المصدر: المدن
الكاتب: منير الربيع
الثلاثاء 4 كانون الثاني 2022 06:31:09
كتب منير الربيع في صحيفة المدن: لم يكن حزب الله ليفضل السجال والصراع القائمين والمفتوحين بين حليفيه اللدودين: حركة أمل والتيار العوني. فمخاطر ذلك كثيرة، من الآن حتى موعد الانتخابات النيابية. والأجواء والوقائع هذه تعاكس رغبات حزب الله، الذي يفضل عقد تحالف انتخابي مع حليفيه، فيريح رأسه من مشاكل كثيرة. لكن ها هي سنة 2022 تفتتح على سياق أوسع للمعركة القابلة للتجدد والاستمرار والتوسع.
باسيل وأحضان حزب الله
وقد يجد حزب الله أنه في موقع يفرض عليه كلفة هائلة لقاء علاقته بالتيار العوني وجبران باسيل. وهي كلفة لن يكون قادراً على تحملها على المدى الطويل، لأسباب يعتبرها بعض خصومه وحلفائه ناجمة عن سوء إدارته علاقته السياسية بالتيار العوني. ففي كلام باسيل الأخير بدا كأنه يشمت بحزب الله، حينما خاطبه: لم يعد لديك أي حليف في لبنان. وحلفاؤك تخلوا عنك.
وحزب الله في المقابل لا يريد المغامرة أو التضحية بعلاقته بحركة أمل. فاستراتيجيته تقوم على النواة الشيعية، وبالتالي وحدة الطائفة تحت قيادته هي التي تعنيه، ولا يمكن ضربها في سبيل أي حساب آخر.
ويبدو باسيل ضعيفاً إلى درجة يسهل على حزب الله التعامل معه. فباسيل بعدما خسر أوراقه الخارجية والداخلية، غير قادر على الخروج عن علاقته بالحزب إياه، طالما لم يعد لديه أي خيار سواه. وهو عاش في أحضان حزب الله منذ العام 2006 حتى اليوم.
وتقف اليوم خلف ذلك أسباب كثيرة: نشأته وبروزه السياسي الفاعل والمؤثر، من دون أن يكون مؤهلاً لدور يمكِّنه من قلب الموازين، أو الذهاب إلى خصوم حزب الله، وكأنه عراب مشروع التغيير. فمبرر وجوده يرتبط بقوة علاقته بالحزب عينه. أما في حال أراد التخلي عنه فلن يكون قادراً على لعب دور حصان طروادة، حتى لو نسج على منوال بشار الأسد أو استنجد به.
توسلاته وصليبه
وأقصى ما يمكن لباسيل أن يقوم به هو دخوله في معارك صوتية، لإحداث تغيير في المزاج المسيحي. وللقول لحزب الله: أحتاج إلى المزيد من الاهتمام، ولا يمكن تركي مهملاً على مسافة أشهر قليلة من انتهاء العهد العوني، الذي برزت فيه، ولأجدني حالياً معزولاً ومعاقباً وخاسراً كل علاقاتي الداخلية والخارجية.
لقد أصبح باسيل "مصلوبًا" على حدّ السيف. أو في موقع لا يحسد عليه. ويضع في رأسه فكرة أساسية واحدة: خسارتي علاقتي بحزب الله، تتركني في حضيض لن أجد من يرفعني منه على الراحات سوى الحزب إياه، طالما لا أحد يسعى إلى ترتيب علاقته بي.
استفزازاته علة وجوده
أما أشد من يتمنى بقاء باسيل في أحضان حزب الله فهو القوات اللبنانية. وهذا لحسابات عدة، سياسية، انتخابية، مسيحية، داخلية، وخارجية.
وفي اللعبة المشهودة، ثمة ترسيخ للسلطة القائمة. فعلى الرغم من كل السجال الحاصل، هناك تعزيز لفكرة أساسية: اللعبة السياسة حالياً محصورة بين الأطراف التقليدية. والتركيبة القائمة هي التي تستمر في حكم لبنان. لذا لا بد لأي تعاون خارجي أن يتعاطى معها.
ولذلك، من مصلحة باسيل الدخول في صراع مع هذه القوى السياسية التقليدية. فليحافظ على بقائه ووجوده عليه تسعير هذا الصراع. وهو يتقن هذه اللعبة، بغية الاستفزاز والحضور، متوسلاً شن الهجمات عليه. فهو يستثمر في الخصومة وشد العصب، واستدراج الآخرين إلى مجابهته. وبذلك يثبت حضوره الصوتي على الأقل.