"الهيبرماركت" تفتح فروعاً بكثافة: هامش خيالي بالأرباح

منذ عام 2019 وحتى اليوم، اتسعت أعمال العديد من الشركات، لاسيما العاملة في قطاع الغذاء وبيع التجزئة، وذلك في مقابل تراجع أعمال عموم الشركات في قطاعات أخرى، وانهيار القدرة الشرائية، بفعل أزمة مالية اقتصادية اندلعت عام 2019 وتستمر بالتفاقم حتى اليوم.

فنرى كبرى المتاجر أو "الهيبرماركت" مثل Happy قد فتحت فروعاً جديدة في السنوات الأخيرة، وأحدثها فرع الدكوانة. وشركة "التوفير" كذلك الأمر، وآخر فروعها الجديدة في رأس بيروت وبدنايل البقاعية. أما "شاركوتيه عون" ففتحت خلال الأزمة العديد من الفروع، منها في البترون وبيت مري وبعبدا والكورة. أما Spinneys فتعمل على فتح فرع جديد في زحلة، في وقت تبحث فيه عن عقار جديد لإنشاء فرع في بعلبك، وغيرها العديد من الشركات توسعت بعد العام 2019.

سياسة توسع المتاجر الكبرى ودخولها مناطق وأسواق محلية جديدة، لا ينطلي على باقي القطاعات التي تواجه مصاعب في التسويق وجني الأرباح. فكيف يمكن قراءة عمليات التوسع تلك؟ أهي زيادة في حجم الاستهلاك؟ ام تحقيق أرباح كبيرة خلال الأزمة؟

أرباح فاحشة

اقتصادياً، لا يمكن فتح فروع جديدة أو إغلاقها إلا في حال حدوث تغييرات في الوضع الاقتصادي بمجال عمل المؤسسات، والذي هو بالأساس قطاع التغذية. ويفسّر رئيس جمعية حماية المستهلك، الدكتور زهير برّو، تزايد أعداد فروع المتاجر الكبرى بتزايد حجم المبيع لتلك المؤسسات، مع هامش عالٍ جداً من الأرباح، خصوصاً أن لبنان تاريخياً هو الأغلى بالمنطقة. وبالتالي، عادت أسعار السلع إلى مستوياتها ما قبل الأزمة، ومنها ما هو أعلى سعراً مما قبل الإنهيار، يقول برو في حديث الى "المدن".

ويوضح برّو أن التجار، بما فيهم المتاجر الكبرى، حققوا هامشاً خيالياً من الأرباح في ظل غياب الدولة عن المسرح الاقتصادي، وتعطل الأجهزة الرقابية. لافتاً إلى أنه وبالأساس هناك سياسات داعمة للتجار وليس للمستهلكين، خصوصاً أن موضوع دولرة السلع خدم التجار وساعدهم على رفع الأسعار بنسب خيالية.

ويشدّد برّو على أن فتح فروع المتاجر الكبيرة بكثافة في هذه المرحلة، هو أمر مستغرب. ويثبت ليس مراكمة الأرباح فحسب، إنما مراكمة الرساميل وتوسيع استثمارها في فروع جديدة. وكل ذلك -حسب برو- يؤكد وجود خلل بنيوي في الاقتصاد اللبناني، لأن اقتصاد التجار هو السائد بالبلد، ومن دون أي ضوابط لا اقتصادية ولا إدارية.

تراند عالمي!

بالعودة إلى أرقام الاستيراد فإنها تراجعت بشكل ملفت مع بداية الأزمة في لبنان. لكنها سرعان ما استعادت حجمها السابق، في دلالة على زيادة حجم أعمال الشركات. وحسب التقديرات، بلغ حجم استيراد المواد الاستهلاكية سنوياً قرابة 20 مليار دولار قبل 2019، ثم تراجع حجم الاستيراد عام 2020 إلى نحو 12 مليار دولار، قبل أن يرتفع مجدداً إلى 14 مليار دولار عام 2021 ويستعيد مستوياته السابقة في العام 2022، وبلوغ حجم الاستيراد أرقاماً تقارب عام 2019 وما قبله.

أما على مستوى المواد الغذائية، فحسب رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية في لبنان هاني البحصلي، لم تشهد الأسواق تقلبات حادة على مدار 4 سنوات الماضية كحال استيراد المواد الاستهلاكية، إنما حدث انخفاض طفيف على مدار السنوات الماضية بحدود 10 إلى 15 في المئة فقط، ثم استعادت مستوياتها السابقة في السنتين الماضيتين.

وإذ يوضح البحصلي في حديثه إلى "المدن" أن حجم الاستهلاك لم يتغيّر كثيراً، يعزو تزايد فروع المتاجر الكبرى في المناطق إلى كونه "تراند Trend" كما في كل أنحاء العالم، حيث بات التوجه عموماً إلى الهيبرماركت على حساب المحلات والمتاجر الصغيرة.

ويثني البحصلي على ما اعتبره "سياسة حكيمة" للشركات الكبرى، التي تمكنها من التطور وتوسيع أعمالها ضمن السوق "وهو أمر جيد نتيجة ازدهار شركات خاصة. فالشركات تتوسع من إمكانياتها الخاصة وحسن إدارتها". نافياً أن يرتبط أمر توسعها بحجم أرباح إضافي، ويختصر مسألة توسعها بأنه يرتبط مباشرة بتقليص أعمال المحال الصغيرة، بمعنى أن توسع اعمال المتاجر الكبرى يتم على حساب المحال الصغرى.