المصدر: صوت بيروت انترناشونال
الكاتب: تشارلي عازار
الخميس 17 تموز 2025 12:00:51
بالله عليكم، ألم يصفعكم الدهشة كما صفعتني، عندما شاهدتم السيد جبران باسيل، رئيس التيار الوطني الحر، يقف شامخاً على منبره، وكأنه أحد القديسين الجدد في هيكل الشفافية، يتحدث عن مكافحة الفساد؟ نعم، هو ذاته الذي يحاضر في الإصلاح، ويحارب المحسوبيات، وينتقد التعيينات، ويتهم الدولة بـالمحاصصة والمحسوبيات! للحظة، عندما سمعت الصوت الأجشّ قادماً من شاشة التلفاز، ودون أن أرى المتكلم، ظننت أنني استمع إلى خطبة عصماء من أحد الفدائيين الجدد الذين اكتشفوا الفساد للتو. تساءلت في سذاجة: “من هذا الملهم الذي يتحدث بهذه الحماسة؟”. ثم نظرت إلى الشاشة، وتفاجأت! إنه هو! نعم، جبران باسيل شخصياً!
لا أدري لماذا، ولكن تخيلته للحظة وهو يقضي “عهدًا كاملاً” يتنقل بـ”الغولف كار” في شوارع البترون، لا كمهندس إصلاحي أو محارب للفساد، بل كدليل سياحي! كان وقتها مطمئناً، فقد كان كرسي بعبدا “دافئاً” ومحجوزاً بشكل مريح بفضل “العم” العزيز، الذي لم يوفر جهداً في “توزيع” المهام الصعبة (والسهلة أيضاً) على صهره الحبيب. ويبدو أن “المهام الصعبة” لم تكن تشمل “الإصلاح”، أو ربما كانت تشمل نوعاً خاصاً جداً من الإصلاح لم يتمكن البسطاء من فهمه.
الآن، وبعد كل هذه السنوات، وبعد أن استلمنا جرعات مكثفة من الخطابات الرنانة حول “العهد القوي” و”مكافحة الفساد”، يأتينا سؤال “أين الإصلاح؟” من فم أدرى الناس بذلك. وكأن باسيل يستيقظ كل صباح ليسأل نفسه هذا السؤال الوجودي العميق، بينما يتصفح سجل الإنجازات “الإصلاحية” التي تركها ورائه.
الغريب في الأمر، أن السؤال “أين الإصلاح؟” يصدر وكأنه موجه إلينا، نحن عامة الشعب، الذين لا حول لنا ولا قوة، وكأننا نحن من كنا نمسك بدفة القيادة ونوقع على المراسيم. أتساءل، هل يظن أننا نملك “الزر السري للإصلاح” في جيوبنا الخلفية ولم نضغط عليه بعد؟ أم أننا أخفينا “خريطة الإصلاح” في مكان سري ونسينا أين وضعناها؟
ربما الحل بسيط للغاية: عندما يسأل باسيل “أين الإصلاح؟”، يجب أن نصرخ بصوت واحد: “بدك تسأل تكتل التغيير والإصلاح!” فمن غيرهم أدرى بالإصلاح، وهم من قادوا زمام الأمور لسنوات عديدة؟ ربما لديهم الإجابة مخبأة في أدراج مكاتبهم، أو ربما يتوجب عليهم البحث عنها في أدراج “الغولف كار” القديم في البترون! فالسخرية وحدها لم تعد تكفي أمام هذا الواقع المرير.