المفاوضات تقترب من لحظة الحسم وتداول اقتراحات لإدارة المعابر

هي جولة جديدة من المفاوضات للوصول إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة. سبقتها مفاوضات تقنية حول محور فيلاديلفيا، معبر رفح، ومعبر نتساريم. عملياً، تسير المفاوضات على إيقاعين، الإيقاع التقني والإيقاع السياسي العام لوقف الحرب. يحاول الإسرائيليون إلهاء الوسطاء والمفاوضين بالتفاصيل التقنية، بينما العنوان الأساسي بالنسبة إلى حركة حماس ومحور المقاومة هو وقف الحرب، وعند وقفها يمكن الوصول إلى صيغ حلّ ملائمة للمعضلات القائمة بالمعنى التقني. وبحسب ما تقول مصادر متابعة فإذا كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد وصل إلى قناعة بوقف الحرب، فكل النقاط العالقة يمكن حلّها، أما بحال أراد استمرار الحرب فالأمور ستكون صعبة جداً، وسيستخدم كل تلك التقنيات والتفاصيل لعرقلة الوصول إلى إتفاق. 

فرصة جدّية
بالنسبة إلى المصادر هناك مجموعة عوامل حقيقية تشير إلى أن فرصة وقف إطلاق النار جديّة، لا سيما أن الضغط الأميركي يبدو مختلفاً هذه المرّة، وواشنطن تمارس ضغوطاً كبيرة على إسرائيل لإجبارها بالموافقة على وقف الحرب، وهذه مصلحة للرئيس الأميركي جو بايدن، وللمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس. لا تريد أميركا استمرار الحرب خشية اتساعها وتحولها إلى حرب إقليمية سيكون لها آثاراً سلبية جداً على الإستراتيجية الأميركية في منطقة الشرق الأوسط. 
 
عملياً، فإن المسألة الجدية والجوهرية في المفاوضات تبقى أبعد من مسألة التقنيات المتعلقة بالمعابر وكيفية السيطرة عليها ومن الذي سيتولى إدارتها، والأهم هو الوصول إلى هدنة 45 يوماً كمرحلة أولى، وبعدها يتم العمل على التفاوض على المرحلة الثانية وطالما التفاوض مستمراً فإن وقف إطلاق النار يبقى قائماً، وهذا ما يشدد عليه الأميركيون أيضاً، وبذلك يكون قد تكرس وقف إطلاق النار حتى موعد الإنتخابات الأميركية وانتخاب الرئيس الجديد. لكن يبقى كل ذلك مرتبطاً بموافقة نتنياهو، وبقدرة واشنطن على التأثير عليه من خلال الضغوط. 

جبهة لبنان
لا أحد قادر على الجزم في الوصول إلى إتفاق، ولكن الأكيد أن وضع المنطقة ككل أصبح يرتبط بمصير هذه المفاوضات، خصوصاً ما يتعلق بالردّ الإيراني وردّ حزب الله، إذ بحال فشلت المفاوضات كلياً، لا بد من توقع ردّ عنيف من قبل الحزب وهو ما سيدخل المنطقة في مرحلة عسكرية جديدة قابلة للتوسع أو التفجّر في أي لحظة. بالنسبة إلى حزب الله فلا يزال يتلقى أجواء أميركية تضغط على إسرائيل لمنعها من التورط في حرب واسعة ضده، ومما يقوله الأميركيون للإسرائيليين:" لا تدخلوا في حرب مع حزب الله لأنها ستؤدي إلى خسائر كبيرة في إسرائيل، ولأن الحزب لديه قدرات استراتيجية وكاسرة للتوازن وبالتالي لن تكونوا قادرين على الإنتقال من حرب بعد كل هذه الأشهر في غزة إلى جبهة أخرى في لبنان، مع الإشارة إلى أن لبنان جبهة كبيرة ومفتوحة الحدود وخطوط الإمداد".

أوهام نتنياهو واقتراحات الحلول 
يؤكد حزب الله أن كل المحاولات لفصل جبهة لبنان عن جبهة غزة قد فشلت، وفي حال كان نتنياهو يتوهم بأنه يمكنه الإنتقال إلى أيام قتالية وتصعيد ضد الحزب في لبنان وبعدها يستدرج القوى الدولية إلى فرض وقف إطلاق نار بينه وبين الحزب، وبعدها يتفرّغ مجدداً للقتال في غزة فإن ذلك سيبقى وهماً لن تتمكن إسرائيل من تحقيقه. ولن يكون لدى نتنياهو قدرة على تحديد "مواقيت" هذه المواجهة ولا حصرها بأيام، وبحال بدأها هو فلن يكون قادراً على إيقافها في التوقيت الذي يريده."  
 
كلّ الآمال مجدداَ معلقّة على مفاوضات القاهرة، لا سيما أن حركة حماس تبدي مرونة للوصول إلى إتفاق وقف النار، والأهم بالنسبة إليها هو انسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع، وبعدها يتم الوصول إلى حلّ لجهة تسلّم المعابر والذي سيكون بين حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى بتعاون مع السلطة الفلسطينية، كأحد الإقتراحات التي يتم البحث بها. كذلك هناك إقتراح آخر يبحث في إمكانية إدخال قوات أممية، بينها قوات تركية وعربية وحتى هندية، للإمساك بالمعابر بناء على قرار صادر عن الأمم المتحدة. كذلك طرح سابقاً على مصر أن تكون هي إحدى الدول التي تشارك في السيطرة على المعابر لكن القاهرة رفضت. 
 
من المقترحات أيضاً، أن تحصل مصالحة بين حركتي فتح وحماس بما يتيح إعادة تشكيل قوات مشتركة هي التي تتولى تلك السيطرة. في المقابل، هناك محاولات إسرائيلية لخلق مجموعات فلسطينية لديها علاقات معها لتكون هي الجهة التي تسيطر على المعابر والمحاور بشكل يتضمن تنسيقاً أمنياً كما هو الحال بالنسبة إلى "الضفة الغربية". تقنياً أيضاً، يبرز إقتراح بناء أبراج مراقبة بعيدة نسبياً عن محور فيلاديلفيا بشكل لا يكون هناك قوات عسكرية إسرائيلية منتشرة إلا على هذه الأبراج وتكون قادرة على مراقبة حركة الدخول والخروج.