المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الاثنين 11 كانون الاول 2023 17:24:03
التزم لبنان بجَناحَيه الرسمي والخاص بقرار مجلس الوزراء الإقفال العام تجاوباً مع الدعوة العالمية من أجل غزّة وتضامناً مع الشعب الفلسطيني...، فيما تداعيات هذه الحرب تأكل من نمو الاقتصادي اللبناني بعد سنوات من الانكماش، وتبدّد آمالاً معلّقة على النشاط السياحي بكل مكوّناته...
وشكّلت الخطوة التضامنية اليوم، محطة لإلقاء الضوء على تلك التداعيات والانعكاسات المرجّحة في قابل الأيام...
رئيس دائرة الأبحاث والدراسات الاقتصادية والمالية في بنك بيبلوس الخبير الاقتصادي الدكتور نسيب غبريل يفنّد عبر "المركزية"، بالأرقام والنِسَب تأثيرات هذه الحرب على الاقتصاد اللبناني ويقول إن "أداء الاقتصاد اللبناني في العام 2023 لغاية 6 تشرين الأول، جعل التوقعات تلامس الـ 2% نمو للعام الجاري وهو العام الوحيد الذي يسجّل نمواً اقتصادياً منذ العام 2017، فما بين الـ2018 و2021 كان هناك انكماش، فيما العام 2022 سجّل صفر% نمو".
ويشير إلى "الموسم السياحي المميّز منذ بداية العام وليس في موسم الاصطياف فقط، حيث دعم هذا القطاع 14 قطاعاً رديفاً للسياحة، واستقبل لبنان في الأشهر التسعة الأولى من العام 3 ملايين و600 ألف سائح منهم 61% مغتربين الذين ارتفع عددهم بنسبة 26% عن التسعة أشهر الأولى من العام 2022، ونسبة الزوار العرب والأجانب ارتفعت 25%"، لافتاً إلى أن "القطاع السياحي بكل مكوّناته استمر في أدائه المميّز مع ترقب وصول وفود سياحية أوروبية إلى لبنان".
ويتابع في السياق: بالنسبة إلى سياحة الأعمال حيث كانت التحضيرات جارية لإقامة معارض وندوات إقليمية في بيروت، إلى جانب التحضيرات لأعياد الميلاد ورأس السنة وتوقع قدوم نحو 20 ألف مغترب وسائح لتمضية هذه الأعياد في لبنان، إضافةً إلى دعم قطاع الخدمات للاقتصاد المحلي وتحديداً قطاع تكنولوجيا المعلومات حيث شركاتها موجودة في لبنان وتخدم أسواقاً خارجية، والقطاع الصناعي الذي تأقلم مع الأزمة كما القطاع الخاص الذي استوعب صدمة الأزمة، وقامت شركاته بعملية إعادة تموضع، في مقابل تحسّن القدرة الشرائية أقله لدى شريحة من اللبنانيين الذين يتقاضون رواتب جزئية أو كاملة بالدولار الأميركي...كلها عوامل ساعدت على توقع نمو بنسبة 2% هذا العام.
لكن كل ذلك قبل تاريخ 7 تشرين الأول، يقول غبريل "حيث تسبّبت حرب غزة بتراجع عامل الثقة، والقطاع الأول الذي تأثّر بها هو القطاع السياحي، ونترقب الأرقام التي ستصدر حول تطورات تشرين الأول وتشرين الثاني، بعدما تم تأجيل المؤتمرات والمعارض المذكورة آنفاً، إلى أجلٍ غير مسمّى".
كذلك تأثرت حركة مطار بيروت الدولي، "بعدما بلغ عدد المسافرين منه وإليه خلال الأشهر العشرة الأولى من السنة 6 ملايين و300 ألف مسافر، بارتفاع 17،5% عن الفترة ذاتها من العام الفائت، لكن في تشرين الأول 2023 بلغ عدد المسافرين عبر مطار بيروت، أي القادمين والمغادرين، 516 ألف و800 مسافر بانخفاض 0،6% فقط عن تشرين الأول 2022، و33،5% عن أيلول 2023 وهذا انعكاس طبيعي لنهاية موسم الاصطياف" بحسب غبريل.
ويشير إلى أن "التداعيات انعكست أيضاً في حركة الاستهلاك والاستثمار، بسبب صدمة اندلاع حرب غزة والعدوان الإسرائيلي على الجنوب، فردة الفعل الأولى تُرجمت في الهلع على شراء المواد الاستهلاكية والمحروقات. كذلك تغّير نمط الاستهلاك حيث هبط استهلاك المواد الحياتية الثانوية غير الأساسية بشكل كبير وسريع، وبقي مرتكزاً على السلع والحاجات الضرورية الأساسية.
بالنسبة إلى الاستثمار، يقول غبريل: خلقت حرب غزة وأحداث الجنوب "نقزة" لدى المستثمرين حيث قرّرت الشركات الاستثمارية التي أعدّت الخطط لتنفيذ بعض المشاريع في لبنان، تأجيل هذه المشاريع وليس إلغاءها إلى حين جلاء الصورة أمنياً.
ويخلص إلى التأكيد أن "التداعيات ستكون كارثية في حال توسّعت رقعة العدوان الإسرائيلي على لبنان إن بالنسبة إلى دمار كامل للبنى التحتيتة أو لجهة ازدياد أعداد النازحين، والأهم ارتفاع عدد الضحايا، والحصار البحري والجوي الذي سيعرقل عملية الاستهلاك. كل ذلك سيؤدي تراجع أكبر لإيرادات الخزينة العامة سنة 2024 بسبب الانكماش الاقتصادي... هذا السيناريو الخطير لا أحد يريده، لكن تداعياته مؤلمة ولا تُحصى!".