المصدر: الانباء الكويتية
الاثنين 25 آب 2025 00:01:25
لم يعد سرا أن الموفد الأميركي توماس باراك ومرافقته مورغان أورتاغوس سيحاولان تدوير الزوايا في جولتهما البيروتية المقبلة، بعد تلقيهما الجواب الإسرائيلي على الورقة الأميركية التي تضمنت نقل الملاحظات اللبنانية إلى إسرائيل.
ولم يعد سرا أيضا ان الحسابات الإسرائيلية معقدة جدا وسترخي بثقلها على السلطات الرسمية اللبنانية، لجهة تضمنها تحييد قرى الحافتين الأمامية والخلفية الحدودية إلى أجل، وتأجيل عودة السكان اليهما. عودة تحتاج في الأساس وقتا غير قصير، بعد تدمير كل شيء في تلك القرى والبلدات والقضاء على معالم الحياة فيها. وقد جاء تسريب وجهة النظر الإسرائيلية بجعلها منطقة اقتصادية صناعية لبنانية، ليبدد مطالب الأهالي مدعومين بـ «الثنائي الشيعي» أولا، وقبله الدولة اللبنانية لجهة سيادة الدولة اللبنانية على أراضيها كاملة.
وليس سرا أيضا ان باراك وأورتاغوس سيسوقان لسياسة «خطوة مقابل خطوة»، من دون ان يعني ذلك قبول السلطة اللبنانية للعرض الإسرائيلي، الذي يكرس احتلالا مقنعا لأراض لبنانية وجعلها خارج سلطة الدولة اللبنانية.
وهذه النقطة تعيد أحد ركني «الثنائي الشيعي» رئيس المجلس النيابي نبيه بري بالذاكرة إلى المفاوضات التي أجراها في حرب يوليو 2006 مع وزيرة الخارجية الأميركية وقتذاك كوندوليزا رايس. وقد شدد بري على العودة الفورية وغير المشروطة للسكان الجنوبيين إلى بلداتهم وقراهم، الأمر إلى حصل في الساعات الأولى لوقف إطلاق النار الذي أبصر النور تحت القرار 1701الصادر عن مجلس الأمن الدولي منتصف أغسطس 2006.
ولم يعد سرا في المقابل ان الأحوال تبدلت بشكل جذري عما انتهت اليه حرب يوليو 2006، بوقائع ميدانية على الأرض محليا وإقليميا بعد الحرب الإسرائيلية الموسعة بين 20 سبتمبر و27 نوفمبر 2024.
وفي هذا السياق، ينقل أكثر من جنوبي مقيم في بيروت، وقد قصدوا الجنوب لظروف عائلية طارئة، ان الجنوبيين يعيشون حتى الساعة أجواء الحرب، ويعتبرون مناطقهم في هدنة قسرية قابلة للاهتزاز في أي لحظة، نسبة إلى استمرار الضربات الإسرائيلية في مناطق مكتظة داخل أحياء مدينة صور مثلا.
توازيا نقل مهندس زراعي يعمل في شركة وطنية كبرى لـ «الأنباء» ملاحظته على هامش تفقده مناطق زراعية عائدة للشركة قرب بلدات حدودية، «تعمد الجيش الإسرائيلي القيام بأعمال تجريف واسعة في الأراضي التي تخص السكان المقيمين، للحؤول دون عودتهم إلى أراضيهم الزراعية. في حين ان الأضرار أقل بكثير في الأراضي العائدة لغير المقيمين، ولمالكين من طوائف أخرى من غير أهالي البلدات..».
والحديث هنا عن واقع ديموغرافي يحاول فرضه الجيش الإسرائيلي، في غياب أي رادع محلي لبناني داخلي، وتفهم من المجتمع الدولي لوجهة النظر الإسرائيلية، من بوابة «العمل على نزع فتيل الحروب مستقبلا على ضفتي الحدود..».
من جهة أخرى، تتجه الأنظار اليوم إلى مقر الأمم المتحدة في نيويورك، حيث يتوقع ان يصوت مجلس الأمن الدولي على مشروع قرار فرنسي للتجديد للقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان «اليونيفيل» لمدة سنة اضافية، وسط خلافات حادة حول التجديد تحصل للمرة الأولى، بعدما كانت العملية تتم بشكل روتيني منذ وصول تلك القوات إلى لبنان بعد الاجتياح الإسرائيلي لجنوب الليطاني في مارس عام 1978. واقتصر الأمر سابقا على زيادة عدد «اليونيفيل» وإجراء بعض التعديلات على عملها ليتناسب مع القرار 1701 الذي صدر بعد حرب 2006.
وأفادت معلومات صحافية أمس، أن فرنسا طلبت تأجيل التصويت على التمديد لـ «اليونيفيل» إلى يوم الجمعة 29أغسطس.
ويتوقع ان تشهد عملية التصويت نقاشات واسعة في ظل الإصرار الأميركي على إنهاء دور هذه القوات. وذكرت مصادر ديبلوماسية ان فرنسا أجرت بعض التعديلات على مشروع القرار الذي أعدته، ويحظى بموافقه 14 عضوا من أعضاء المجلس الأمن الـ15 عدا الولايات المتحدة.
وأضاف مصدر: «تصر واشنطن على ان يكون التجديد الأخير مع بدء انسحاب تدريجي لهذه القوات وخفض عددها الذي تمت زيادته لتصبح اكثر من 10 آلاف جندي عام 2006. وقد أبدت فرنسا ليونة في مشروع القرار لجهة إجراء مراجعة خلال السنة المقبلة من قبل الأمين العام للأمم المتحدة، يحدد في ضوئها إمكانية استمرار هذه القوات أو إنهاء عملها بشكل تدريجي، مع ضمان انتشار الجيش اللبناني حتى الحدود الدولية، وتوفير الاستقرار في المنطقة الحدودية».
وتوقع المصدر «ان يتم في نهاية المطاف التجديد لهذه القوات نظرا إلى المرحلة الدقيقة والنقاشات الجارية حول الوضع الجنوبي، والانسحاب الاسرائيلي مقابل انتشار الجيش اللبناني، ولما لهذه القوات من دور فاعل ومساعد في هذه المرحلة الانتقالية».
في الداخل، تتكثف الاتصالات في الاسبوع الأخير من المهلة التي اعطتها الحكومة لقيادة الجيش لوضع خطة لسحب السلاح من جميع الأطراف على الساحة اللبنانية. وأشارت المصادر إلى ان «حزب الله» تراجع من حيث الشكل في موضوع السلاح، بحيث دعا إلى وضع خطة لا تتضمن جدولا زمنيا، فيما تحرص قيادة الجيش على تنفيذ سحب السلاح في إطار التفاهمات وتجنب أي اصطدام، وتحت سقف الغطاء السياسي والرسمي.
وقال مصدر رسمي لـ «الأنباء»: «ان عدم وضع الجدول الزمني يفرغ قرار سحب السلاح من مضمونه ويشكل تراجعا من قبل الحكومة، تعقبه تراجعات أخرى قد تعيد مسار قيام الدولة إلى نقطة البداية. كما انه يعطل الخطوات الإيجابية التي بدأت على صعيد سحب السلاح الفلسطيني من مخيم برج البراجنة في الضاحية الجنوبية لبيروت، وقد أفيد بأن الاتصالات قطعت شوطا للخطوة الثانية في مخيمات جنوب الليطاني الثلاثة الكبرى وهي: البص والرشيدية والبرج الشمالي، وكلها في محيط مدينة صور».
وأضاف المصدر: «أي خطه لا تتضمن جدولا زمنيا لسحب السلاح سقفه نهاية السنة مع احتمال تمديد محدود، وقبل الدخول في العملية الانتخابية المقررة في مايو 2026، لن يكون مقبولا من الجهات الدولية الضامنة، ومن الوفد الاميركي المفاوض تحديدا..».