المصدر: وكالات
الثلاثاء 23 كانون الثاني 2024 15:14:03
وبعد ذلك بساعات، فارق الحياة فتى آخر، يبلغ من العمر 17 عاماً، متأثراً بإصابته نتيجة إقدامه على الانتحار في قرية مشمشان بريف جسر الشغور الشرقي، بعدما أطلق النار على نفسه بمسدس حربي، ونقل إثرها إلى المستشفى حيث توفي.
وسجلت مناطق سيطرة المعارضة السورية، شمال غربي سوريا، منذ كانون الثاني/يناير 2023 حتى كانون الأول/ديسمبر 2023، 62 حالة انتحار بينها 34 حالة باءت بالفشل، بحسب إحصاءات نقلتها وسائل إعلام محلية. فيما سجلت المنطقة العام 2022، 88 حالة انتحار، لكن تلك الأرقام ربما تكون أكبر من ذلك مع صعوبة التحقق منها بشكل مستقل.
و"حبة الغاز"، هو الاسم الشائع لمركب "فوسفيد النتروجين"، ويمكن الحصول عليها بسهولة من الصيدليات والبقاليات، وباتت الوسيلة الأكثر انتشاراً للانتحار في شمال سوريا الخارج عن سيطرة نظام الأسد، رغم التعليمات بعدم بيعها إلا في الصيدليات الزراعية وللبالغين فقط، إذ يفترض استخدامها كمبيد حشري.
هذه النوعية من الحوادث تلقي الضوء على التفكك والانهيار الاجتماعي في البلاد، رغم أنها ليست طارئة على المجتمع السوري الذي يفرض ضغوطاً شديدة على الطلاب في المدارس مع إعطاء قيمة لـ"التفوق". ولا يختلف الأمر بين مناطق سيطرة المعارضة أو الأكراد أو مناطق سيطرة النظام السوري التي شهدت العام 2020 على سبيل المثال حادثة انتحار طالب رسب في امتحانات الشهادة الثانوية في طرطوس.
وطوال عقود كان التفوق ضمن نظام التعليم في سوريا الأسد، قيمة سامة ومرهقة تؤدي إلى فرض ضغوط على الأفراد ضمن عائلاتهم ومحيطهم الاجتماعي منذ سن صغيرة. وفيما قد تتراوح تلك القيمة في حضورها بين مكان وآخر ضمن البلد نفسه، فإنها كانت تقسم الناس إلى طبقات اقتصادية واجتماعية وتعطي أهمية للناس حسب مهنهم اليومية التي يتم تحديدها وفقاً للأداء الدراسي. ويُنظر إلى أصحاب المهن التي توصف بالأفضل، كالهندسة والطب، باحترام، فيما تُحتقر المهن الأخرى الأقل شأناً، وحتى ضمن الاختصاصات نفسها يتم خلق تصنيفات مماثلة أيضاً.
وفيما تتوافر إحصائيات في مناطق شمال سوريا عن حالات الانتحار، فإن النظام السوري من جانبه يعمد بشكل رسمي إلى إخفاء الإحصائيات المتعلقة بحوادث الانتحار في البلاد منذ العام 2021 عندما تحول الأمر إلى قضية رأي عام.
وإن كانت سوريا تأتي في المرتبة 176، كواحدة من أقل دول العالم تسجيلاً لحوادث الانتحار ضمن مؤشر منظمة الصحة العالمية العام 2019، فإن المنظمة تشير بوضوح إلى أن محاولات الانتحار في البلاد غير قانونية ويعاقب عليها بالسجن أو عقوبات أخرى، ما قد يؤدي إلى عدم الإبلاغ عن حالات الانتحار. ويثير ذلك التفصيل التساؤلات حول موثوقية الإحصائيات الرسمية المتعلقة بالانتحار.
وتقول منظمة "World Population Review"، وهي منظمة أميركية مستقلة غير ربحية تقدم الإحصاءات والتحليلات، أنه من المدهش أن العديد من الدول الأكثر اضطراباً، تمتلك معدلات انتحار منخفضة نسبياً، ومن بينها سوريا. وليس من الواضح ما إذا كانت إحصاءات الانتحار هناك، تعكس حالات الانتحار التي ارتكبت بسبب مشاكل الصحة العقلية والأمراض المزمنة (وهي الأسباب الرئيسية للانتحار في معظم أنحاء العالم) أو تشمل حالات الانتحار المرتكبة كجزء من النزاعات المستمرة والحروب.