المسنّون في لبنان يدفعون ثمن الازمة جوعاً ومرضاً وفقراً...هذه قصة العم سيمون!

على وقع الازمة الاقتصادية في لبنان والتي صنّفها البنك الدولي الاشرس في العالم، باتت زمرة واسعة من المواطنين تعيش في فقر مدقع، وكثر أصبحوا عاجزين عن تأمين الاحتياجات الضرورية وخاصة فئة كبار السن بحيث لا يتمتع هؤلاء بحماية اجتماعية او ضمان اجتماعي في حال أصيب أحدهم بمرض او عارض صحي، ولا راتب تقاعدي يؤمن لهم الرعاية الوقائية والطبية باعتبارهم الفئة الأكثر هشاشة وعرضة للإصابة بكل أنواع الامراض مع التقدم بالعمر.

على وقع الازمة الاقتصادية في لبنان والتي صنّفها البنك الدولي الاشرس في العالم، باتت زمرة واسعة من المواطنين تعيش في فقر مدقع، وكثر أصبحوا عاجزين عن تأمين الاحتياجات الضرورية وخاصة فئة كبار السن بحيث لا يتمتع هؤلاء بحماية اجتماعية او ضمان اجتماعي في حال أصيب أحدهم بمرض او عارض صحي، ولا راتب تقاعدي يؤمن لهم الرعاية الوقائية والطبية باعتبارهم الفئة الأكثر هشاشة وعرضة للإصابة بكل أنواع الامراض مع التقدم بالعمر.

بالموازاة، أكد مصدر متابع للملف عينه في وزارة الشؤون الاجتماعية لـ "الديار"، "ان قضية المسنين جدا مهمة وحسّاسة، لكن المسؤولية لا تقع على عاتق الوزارة وحدها لان هذا الموضوع تقاطعي، كما ان الاستراتيجية هي ليست فقط كناية عن دراسة، بل مظلة وطنية لمبادرات وخطط عمل تنفيذية قد تحصل وربما لا. كما ان الأرقام والخلفية الوطنية التي تتضمنها المخططات التي نواصل العمل عليها، تعد الخط الأساسي الحالي وهي حديثة وتشمل كل الازمات الحاصلة، ولفت المصدر الى التحديات الحالية التي تواجهها الادارة".

نظام ضروري لحماية الشيخوخة

في سياق متصل، تؤكد المؤسسة الدولية لكبار السن ومنظمة العمل الدولية ان اعتماد معاش شيخوخة غير قائم على الاشتراكات يكفل حد أدنى من الدخل لجميع كبار السن في لبنان، ويساهم في تأمين عيش كريم للعاملين في القطاعات الرسمية والذين شكلوا 50% من القوة العاملة في عام 2018. كما يؤمن حياة كريمة لآلاف النساء اللواتي لم يشاركن يوما في سوق العمل، وفي كسر حلقة عدم المساواة والتمييز الجندري التي يواجهنها طوال حياتهن، وذلك من خلال الاعتراف بمساهمتهن غير المدفوعة لأسرهن ومجتمعهن.

الازمة انتجت مهناً استثنائية!

بالرغم من شدة الضائقة، وتدميرها لبنى اجتماعية بأكملها، الا انها انتجت مهنا واعمالا غير تقليدية وأخرى يدوية فرضتها الظروف الاستثنائية للازمة الاقتصادية الراهنة التي تشهدها البلاد. وانطلاقا من مقولة الحاجة ام الاختراع بتنا نرى مهنا لم تكن موجودة او قل نظيرها او لم تكن رائجة في السوق، او بالنسبة لمهن كادت ان تنقرض مثل الاسكافي، والخياط. والحاجة فتحت للعديد من الأشخاص فرصا جديدة وطرقا مبتكرة للعمل، تتناسب والضائقة المادية وتلبي احتياجات العائلات غير الميسورة.

على خطٍ موازٍ، وفي جولة ميدانية على الارض التقت "الديار" السيد سيمون وهو في العقد الثامن من العمر، يتخذ من مدخل برج حمود زاوية له على حافة الطريق ليعرض بضاعته وهي كناية عن احذية للأطفال من عمر سنة حتى ثلاث سنوات. وتحدث قائلا: "اقبع في هذا المكان منذ أشهر بعد ان اشتدت وطأة الازمة الاقتصادية، وتركت محلي مرغماً في منطقة النبعة لعدم قدرتي على دفع مستحقات الايجار وتخلفي عن سداد الفواتير المترتبة عليّ شهريا من مياه وكهرباء".

أضاف، مهنتي الأساسية هي "جزمجي" أي اصنع الأحذية واستخدم آلة المِخْيَطة وأحيانا اخيط الحذاء يدوياً عندما تنقطع الكهرباء. مضيفاً، عملي تأثّر كثيرا بالضائقة المادية جراء الاضطراب الاقتصادي، فبدأت أصنع احذية من بقايا قماش "الدانتيل" و"الكروشيه" و"الجوبير" بحيث أنتج يوميا ما يقارب الـ 6 ازواج وكل زوج احذية يحتاج الى حوالى ساعتين من الوقت تقريبا".

تابع، "ابيع هذه الأحذية البسيطة لأشتري الادوية والطعام وتتراوح تكلفة الحذاء الواحد ما بين 300 ألف ليرة لبنانية الى 500 بحسب عمر الطفل، وكل ما اجنيه ليس كافيا لمواجهة الذل اليومي بسبب الغلاء الفاحش وارتفاع أسعار المواد الغذائية ودولرتها. مردفاً، التقدم بالعمر لم يعد يسمح لي العمل بوظائف أخرى تحفظ لي "شَيْبَتِي" وجل ما اسعى اليه هو ان احفظ كرامتي واصون ما تبقى لي من حياة، وجلوسي على الطريق لا يجعلني اخجل وانما اتحسّر على دولة فيها كبير السن مهزوم وحقه مهدور يقضي هرمه على الطرقات بدلا من منزل يحميه من حر شديد او برد قارس".

وختم سيمون قائلا: " في ظل انهيار الدولة ومؤسساتها لا املك معاشا تقاعديا لكي اعتمد عليه، كما ان وزارة الشؤون الاجتماعية ليست على مسافة قريبة من المسنين والمعوزين عموما. فالمساعدات المالية التي تقدمها عن طريق برنامج "دعم" و "امان" غير عادلة فانا اعرف افرادا يستفيدون من هذه المعونات ليسوا بحاجة اليها واوضاعهم المادية مقبولة، بينما توجد كوكبة لا تستطيع تأمين قوت يومها".