المرتضى يغمز من قناة باسيل: من لا يعرف بناء السدود لتجميع المياه يحاول إقامة أشباه لها بين المواطنين

رأى وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال القاضي محمد وسام المرتضى أن "الأوفياء لهذا الوطن الحبيب، يمضهم أن البعض ممن لا يعرف بناء السدود لتجميع المياه، يحاولون إقامة أشباه لها ما بين المواطنين، لتجميعهم وراء إسمنت المكونات التي، على الرغم من ثراء تراثها الروحي والمناقبي، استطاع بعض سياسييها أن يكبلوا مناصريهم بسلاسل التعصب ضد الآخر، والخوف منه، ورفضه باستمرار".

وقال: "حتى إن قوما منا صوروا الحوار جريمة حرب، وآخرين ألهاهم الشقاق والمناكفات عن غوث البلد الجريح، وفئة نادت بما يناقض القيم التي تحصن مجتمعنا، فعوضا عن الركون الى الحوار والتكاتف والتعاون للخلاص من أزماتنا، ينبري من يروج للشذوذ الأخلاقي او يمعن في ممارسة الشذوذ السياسي، كل ذلك في وقت تكاد فيه مؤسسات الدولة أن تلفظ أنفاسها الأخيرة".

أضاف: "إنني من هنا، من طرابلس، مدينة اللقاء والعيش الواحد، الجامعة لكل أشكال الغنى والفقر في آن معا، المقيمة على فرح أمسها وجرح يومها، أعلن أن لا سبيل لنا إلا تلبية دعوة دولة الرئيس نبيه بري للحوار تمهيدا لبناء جسور التلاقي والتعاون والتفاهم من أجل تحقيق الخير العام. التعصب لا يبني وطنا. الخوف لا يبني وطنا. التقوقع والفدرلة يخدمان إسرائيل ويهدمان لبنان".

وشدد على أن "العائلة اللبنانية الصغرى كما الكبرى ينبغي لها أن تظل على اتحاد وثيق، قائما كيانها على المحبة والتكاتف ومكارم الأخلاق وعيش المعية".

كلام الوزير المرتضى جاء خلال رعايته حفل تكريم أقامته وزارة الثقافة للمفكر الاديب والمحامي حسين ضناوي في مقر الرابطة الثقافية في طرابلس.

ومما جاء في كلمة الوزير المرتضى: "من عادة المحامين في جلسات اختتام المحاكمة أن يكرروا أقوالهم، ويطلبوا الحكم بقبول الدعوى أو بردها، وذلك حسب وقوفهم إلى يمين القوس أو شمالها.

اليوم، يغريني المقام بأن أقلب الدور قليلا، وأتولى أنا القاضي، تكرار أقوال من اعتلى هذا المنبر من الخطباء الذين قدموا جميعهم لوائح من حبر وعطر، في الشهادة لحسين ضناوي المحامي والمفكر والناشط الثقافي والوجه الوطني، الذي تؤرخ له بمفردات العطاء الباذخ، سيرة زاخرة الألق... من حاء اسمه حتى ياء شهرته".

وتابع: "ويغريني المقام نفسه أيضا، قبل قلب الأدوار والتكرار، بأن أضيف نفحة أخرى من العطر المهراق على هذه العشية، خلاصة إكسيره : أنني أعرف حسينا منذ أول عهدي بطرابلس، رجلا منذورا للثقافة... منذ أول عهده بالوعي الشخصي والوطني. بل لعلي لا أبالغ إذا قلت إنه تنشقها بملء جوارحه، كما يتنشق الشعاع الماء ويمضي به إلى حيث يصير سحائب خير. وتعاطاها نسغا يجري في أعماق الحياة، لا طلاء خارجيا يزين المظاهر كوشم الحناء ودهن المساحيق فهو لم "ينصب خيطها" (والتعبير لجرمانوس جرمانوس) وسيلة لذيوع الصيت أو لإيقاع الناس في الوهم، وصولا إلى استجلاب المنافع المادية".

ولفت الى  أن "الثقافة كانت لحسين ضناوي، وما برحت، منهاج عيش مزدان بالترفع، وخفقان وجدان، وخريطة طريق لبناء وطن من فكر ومن كلمات، يستحق أبناؤه الانتماء إلى تاريخه وحاضره ومستقبله".

وقال: "حسين ضناوي إذا، قرين انتماء، وصائغ قلائد من ذهب الثقافة، مرصعة بجواهر التاريخ والدراسات والسيرة والقصة والسياسة والصحافة وفن المحاماة، وطرائق الحياة اليومية التي تنقل في أحوالها، فما بدل عن صراط الحرية والديمقراطية والقيم تبديلا. ذلك أنه عرف وآمن بأن الثقافة إبداع حر لا يحد له فضاء، بها يعاد ترتيب أشياء الوجود على أبهى من طبيعتها، وأن الحرية لا ينبغي لها أن تصطدم بالسلامة العامة؛ فعندما يقرع الخطر جدار الكينونة الإنسانية الحضارية حتى يكاد يتصدع، فعند ذاك لا سبيل إلى البقاء إلا بتجنيد القوى الروحية والنفسية الإبداعية من أجل حماية الإنسان، كل إنسان. من هنا كانت الثقافة عنده التزاما بالحق مهنة، والجمال أدبا، والخير صنعا، على دماثة خلق لا يتقنها إلا من شفت نفوسهم حتى البلورية.

ولعل من ميزات الأستاذ حسين ضناوي الأساسية التي لم يحد عنها البتة، (بحسب ما كنت قد سمعته شخصيا من المرحوم الرئيس سعيد عدرة) قدرته على الإصغاء بصمت وانتباه، مهما كان الحديث وأيا كان المحدث. ذلك يذكر بقول أبي تمام:

وتراه يصغي للحديث بقلبه       وبسمعه... ولعله أدرى به

هذه الميزة ازدحمت فيه مع أخت لها، تماهت بها كما المد بالجزر على شاطئ طرابلس، هي الجرأة في التخلي الإرادي عن أي موقع، والعودة إلى سكينة النفس، مع التشبث في الوقت نفسه بمواصلة النضال المعرفي من أجل الذات والمجتمع؛ فحسين ضناوي مؤمن بأن السلطة، صغيرة كانت أم كبيرة، كمنعطفات الفورمولا، لا يصعب دخولها، بل الصعوبة كلها في الخروج منها بسلامة متجسدة  بنظافة الكف وراحة الضمير وصفاء السريرة".

وأستطرد وزير الثقافة قائلا: "بالحديث عن السلطة أيها الأصدقاء كنت عزمت على تحاشي التطرق إلى السياسة في هذه العشية، فإذا بنقطة حبر تتسرب عفوا من ريشة قلمي، وتنسكب رويدا على أرض الخطاب فلم أشأ كتمانها. وهي أن الأوفياء لهذا الوطن الحبيب، يمضهم أن البعض ممن لا يعرف بناء السدود لتجميع المياه، يحاولون إقامة أشباه لها ما بين المواطنين، لتجميعهم وراء إسمنت المكونات التي، على الرغم من ثراء تراثها الروحي والمناقبي، استطاع بعض سياسييها أن يكبلوا مناصريهم بسلاسل التعصب ضد الآخر، والخوف منه، ورفضه باستمرار. حتى إن قوما منا صوروا الحوار جريمة حرب، وآخرين ألهاهم الشقاق والمناكفات عن غوث البلد الجريح، وفئة نادت بما يناقض القيم التي تحصن مجتمعنا.... فعوضا عن الركون الى الحوار والتكاتف والتعاون للخلاص من أزماتنا، ينبري من يروج للشذوذ الأخلاقي  او يمعن في ممارسة الشذوذ السياسي، كل ذلك في وقت تكاد فيه مؤسسات الدولة أن تلفظ أنفاسها الأخيرة".

وأردف: "إنني من هنا، من طرابلس، مدينة اللقاء والعيش الواحد، الجامعة لكل أشكال الغنى والفقر في آن معا، المقيمة على فرح أمسها وجرح يومها، أعلن أن لا سبيل لنا إلا تلبية دعوة دولة الرئيس نبيه بري للحوار تمهيدا لبناء جسور التلاقي والتعاون والتفاهم من أجل تحقيق الخير العام. التعصب لا يبني وطنا. الخوف لا يبني وطنا. التقوقع والفدرلة يخدمان إسرائيل ويهدمان لبنان". مشددا على ان "العائلة اللبنانية الصغرى كما الكبرى ينبغي لها أن تظل على اتحاد وثيق، قائما كيانها على المحبة والتكاتف ومكارم الأخلاق وعيش المعية".