المصدر: Kataeb.org
الخميس 23 حزيران 2022 17:18:08
أسدلت الستارة عن مسرحية الاستشارات النيابية الملزمة، التي انتهت بتكليف رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.
هو مشهد مخيّب لآمال اللبنانيين القابعين تحت رحمة المنظومة الممسكة بمؤسسات الدولة والواقفة تتفرج على مشاهد إذلالهم أمام الأفران لاستجداء الرغيف، والعيش في العتمة والحرّ في عزّ الصيف بفعل الكهرباء المقطوعة عنهم دومًا وفاتورة المولدات الخاصة التي تعادل أكثر من راتب الموظف، وأمام المستشفيات التي تطالبهم بالفريش دولار للتمكن من الاستشفاء، والمدارس الخاصة التي تفرض عليهم الأقساط بالفريش لتعليم أبنائهم، والمصارف القابضة على ودائعهم ...
مشاهد لا تُحصى ولا تُعد من يوميات اللبناني المحروم من أدنى حقوقه، والمحكوم بالمحاصصة التي تنتهجها المنظومة باحتراف.
مسرحية وصول ميقاتي ساهم بكتابة فصولها، النواب الذين لم يعطوا فرصة للسفير نواف سلام ومعهم النواب الذي امتنعوا عن التسمية مسهلّين بقاء القديم على قدمه وعدم الإفساح في المجال أمام التغيير الذي انتظره اللبنانيون طويلًا، فإذ بهم يُصابون بخيبة أمل جديدة رسمها من أعطوهم الوكالة ليمثلوهم في الندوة البرلمانية.
تكليف هزيل بـ54 صوتًا
فبنتيجة اليوم الطويل من الاستشارات النيابية الملزمة، تمّ تكليف رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي تأليف الحكومة الجديدة، بعد حصوله على 54 صوتًا، فيما نال السفير نواف سلام 25 صوتًا، وامتنع 46 نائبًا عن التسمية، مع صوت للرئيس سعد الحريري وصوت للسيدة روعة حلاب.
كلمة ميقاتي
وبعد استدعائه من رئاسة الجمهورية لتبليغه تكليفه تشكيل الحكومة قال الرئيس ميقاتي:
"بداية أقول شكرا لمن سماّني . وشكرا أيضا لمن لم يزكّني، لانهم جميعا مارسوا دورهم بكل ديموقراطية. هذا التكليف الجديد يحمّلني اليوم مسؤولية مضاعفة، ولكن تبقى الثقة الملزمة للجميع من دون استثناء لها عنوان واحد هو التعاون.
فلنتعاون جميعنا اليوم على إنقاذ وطننا وانتشال شعبنا مما يتخبط فيه ،لأن مسؤولية الإنقاذ مسؤولية جماعية وليست مسؤولية فرد.
بكل صدق وإخلاص وتجرّد أمدّ يدي إلى الجميع من دون إستثناء، بارادة وطنية طيبة وصادقة .
الوطن بحاجة اليوم إلى سواعدنا جميعا.لن تنفعنا حساباتنا ومصالحنا وانانياتنا اذا خسرنا الوطن.
المهم اليوم أن نعي أن الفرص لا تزال سانحة لإنقاذ ما يجب إنقاذه. نحن قادرون معا على إنتشال البلد من أزماته.
المهم أن نضع خلافاتنا واختلافاتنا جانبا وننكب على إستكمال الورشة الشاقة التي تتطلب أن نضع أمامنا انقاذ شعبنا ووطننا كهدف واحد اوحد .
لم نعد نملك ترف الوقت والتأخير والغرق في الشروط والمطالب.أضعنا ما يكفي من الوقت وخسرنا الكثير من فرص الدعم من الدول الشقيقة والصديقة، التي لطالما كان موقفها واحدا وواضحا"ساعدوا انفسكم لنساعدكم".
لقد أصبحنا أمام تحد الانهيار التام أو الأنقاذ التدريجي إنطلاقا من فرصة وحيدة باتت متاحة أمامنا في الوقت الحاضر. على مدى الاشهر الماضية دخلنا باب الانقاذ من خلال التفاوض مع صندوق النقد الدولي،ووقعّنا الاتفاق الاولي الذي يشكل خارطة طريق للحل والتعافي، وهو قابل للتعديل والتحسين بقدر ما تتوافر معطيات التزام الكتل السياسية، وعبرها المؤسسات الدستورية، بالمسار الاصلاحي البنيوي.
وفي هذا الصدد علينا في اسرع وقت التعاون مع المجلس النيابي الكريم لاقرار المشاريع الاصلاحية المطلوبة قبل إستكمال التفاوض في المرحلة المقبلة لانجاز الاتفاق النهائي مع صندوق النقد وبدء مسيرة التعافي الكامل.
اليوم أكرر القول إنه من دون الاتفاق مع صندوق النقد لن تكون فرص الانقاذ التي ننشدها متاحة ،فهو المعبر الأساس للانقاذ، وهذا ما يعبّر عنه جميع اصدقاء لبنان الذين يبدون نية صادقة لمساعدتنا .
كما أننا في صدد استكمال الخطوات الاساسية لحل معضلة الكهرباء التي تستنزف الخزينة وطاقات الناس، وندعو الجميع للانخراط في هذه الورشة بعيدا من الشروط والاعتبارات المسبقة والتجارب التي اثبتت فشلها في تعافي هذا القطاع.
ومن هذا المكان بالذات، أدعو جميع القوى السياسية الى لحظة مسؤولية تاريخية .لحظة نتعاون فيها جميعا لاستكمال مسيرة الإنقاذ الفعلي باقصى سرعة، وبثقة كاملة من المجلس النيابي الكريم لوضع لبنان على مشارف الحلول المنتظرة.
دعوتي للجميع لملاقاتنا في هذه الورشة بكل ايجابية وروح بناءة.لتتضافر كل جهودنا ولنبحث عن كل اسباب تعزيز الشراكة الوطنية وحماية الاستقرار الوطني.
لنتجاوز كل اسباب الانقسامات والرهانات التي دمرت مجتمعاتنا واقتصادنا وضربت مؤسساتنا.
في الختام تبقى كلمة أتوجه بها الى أبناء وطني.ثقتي كبيرة بكم أنتم الذين لم تقهركم شدّة، ولم تهزمكم المحن والشدائد رغم كل ما مرّ على هذا الوطن عبر تاريخه. بتعاوننا جميعا نصنع من الضعف قوة، معا عقدنا العزم على النهوض، لأننا مؤمنون بأن لا خلاص لوطننا إلا بتكاتفنا وتآزرنا.
هذا اللبنان، الذي يستأهل منا كل تضحية ممكنة، لن نتركه ينهار. أمامنا عمل كثير، ولا وقت نضيّعه. نظرة واحدة ، ولو سريعة الى بعض الايجابيات في هذه الايام مع بدء فصل الصيف تكفي لإعادة الأمل بأن لبنان لن يموت، وهو سيتغلب على محنه.
أكتفي بهذا سائلا المولى عزّ وجلّ ان يسدد خطانا لما فيه رضاه، ولما فيه خير لوطننا الحبيب لبنان. والسلام عليكم".