"النفق المظلم" في لبنان... الدولة: المواطن اللبناني عبء علينا!

تعددت الأسباب والموت واحد! وكأن لبنان لم يعد يكفيه حادثة "قوارب الموت" فجاء لقب "طرقات الموت" ليضفي على البلاد مزيدًا من المآسي والأحزان.

تشهد العديد من المناطق في لبنان إهمالًا كبيرًا يطال معظم طرقاتها التي تحصد الأرواح يوميًّا حتى باتت تثير الرعب في نفوس سالكيها.
لم يكن يعرف "محمود" الشاب الذي يبلغ من العمر 25 سنة، أنه سيفارق طفله الوحيد الصغير وعائلته التي كانت بالكاد تتحضر لفراقه ولكن ليس فراق "الموت" بل فراق "البلاد"!
كان محمود كأي شاب لبناني يبحث عن مهرب خارج البلاد لتأمين مستقبل أفضل له ولطفله، فبعد انتظار طويل أذن القدر أن يضحك بوجه محمود وتأتي "الفيزا" ليتحضّر للذهاب إلى كندا ويعيش حياة كريمة بعيدًا عن بلاده الغارقة في الفشل والفساد.
ولكن، مادا حصل بعد ذلك؟
ظروف البلاد الاقتصادية، الاجتماعية والسياسية عاكست حلم وطموح "محمود"، فلم يكن يعرف أثناء قيادته دراجته النارية ودخوله نفق "طريق المطار" المظلم المعروف بالـ"الثقب الأسود"، كباقي الأنفاق المظلمة أنه سيسطدم ب"ريغار" غير مغلق يتعثر فيه فيقع أرضًا ودراجته النارية، من ثم تأتي شاحنة فتصدمه ليفارق الحياة على الفور!
فبعد هذه القصة الأليمة، شعور التشتت سيلاحقنا مع كلّ مرّة نضطر إلى سلوك طريق "الثقب الأسود"، لنسأل أنفسنا: هل أنتبه إذا كانت المصابيح الأمامية للسيارة مضاءة؟ أو أنسى السيارة، فأركز على الطريق لأرى ما إذا كان هناك "ريغار" مفتوح أو حتى شخص مرميّ على الأرض فأرتبك لايقاف السيارة، ولكن يا تُرى هل سألحق؟ بالتأكيد لا، لنأتي إلى السؤال الآخر، هل أنسى كل ما حولي وأركز فقط على نفسي حتى لا أُفقد تركيزي أثناء خروجي من الظلام إلى الضوء بشكل مفاجئ؟
تخيّل! هذه الأسئلة ممكن أن تخطر في عقلك لمدة ثوانٍ قبل دخول النفق وللأسف لن تجد جوابًا عن هذه الأسئلة!
إذًا، من يتحمل مسؤولية هذا الإهمال؟ الدولة التي تعتبر المواطن اللبناني عبئًا عليها! أو وزارة الأشغال التي لا تتكفل بإنارة نفق واحد حتى، والذي لا يتطلب هذه التكلفة الباهظة الثمن!
محمود لم يكن الشاب الأول الذي توفي بسبب نفق مظلم، بل ولن يكون الأخير، إذا ظلّ ملف الإنارة والصيانة محبوسًا في ملفات وزارة الأشغال.