المصدر: المدن
الكاتب: بلقيس عبد الرضا
الأربعاء 21 أيلول 2022 14:17:38
أثارت معلومات تم تسريبها وتناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي، ونسبت إلى وزارة التربية، ردود فعل متباينة بشأن الرسوم الدراسية للتعليم الرسمي. فقبيل انطلاق العام الدراسي 2022-2023، المقررة في شهر تشرين الأول المقبل، تناول عدد من الكوادر التعليمية والأهالي تقريراً يفيد برفع رسوم التسجيل الثانوي من 270 ألفاً إلى 871 ألف ليرة، أي زيادة الرسوم بمعدل أربعة أضعاف. وهو أمر مستغرب، وغير مبرر، حسب ما تناقله أهالي الطلاب.
لم توضح وزارة التربية والتعليم حقيقة هذه التسريبات، ولم يصدر أي بيان سواء بتبني القرار أو رفضه. لكن مصدراً في وزارة التربية، أكد لـ"المدن" أن ما يتم تداوله لم يقر بعد، ولا يوجد أي سند قانوني حتى الآن، يتيح أو يسمح للوزارة بتعديل الرسوم، لافتاً إلى أن تعديل الرسوم يتم عادة من خلال مرسوم أو قانون من قبل مجلس الوزراء، وحتى الآن لا يوجد أي آليات قانونية لرفع الرسوم.
في المقابل، أكد العديد من القيمين على القطاع التعليمي، من أساتذة ومدراء في بعض المدراس الرسمية ضمن المرحلة الثانوية لـ"المدن"، أنهم تلقوا قرارات شفهية، تفيد بأن هناك اتجاهاً لرفع الرسوم للتعليم الثانوي إلى 871 ألف ليرة، أي أربعة أضعاف ما كانت عليه.
أيضاً، لفتوا إلى أنهم لم يتلقوا أي قرار شفهي أو مكتوب فيما يخص تعديل الرسوم الخاصة بالتعليم الأساسي أو المتوسط. وبالتالي، رجحوا إمكانية استمرار التعليم المجاني لهاتين المرحلتين.
صدمة على وسائل التواصل
عبّر وليد الأحمد، أب لثلاثة أبناء، عن غضبه من هذه الرسوم، لأنها حسب تعبيره ستحرم الأبناء من إكمال تعليمهم الثانوي. يعمل الأحمد سائقاً في إحدى شركات توزيع المياه، ولايتعدى راتبه حاجز المليون و400 ألف ليرة. يقول لـ "المدن": "لن يكفي راتبي لدفع الرسوم التسجيل، وأحتاج إلى راتب أخر، حتى أتمكن من إدخال الأولاد إلى المدرسة". يضيف الأحمد "من المستغرب إصدار هذا القرار في هذا التوقيت، في ظل انهيار كبير لقيمة الليرة اللبنانية، وضعف معدلات الأجور، فكيف يمكن للأهل تسديد هذه الرسوم المرتفعة؟".
ما عبر عنه الأحمد منطقي وطبيعي جداً، وقد يضطر العديد من الطلاب إلى ترك مقاعد الدراسة، بسبب الرسوم، التي باتت توازي تقريباً نصف راتب موظف القطاع العام.
في السنوات الماضية، ارتفعت نسبة الطلاب المنتسبين إلى المدراس الرسمية، بسبب الأزمة الاقتصادية. وحسب إحصاءات صادرة عن وزارة التربية، فإن نحو 34 في المائة من طلاب لبنان مسجلون في المدارس الرسمية. وهو رقم مرتفع مقارنة مع السنوات التي سبقت الأزمة الاقتصادية. ووفق البيانات، فقد بلغ عدد الطلاب في العام الدراسي 2021-2022، نحو 334802 تلميذاً، منهم 259118 في التعليم الأساسي، و75684 في التعليم الثانوي. هذا العام، من المتوقع أن يرتفع العدد، خصوصاً وأن العديد من المدارس الخاصة -إن لم يكن معظمها- فرض دفع الاقساط بالدولار النقدي جزئياً أو كلياً، وهو ما يعني أن جزءاً كبيراً من الأهالي قد يضطر إلى نقل أبنائه إلى المدارس الرسمية.
انخفاض القيمة وزيادة التضخم
صحيح أن قيمة الرسوم في حال تم فرضها رسمياً، وعند احتسابها بالدولار تبقى أقل بكثير من القيمة السابقة، إذ كانت قبل العام 2019 تتراوح ما بين 150 و200 دولار، فيما اليوم لا تتعدى قيمة 22 دولاراً، لكنها في ظل الانهيار الكبير لقيمة العملة اللبنانية، تبدو القيمة مرتفعة جداً، وستؤدي بطبيعة الحال إلى زيادة نسبة التضخم المالي في البلاد.
يكشف مصدر في وزارة التربية فضّل عدم الكشف عن هويته، أن الحديث عن رسوم التسجيل في المدارس الرسمية، جاء بصورة فجائية، ولم يتم تداوله سابقاً بين موظفي الوزارة، خصوصاً وأن الأخيرة كانت شبه معطلة بسبب إضراب موظفي القطاع العام، ومن ضمنهم موظفي وزارة التربية في الفترة الماضية. ويقول لـ"المدن": "حسب ما يتم تداوله، سيتم تقسيم المبلغ بين صندوق الثانوية، ومجلس الأهل، على أن يستحوذ الأول على مبلغ 121 ألف ليرة، فيما مجلس الأهل يتقاضى 750 ألف ليرة".
ووفق المصدر، فإن المبالغ التي يتم وضعها في صندوق مجلس الأهل، يتم استخدامها لتأمين احتياجات خاصة بالمؤسسات التعليمية من صيانة وتجهيزات، خصوصاً إذا لم تتمكن موازنة وزارة التربية من تلبية احتياجات المدارس. في السنوات السابقة، كان صندوق مجلس الأهل، يتقاضى ما بين 5000 و10000 ليرة عن كل طالب لدعم الصندوق، بميزانية كانت تصل إلى نحو 5 مليارات ليرة تقريباً. وفي ظل الرسوم الحالية، ستصل ميزانية صندوق الأهل إلى أكثر من 56 مليار ليرة، فيما ستصل الإيرادات من الرسوم الحالية، وعلى اعتبار ان عدد الطلاب بقي ثابتاً من العام الماضي (75 ألف طالب تقريباً)، إلى نحو 65 مليار ليرة.
ماذا عن باقي المراحل؟
حتى الآن لم تبلغ إدارت التعليم الأساسي في المدارس الرسمية بأي تعديل على الرسوم، ومن المرجح أن يبقى التعليم الابتدائي والمتوسط مجانياً بالنسبة إلى الطلاب.
الحديث عن رفع رسوم التسجيل في المدارس الرسمية، دفع الكثير من طلاب التعليم المهني، التوجه إلى مؤسساتهم لمعرفةىأليات الرسوم الجديدة، إلا أنهم فوجئوا برفض إدارة التعليم المهني الرسمي تسجيل الطلاب، واكتفت الإدارة بتسجيل أسماء الطلاب وحجز الأماكن، على أن تتصل الإدارة لاحقاً بالطلاب، لتفيدهم بكيفية تسديد الرسوم. وهو ما يطرح علامات استفهام حول إمكانية وجود أي قرار ضمني برفع الأقساط مستقبلاً.
يسأل فادي القاضي، طالب في المستوى الثانوي المهني، إن كانت الرسوم ستشهد بدورها ارتفاعاً على غرار التعليم الثانوي؟ يقول لـ"المدن": في ظل الأزمة الحاصلة، من المؤسف وحتى المعيب أن يتم فرض رسوم على التعليم الرسمي، إذ من المعروف أن ذوي الطلاب في التعليم الرسمي هم من الفئات المحدودة الدخل، وبالتالي لايمكنهم تحمل هذه التكلفة.
يخشى القاضي أن تتجه الدولة تدريجياً إلى فرض رسومها بالدولار، يقول "من غير المستبعد، أن تبدأ الدولة بفرض الرسوم بالدولار أو ما يعادلها بالليرة اللبنانية، إسوة بالعديد من الخدمات التي يتم احتسابها بهذه الطريقة".
يؤكد القاضي أن زيادة الرسوم في التعليم المهني، ستكون بالنسبة له كارثية، فقد سيضطر لترك مقاعد الدراسة.