المطران عودة: في بلدنا خبراء في تطويع القوانين كل حسب مصلحته ومنفعة جيبه وحزبه

ألقى متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عوده عظة الأحد، فرأى أنّ "كُلّ مَسيحِيٍّ، في هَذا العالَم، هُوَ كالشَّمعَةِ الَّتي تُنيرُ الظَّلامَ الَّذي حَولَها. فإِذا كانَ كُلُّ إِنسانٍ مَسيحِيٍّ تلميذاً حَقيقيًّا، يَنتَشِرُ النُّورُ وتَتَبَدَّدُ الظُّلمَةُ"، معتبراً أنّ "غالِبِيَّة البشر هَذِهِ الأَيَّامِ أَصبَحوا يَنجَرُّونَ إِلى دَهرِيَّةِ شَرِّ عالَمِنا الأَرضِيِّ، وسُهولَةِ عَيشِ هَذا الشَّرّ، وأَصبَحوا يُشَكِّكونَ بِحَقيقَةِ الحَياةِ الآتِيَةِ الأَبَدِيَّة، الأَمرُ الَّذي جَعَلَهُم صَيدًا سَهلًا لِلشِّرِّير، إِنْ بِواسِطَةِ خَطايا الجَسَدِ، أَو تَمجيدِ الأَنا، أَو اتِّباعِ نَوعٍ جَديدٍ مِنَ الأَوثانِ كَالمالِ والزُّعَماءِ والمُمتَلَكات".

ورأى عوده أنّ "إنسان هَذِهِ الأَيَّام أصبح بَدَلَ أَنْ يَسقِيَ أَخاهُ كَأسَ ماءٍ بارِدٍ، يَسرُقُ مِنهُ ماءَهُ، وغِذاءَهُ، وكِساءَه. بَدَأَ النُّورُ يَخفُـتُ والمَنطِقُ التِّجارِيُّ يسودُ على كُلِّ عَلاقاتِ البَشَر. والمَطلوبُ عَودَةٌ سَريعَةٌ إلى الرَّبِّ قَبلَ أَنْ تَندَثِرَ البَشَرِيَّةُ، وأن نتذكَّرَ دائماً «أنَّ الإيمانَ بدون أعمالٍ ميتٌ في ذاته» كما يقول يعقوب الرسول (2: 17)"، مضيفاً: "إِنْ كَانَتِ الكَنيسَةُ مَنارَةً، فَالمُؤمِنُ هُوَ السِّراج، لِذَلِكَ يَقولُ الرَّسولُ بولُس: «لا تُطفِئوا الرُّوح... إِمتَنِعوا عَنْ كُلِّ شِبْهِ شَرٍّ» (1تس 5: 19، 22)".

وأضاف: "يا أَحِبَّة، واضِعُ النَّاموس، أَوِ المَسؤولُ عَن تَطبيقِه، لا يُمكِنُهُ التَّحايُلُ عَلى النَّاموسِ أَو كَسرُهُ لِمَنافِعَ شَخصِيَّة. في بَلَدِنا لَدَينا خُبَراءُ في تَطويعِ النَّواميسِ، أَيِ القَوانين، كُلٌّ حَسَبَ رَغبَتِهِ ومَصلَحَتِهِ ومَنفَعَةِ جَيبِهِ وحِزبِهِ وتَيَّارِه، متجاهلاً دِماءَ الشُّهَداءِ وصراخَ أَهلِ هَذا البَلَدِ الحَبيبِ القابِعِ تَحتَ الرُّكامِ والفقرِ واليأس. حَتَّى مَتى تُستباحُ النَّواميسُ وتُنقض؟ وتُقدَّم المصلَحَةُ الشَّخصِيَّةُ حَتَّى لو أَدَّى ذَلِكَ إِلى مَوتِ الأَخ. يَقولُ الرَّبُّ في إِنجيلِ اليَوم: «كُلُّ مَن يَحُلُّ واحِدَةً مِن هَذِهِ الوَصايا الصِّغارِ ويُعَلِّمُ النَّاسَ هَكَذا، فَإِنَّهُ يُدعى صَغيرًا في مَلَكوتِ السَّماوات». نَحنُ بحاجةٍ إلى مَسؤولينَ ذوي ضميرٍ حي، لا يَرتاحون، طالَما هُناكَ مُواطِنٌ واحِدٌ يَئِنّ، كما عليهم أن يكونوا القدوة في إحترامِ الدستورِ والقوانين".

وختم: "الدَّعوَةُ، في إِنجيلِ اليَوم، هِيَ إلى العَمَلِ قَبلَ التَّعليم، إلى الفِعلِ قَبلَ القَول. أَلا يَتَقاطَع كَلامُ الرَّبِّ مَعَ كَلامِ نَشيدِنا الوَطَنِيّ الدَّاعي إلى القولِ والعَمَلِ في سَبيلِ الكَمال؟! يا أحبة، كونوا مَناراتٍ، لا تَكونوا مُحِبِّينَ لِلظَّلام، لأَنَّ اللهَ نورٌ، وأَبناءُهُ هُمْ أَبناءُ النور، آمين".