نويم بتجاوز الصلاحيات الدستورية وفرض "احتلال عسكري داخلي" على خلفية مزاعم "مبالغ فيها" عن وجود تهديدات إرهابية داخلية.
مواجهة بين الأمن الفيدرالي والولايات
وفي نصِّ الدعوى، اعتبر المسؤولون المحليون أن وصف ترامب لبورتلاند بأنها "مدينة محاصرة بالإرهاب الداخلي" يفتقد للمصداقية؛ خصوصًا أن إحصاءات الشرطة هناك كشفت عن أكثر من 100 بلاغ عند مبنى تابع لوكالة الهجرة والجمارك لأسباب متنوعة، بينها اضطرابات ومشاجرات، إضافة إلى احتجاجات محدودة، لكن الإدارة الفيدرالية صورَّت الأمر كتهديد يستدعي عسكرة المشهد.
قلق داخل المؤسسة العسكرية
كما أثارت تصريحات ترامب وخططه لزج الجيش في إدارة المدن قلق عدد من القادة العسكريين الحاليين والمتقاعدين، وحذّر بعضهم من أن تكرار هذه السياسات سيحوّل الجيش في نظر المواطنين من مؤسسة وطنية إلى "أداة قمعية".
وفي هذا السياق صرّح الجنرال المتقاعد راندي مانر، نائب رئيس مكتب الحرس الوطني سابقًا: "لن يُنظر بعد الآن إلى الجيش كجزء من المجتمع، بل كـمسلحين في زي رسمي".
الأمن أم الدعاية؟
وبينما يؤكد البيت الأبيض أن انتشار أكثر من 2200 عنصر من الحرس الوطني في واشنطن ساهم في خفض معدلات الجريمة، تقول المعارضة إن الهدف سياسي بالأساس، ووفقًا لبيانات قوات المهام المشتركة، شارك عناصر الحرس في أعمال خدمية أيضًا مثل تنظيف الشوارع، وتشجير المتنزهات، وجمع آلاف الأكياس من النفايات.
معضلة العلاقة بين الجيش والمجتمع
لكن مراقبين أكدوا أن النقاش الأوسع يتمحور حول سؤال جوهري: هل ما يطرحه ترامب يمثل حماية للداخل أم بداية لتغيير طبيعة النظام المدني في الولايات المتحدة؟
بالنسبة لمعارضيه، تشكل عسكرة المدن خطرًا على التوازن بين السلطات، بينما يراها مؤيدوه حلًا عمليًا لمدن "فقدت السيطرة على أمنها".
ومن المرجَّح أن يضع مقترح ترامب باستخدام المدن الأمريكية كـ"ميادين تدريب عسكري" الولايات المتحدة أمام معضلة استراتيجية: حماية الأمن الداخلي بأي ثمن، أم حماية العقد الاجتماعي الذي يفصل بين الجيش والمجتمع المدني؟