المصدر: نداء الوطن
الكاتب: أندريه مهاوج
الجمعة 12 كانون الاول 2025 07:45:18
رسخت زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان بيروت الأولويات التي تعتمدها الأسرة الدولية في تعاطيها مع ملف إعادة ترتيب الأوضاع في الإقليم من ضمنها الملف اللبناني الذي تحرص باريس على مواكبته باهتمام خاص بالنظر الى وجودها التاريخي في منطقة الشرق الأوسط من بوابة علاقاتها الخاصة بلبنان، فيما تبقى كل إجراءات الدعم الموعودة من قبل المجتمع الدولي بما فيها مؤتمرات دعم لبنان وزيارة قائد الجيش باريس من دون مواعيد محددة.
ومن هذا المنطلق أعادت زيارة لودريان ترتيب أولويات السياسة الفرنسية للمرحلة المقبلة في لبنان والتي هي نتاج التطورات التي افرزتها عملية طوفان الأقصى والحروب التي تلتها. وهذه الأولويات حدّدها الناطق باسم الخارجية الفرنسية بمتابعة آلية وقف إطلاق النار وتعزيزها وبتنفيذ خطة الجيش اللبناني لنزع سلاح "حزب الله" إضافة الى إنجاز الإصلاحات المطلوبة. ولا تخفي باريس في هذا الإطار إصرارها على إنجاز قانون الثغرة المالية الذي تعتبره مدخلًا لمعالجة المشكلة المالية.
بنظر باريس، ان إنجاز هذه الملفات ومن ضمنها أيضًا إصلاح القضاء يعتبر ضروريًا لإعادة إنعاش لبنان، وتأمين الاستقرار والدعم المالي الضروري للنهوض بالبلاد وهذا ما دفع بالناطق الفرنسي إلى القول إن باريس تسعى لعقد مؤتمر دعم القوات المسلحة اللبنانية عقب قرار الحكومة اللبنانية القاضي بحصر السلاح بيدها، وهذا يظل بالطبع منظورنا الأساسي بحسب ما شدد عليه الناطق الفرنسي في تعبير واضح عن أن تنفيذ كل الوعود بشأن الدعم الموعود مرتبط مباشرة بتنفيذ قرار حصر السلاح بيد الدولة بشكل كامل، بما يعني كل الأراضي اللبنانية، وبإجراء الإصلاحات كاملة على قاعدة الشفافية المطلقة.
باريس لا تقوم بتحرك منفرد، ولكن زيارة لودريان تندرج في إطار المبادرات والمساعي الإقليمية والدولية لتجنيب لبنان كوارث أمنية واجتماعية واقتصادية جديدة. من هذا المنطلق يؤكد الناطق باسم الخارجية وجود تعاون وثيق بين باريس وشركائها السعوديين والأميركيين حول هذه الملفات. وأشار إلى أن أولوية فرنسا هي دعم القوات المسلحة اللبنانية وقوى الأمن الداخلي اللبنانية في تنفيذ قرار الحكومة بشأن احتكار الدولة اللبنانية للأسلحة ونشر القوات المسلحة في جنوب لبنان.
ولم يخلُ كلام الناطق الفرنسي من إعادة التأكيد على أن الهدف الأول في هذه المرحلة، هو تعزيز آلية وقف إطلاق النار، والإعداد لاجتماع الميكانيزم في التاسع عشر من الحالي، موضحًا أن جان إيف لودريان سيشارك في هذا الاجتماع.
وأضاف أنه منذ قرار مجلس الأمن بتجديد ولاية اليونيفيل في نهاية آب الماضي، تسعى فرنسا ومع حلفائها لأن يحقق الجيش اللبناني، أولًا، نزع سلاح "حزب الله"، ثم استعادة المواقع في جنوب لبنان، ملاحظًا أنه تم تحقيق بعض التقدم في هذا المجال ولكن هناك خطوات أخرى يجب القيام بها.
هذه الرسالة تُنقل أيضًا إلى الشركاء السعوديين، في إطار التحضير والتنظيم للمؤتمر المرتقب لدعم الجيش اللبناني برعاية فرنسية سعودية كما قال الناطق الفرنسي موضحًا أن باريس تطمح دائمًا لإعداد مؤتمر حول إعادة إعمار الاقتصاد اللبناني في فرنسا، بمجرّد أن يتمّ تنفيذ عدد من الإصلاحات، لا سيما الاقتصادية وأن يتم إحراز تقدم على الجانب اللبناني وعندما تتوافر الشروط اللازمة، كما قال.
مما قاله الناطق باسم الخارجية تبدو الرسالة الفرنسية واضحة: لا مساعدات، ولا دعم، ولا مؤتمرات، ولا إعادة إعمار… قبل أن يحسم لبنان مسألة السلاح خارج الدولة ويباشر إصلاحات بنيوية عميقة. وبالتالي، فإن المرحلة المقبلة ستشهد ضغطًا دوليًا متزايدًا على الدولة اللبنانية لتنفيذ هذه الشروط، ضمن إطار تفاهم دولي – إقليمي تشارك فيه واشنطن والرياض.