النبطية منكوبة: الحرب غيّرت معالمها

لم تعرف لميس شميساني الحيّ الذي ترعرعت فيه. لم يبق منه حجراً على آخر. تجلس أمام منزلها المتضرر في منطقة السراي في النبطية، تنفث سيجارتها، علّها تفرغ قهرها وحزنها على ما حلّ بمدينتها. تتأمل منازل جيرانها التي تحوّلت إلى ركام. ما يحزنها ليس فقط الدمار الذي غيّر معالم الحي، بل إنها أصيبت في أيام الحرب الأولى واضطرت للعلاج على نفقتها. تقول: "لم يسأل أحد عنّي، لن نسكت بعد الآن"، وإن كانت تتحسر على الشباب الذين قضوا في الحرب.

صحيح أن الناس عادوا إلى النبطية، غير أنّ مقومات الحياة مفقودة، لا مياه ولا كهرباء ولا إنترنت. الواقع أسوأ بكثير مما كانت عليه المدينة في حرب تموز 2006.

عادت الحياة إلى المدينة شكليّاً رغم ذلك افترشت علياء، وهي امرأة ستينية، الأرض، ونامت فوق ركام منزلها الذي استهدف في حي السراي يوم مجزرة البلدية. تتنقّل بين الحطام وترفع ما أمكنها. تقف عند نافذة المطبخ وتتأمل الدمار حولها "بت ليلتي في منزلي ولن أغادره مجدداً".

تحولت النبطية مزاراً للوافدين إليها، أما بلدة يحمر وأرنون فممنوع العودة إليهما، هذا ما حذر منه المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي أفيخاي أدرعي عبر منصّة "أكس"، كما شملت إنذاراته العديد من القرى والبلدات في أقضية بنت جبيل، مرجعيون وحاصبيا. لا تبعد كفرتبنيت عن أرنون سوى 5 كيلومترات فقط. هنا الناس في الطرقات، يتجولون بين الدمار، فالبلدة من مدخلها حتى معبر كفرتبنيت شبه مدمرة.

لماذا أرنون ويحمر؟

يشير مصدر أمني لـ "نداء الوطن" إلى أن "هاتين البلدتين تقعان قبالة الخيام وكفركلا، ولهما رمزيتهما العسكرية، ويخشى الإسرائيلي من تنفيذ هجمات عسكرية ضده، هذه الاستراتيجية اتّبعها قبل وقف الحرب، حين أمطر هاتين البلدتين بالغارات والقصف المدفعي، لذلك فهو يمنع الناس من العودة إليهما". ولا تستبعد مصادر متابعة "استمرار إسرائيل في تهديداتها، كنوع من الضغط النفسي على الأهالي".