الوزير يطرد المعلمة نسرين شاهين: انتقام من إضراب الأساتذة؟

أثار قرار وزير التربية عباس الحلبي، أمس الاثنين، بفصل الأستاذة نسرين شاهين من التعليم الأساسي وعدم تجديد التعاقد معها، موجة من التساؤلات بين الأساتذة كافة، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي.

 

وقد أتى هذا القرار بعد مرور خمسة أيام على لقاء وزير التربية مع روابط المعلمين ومن ضمنهم المتعاقدين. حيث شعر أساتذة رابطة التعليم الثانوي أن ضغطاً واضحاً يمارس عليهم لفك الإضراب، من خلال إجبارهم على قبول المساعدات فقط أو "البقاء في منازلهم"، في حين لا يزال قرار العودة إلى التعليم الثانوي غير واضح. فالأساتذة متمسكون بمطالبهم وبحقوقهم ويرفضون العودة من دون تصحيح رواتبهم، وعدم الاكتفاء بالمساعدات التي أقرتها الدولة في الموازنة العامة أو في الحوافز الشهرية المقدمة من الدول المانحة والتي تبلغ 130$.

 

قرار مفاجئ

وفي التفاصيل التي حصلت عليها "المدن"، تلقت السيدة نسرين شاهين، رئيسة اللجنة الفاعلة للأساتذة المتعاقدين في التعليم الرسمي الأساسي، صباح يوم الإثنين، اتصالاً هاتفياً من مدير مدرسة شكيب إرسلان الرسمية، علي خطاب، ليخبرها بضرورة حضورها إلى المدرسة، لاستلام القرار الصادر عن وزارة التربية. حيث طلب الوزير الحلبي من إدارة المدرسة، عدم تجديد التعاقد معها للعام 2022-2023 وللأعوام التالية بسبب عدم الحاجة إلى خدماتها التربوية.

 

وفي اتصالٍ هاتفيٍ مع شاهين، أوضحت لـ"المدن"، أن الوزير حلبي رفض استقبالها في الآونة الأخيرة في وزارة التربية، بسبب مطالبتها المستمرة لحقوق المعلمين المتعاقدين بزيادة أجورهم، وإطلالاتها الإعلامية التي تكلمت فيها عن الفساد المستشري في وزارة التربية. كما أنه قرر عدم دعوتها إلى لقائه الأخير مع الروابط التعليمية، يوم الأربعاء الفائت، لأسباب غير معروفة.

 

واعتبرت شاهين، أن قرار الوزير الأخير بطردها أتى لعدة أسباب. فهي طالبته بتفعيل منصة واضحة وشفافة تتيح لهم معرفة الأموال المقدمة  للطلاب اللاجئين في لبنان من الدول المانحة، تكشف طريقة توزيعها. والسبب الثاني، أنها طلبت منه أيضاً توضيحاً حول موضوع المساعدة المالية التي وصلت من اليونيسيف للأساتذة، والتي بلغت 37 مليون دولار أميركي، الذي أكد حينها الوزير، حسب شاهين، أنها قُسمت على كل الأساتذة وحصل كل واحد منهم على 90$، إلا أنها أكدت له أن أكثر من 3000 أستاذ لم يتلق هذه المساعدة المالية. أما المشكلة الأخيرة، والتي تعتقد أنها كانت السبب الأساسي في هذا القرار، فهي اعتراضها على زيادة مبلغ 871 ألف ليرة على أقساط التعليم الثانوي، بعد تأكيد الوزير بوصول مساعدات بلغت 30 مليون دولار إلى صناديق المدارس الرسمية. واعتبرت شاهين أن مشاركتها المستمرة على وسائل التواصل الاجتماعي وعلى وسائل الإعلام، وفي الساحات، ومطالبتها بحقوق كل الأساتذة باتت تزعج الوزير. لذا، لم تجد أي أسباب أخرى، ولا تعتقد أن هذا القرار يحتاج إلى توضيح، فالأمور بدت اليوم على حقيقتها. وأكدت أنها لن تتواصل مع وزارة التربية ولكنها ستتابع هذا الموضوع من خلال القضاء.

 

التواصل مع الوزارة

حاولت "المدن" التواصل لمرات عديدة مع وزير التربية عباس الحلبي، ومع مستشار وزير التربية، ألبرت شمعون، ومع مدير عام وزارة التربية، عماد الأشقر. وذلك للحصول على توضيح إلا أننا لم نحصل على أي إجابة.

 

إجراءات قانونية

من جهته، أكد المحامي رفيق غريزي، وهو وكيل نسرين شاهين، أنه سيباشر صباح اليوم الثلاثاء في أولى الإجراءات القانونية. وستكون على خطوات متعددة. والخطوة الأولى هي إرسال بيانٍ رسمي إلى الوزير لتوضيح هذا القرار والتراجع عنه. وتبعاً لرد الوزارة على البيان، ستكون الإجراءات المقبلة، و"سنتجه إلى إجراءات قانونية بسبب الطرد التعسفي، وسنستعين أيضاً بالضغط السياسي من خلال مجموعة من النواب التي ستعاوننا على طلب التوضيح من الوزير ومساءلته. وسنلجأ طبعاً إلى وسائل الإعلام للضغط الشعبي على هذا القرار".

 

تحركات نقابية

وفي حديث "المدن" مع راكان الفقيه، من لجان نقابة التعليم الأساسي، اعتبر أن قرار الوزير يحمل الكثير من التساؤلات، وليس من المنصف أبداً أن يعتبر الوزير أنه لم يعد بحاجة إلى خدمات السيدة شاهين التربوية. إذ نحن نعلم جيداً أن القطاع التربوي اليوم بحاجة ماسة إلى كل الأساتذة. وما حصل يوحي بأن حرية العمل النقابي اليوم في خطر، وأننا أمام سياسة ونهج جديدين في كم أفواه الأساتذة، لإجبارهم على العودة إلى التعليم وعدم المطالبة بحقوقهم. لذا، حفاظاً على حقوق الأساتذة وعلى حرية التعبير، نؤكد أننا سنتجه إلى تحركات حاشدة على الأرض خلال الأيام المقبلة، من أجل حماية حرية التعبير. وهذه الدعوة موجهة إلى كل أستاذ حرٍ للمشاركة فيها. واليوم مطالبنا لم تعد تقتصر على المطالب المعيشيّة، بل توسعت إلى المطالبة بحرية الكلمة وبتعزيز حرية النقابة.

 

سابقة حمزة منصور

واعتبر بعض الأساتذة بأن قرار الوزير اليوم ليس جديداً، فقد صدر قرار مشابه في الشهر الماضي مع الأستاذ في التعليم الرسمي، حمزة منصور، وهو منسق حراك المتعاقدين في التعليم الرسمي. وأوضح الأخير، بأنه تلقى اتصالاً هاتفياً في شهر أيلول الماضي، من إدارة المدرسة التي ينتمي إليها، وأخبرته أن الوزارة قررت تقليص 20 ساعة من تعليمه الأسبوعي. إلا أن الوزارة تراجعت عن قرارها ولم تنفذه أبداً. وعاد والتقى الوزير الحلبي خلال الاجتماع الأخير وتكلما بأمور تربوية متعددة.

 

حتى الساعة، لا تزال الأمور ضبابية، إذ لم يصدر أي توضيح من الوزارة لمعرفة تفاصيل هذا القرار ودوافعه. والجميع بانتظار رد الوزير على الأسئلة الموجهة إليه.. ليبنى على الشيء مقتضاه.