المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الكاتب: جوانا فرحات
الاثنين 6 أيار 2024 14:28:01
على خلفية منشور ورد على إحد المواقع الخاصة بمدينة طرابلس عاد ملف "الموقوفين الإسلاميين" إلى الواجهة. ومما جاء فيه" نظراً للمعطيات المستجدة على الساحة الداخلية المطلوب من المدعي العام التمييزي القاضي جمال الحجار بصفته رئيساً للضابطة العدلية أن يصدر أوامره إليها بإخلاء سبيل جميع الموقوفين الإسلاميين الذين مضى على توقيفهم اكثر من سنتين بلا محاكمة، طالما ان المجلس العدلي لا يعقد جلساته نظرا لبعض الشغور في الهيئة الحاكمة تماشيا مع ما قام به المدعي العام التمييزي السابق القاضي غسان عويدات عندما أمر بإخلاء سبيل جميع الموقوفين في جريمة تفجير المرفأ بعدما كان مضى على توقيفهم أكثر من سنتين عملاً بذات الأسباب الموجبة التي اعتمد عليها القاضي عويدات في قراره".
هي ليست المرة الأولى التي يعود فيها ملف الموقوفين الإسلاميين إلى الضوء على خلفية هذه "الأسباب الموجبة". ففي شباط 2023 طرح الملف لسببين الأول قرار النيابة العامة التمييزية التي أصدرت إخلاءات سبيل بالجملة في ملف انفجار مرفأ بيروت، إضافة إلى ملف الفساد في مصلحة تسجيل السيارات، والثاني يرتبط بما أشيع عن قيام الأمن اللبناني بإلقاء القبض على "خلية إرهابية" في "منطقة المنكوبين" في طرابلس، كانت تنوي بحسب التسريبات استعمال "الدرون" لاستهداف مواقع مدنية ودينية في مناطق مختلفة في أكثر من منطقة.
يومها تحرك الأهالي للمطالبة بإنصاف أبنائهم الموقوفين أحياناً من دون محاكمة لنحو عقدين من الزمن، على غرار ما جرى في ملفات أخرى. والثانية مبادرة الفرق القانونية للحديث عن "فبركة" ملفات لحرف الأنظار عن الفساد القضائي في قضايا عديدة. وقد فشلت كل المحاولات السابقة لحل هذه المعضلة، إما بسبب سقوط التوافق السياسي في شأن قانون العفو العام وإما لعدم تحقيق الوعود بتعجيل المحاكمات.
اليوم عاد الكلام طالما أن "الأسباب الموجبة "لم تتغير ولم يتحرك القضاء لإحقاق العدالة وإزالة اللثام عن بعض الملفات التي أغرقها الفساد القضائي في وحوله. فهل تجوز المقاربة بين ملف جريمة تفجير مرفأ بيروت وملف الموقوفين الإسلاميين؟ وهل تجوز مقاربة الخطأ القانوني بخطأ أكثر فظاعة وفسادا؟
"المقاربة لا تجوز" بهذه العبارة يبدأ الناشط والمدافع عن حقوق الإنسان المحامي محمد صبلوح كلامه عما ورد في المنشور ويقول لـ"المركزية" أنا لا أوافق صاحب هذا الرأي لأن المدعي العام التمييزي السابق القاضي غسان عويدات خالف القانون بإطلاق سراح جميع الموقوفين في أبشع ثاني جريمة بعد هيروشيما وهي جريمة تفجير المرفأ من دون محاكمة.وكان من الأجدى أن يصار إلى محاكمتهم بشكل عادل ولو كانت هناك دولة لاتخذت اجراءات قانونية اخرى".
الإعتراض على إطلاق سراح جميع الموقوفين الإسلاميين لا يعني غض النظر عن المعاملة السيئة والممارسات اللاقانونية التي تحيط بهذا الملف بحسب صبلوح، ويضيف" هناك موقوفون مضى على سجنهم 10 سنوات من دون محاكمة عادلة وأشدد على عبارة عادلة، لأن هناك ممارسات من قبل بعض أجهزة الدولة التي تؤكد على ضرورة إعادة النظر بعملها ومحاسبة كل من يتعرض لموقوف أو سجين بالضرب أو بفبركة الملفات له لا سيما منها الملفات الإرهابية.هذا الظلم يجب أن يتوقف ونعول على مناقبية وعدالة مدعي عام التمييز القاضي جمال الحجار في هذا المجال".
خلال الفترة القريبة الماضية انتشرت أخبار عن تحرك الأمن اللبناني على خط ضبط خلايا جديدة لمتشددين إسلاميين، وأوقف الأمن العام خمسة أشخاص في "منطقة المنكوبين". يومها لم يصدر أي بيان رسمي عن الجهاز الأمني يوضح ملابسات العملية، إلا أن إحدى الصحف المحلية نشرت أخيراً محاضر التحقيقات المسربة، والنية بارتكاب أفعال مخلة بالأمن واستهداف مرافق مدنية كمستشفى الرسول الأعظم وكنائس ومواقع في منطقة "جبل محسن".
يومها شكك الأهالي بصدقية الرواية الأمنية، وبانتساب الشبان المشتبه فيهم إلى الفكر الإسلامي "وما زال الشك قائما". ويعبر صبلوح عن صدمته آنذاك من عملية إطلاق سراح جماعية في ملف تفجير المرفأ خلافا للقانون وقد جاءت بعد "قنبلة" استدعاءات المحقق العدلي لشخصيات سياسية وأمنية و"هذه جريمة يعاقب عليها القانون"، ويؤكد أن مسؤولية القاضي الحجار اليوم محددة بالضغط على رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود ووزير العدل هنري خوري للإسراع في البت في مسألة تأسيس هيئة المجلس وملء الشواغر فيها، حتى تجتمع وتستأنف جلسات المحاكمة. وطالب بمحاكمات عادلة ومحاسبة كل من يعامل الناس على قاعدة "الكيل بمكيالين" "حتى لا نشهد لا حقا على مجموعات منظمة من المتطرفين بسبب المعاملة السيئة من قبل بعض الأجهزة وتركيب ملفات بحقهم والإبقاء عليهم موقوفين في السجون لأعوام من دون محاكمات". ويخلص صبلوح إلى وجود "غرف سوداء تتفنن في صناعة التطرف، وتخريب حياة الشبان".
يتوزع الموقوفون الإسلاميون حالياً على المبنى "ب" في سجن رومية وثكنة فخر الدين وثكنة الشرطة العسكرية في الريحانية وقد برزت محاولات أقله منذ العام 2018 للوصول إلى تسوية "العفو العام" الذي كانت دونه محاذير سياسية وقانونية. فمن ناحية، لم تتوصل الكتل السياسية إلى توافق حول قانون موحد.
في المقابل، برزت مشكلة قانونية لناحية السياسة العقابية، وإمكانية تفريغ السجون من عناصر "خطرة" من دون محاكمة، لأن واجب القضاء إدانة المرتكب وإطلاق سراح من تثبت براءته. وبين هذا وذاك برزت اقتراحات من قبيل خفض السنة السجنية استثنائياً إلى ستة أشهر، خلال فترة جائحة كورونا أي عام 2020 وما بعده، أو تعجيل المحاكمات بعد تأهيل قاعة كبرى. لكن كل الإجراءات استمرت أسيرة التسويات السياسية وستبقى !.