المغتربون يعودون الى ديارهم... ما في أحلى من لبنان

قد يكون صيف لبنان لهذا العام هو الظاهرة الغريبة نوعاً ما في بلد تجتاحه الضيقات والازمات. فلبنان الذي يعيش اهله في الفقر والعوز بعد ان لامس فيه الدولار عتبة ال 30 الف ليرة، لا بل تخطاها ايضا في مرحلة معينة، والذي يتخبط بين ازمة واخرى وبين خضة وخضة، يعاين منذ بداية شهر تموز تدفقاً غير مسبوق لآلاف اللبنانيين المغتربين الذين يعودون أدراجهم، وسط هذه الظروف التي تناسبهم نوعاً ما والتي يرون فيها لبنان جنة ارضية رغم نواقصه.

فهل الحالة الوردية التي تظهر فيها صورة لبنان للمغتربين تغشهم؟

يبدو ان انقطاع الكهرباء، فقدان الادوية، تراجع الطبابة، غلاء البنزين والمحروقات، الشح في المياه وغيرها من الازمات لم تحد من عزيمة اللبناني المغترب الذي اراد ان يغفل او بالأحرى يتغافل عن كل مقومات العيش الضرورية امام العودة الى احضان والديه والتمتع مجدداً بالجلوس مع أهله واصدقائه. وقد تكون الرحلة "حرزانة" لا سيما بعد سنوات من اقفال البلاد بسبب جائحة كورونا.

ربيع، عاد امس الى دياره، جاء مع ابنتيه ليقضيا العطلة الصيفية في ربوع لبنان. تحدى زحمة مطار بيروت الخانقة، مع كمامته ومع صعوبات السفر، ليصل الى حرّ لبنان الشديد فلم يصدق الصعود الى سيارة الأجرة "المكيّفة" لكي يرتاح من مسافة الطريق الطويلة.

"شو بدك بالحكي ما في احلا من لبنان" يقول ربيع، و"الرجعة عالبيت كتير بتريّح". يوضح ربيع انه سيشارك في العديد من المناسبات العائلية وانه الوقت الملائم لكي يلتقي كل من لم يلتقِ بهم منذ فترة طويلة سيما وانه قادر على استكمال عمله من المنزل من دون ان يجبر على اخذ فرصته السنوية.

هل ستطول "هالطلّة"؟

ورداً على سؤال كيف سيقضي عطلته بدون كهرباء او مياه؟ " يجيب ربيع مش جايين نقعد بالبيت والاكيد رح نكزدر وبين جبل وبحر وسهل بتخلص العطلة"، مضيفاً ان الخدمات في لبنان غير متوقفة ويمكن شراؤها اليوم بأرخص الاسعار وهذا ما لن يبخل به لأهله، فربيع يعتبر ان وجوده في لبنان لن يريحه فقط هو واولاده، انما ايضاً سيشعر أهله بأنه قريب منهم في هذه الضائقة المادية وهو سيحاول التعويض لهم عن ما عاشوه ويعيشونه من مأساة على قدر استطاعته.

قد يكون ربيع هو عيّنة من آلاف اللبنانيين الذين يعودون الى بلدهم لقضاء اشهر الصيف وجمع ذكريات جميلة، مغيّرين بذلك معادلة تسميتهم من "مغتربين" الى "سيّاح".