باسيل يناجي سوريا من عنجر

لم يقف وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل دقيقة صمت على أرواح الشهداء الذين قضوا بفعل التعذيب في أقبية الاستخبارات السورية في عنجر، ولم يتأمل للحظة بالمحطة الأخيرة التي كان يتوقف فيها المقاومون قبل أن يرسلهم نظام الأسد إلى مجاهل السجون السورية.

قوافل قوافل خطّت تاريخا من ذهب، وتعيش اليوم في ضمير شعب حيّ لن يسقطها بفعل الهرولة إلى السلطة. باسيل مرّ مرور الكرام عليهم في عنجر، مكتفيا بالقول إن "عنجر ترمز في الذاكرة اللبنانية القريبة إلى حقبة لا نريد أبدا أن تتكرر" مضيفا أن "عنجر اللبنانية تساعد سوريا اليوم، ونحن جاهدنا لتكون حدودنا مع سوريا حدود السيادة والحرية والإستقلال وهذا هو خط العلاقة التي رسمناها".

 

 لكن خط العلاقة ناقص يا سيّد الوزير بفعل إغفالكم المعتقلين بالسجون السورية، لأنك متقاعس كوزير خارجية لبنان في المطالبة بهم والإصرار على عودتهم، أو أن القضية اليوم لا تدرّ سلطة عليكم فتسقطوها من الحسابات؟ حدود العلاقة أيضا تحدّها حدود غير مرسّمة، ما يترك مزارع شبعا أيضا في معرض المزايدات السخيفة وورقة تين لسلاح حزب الله.

 

صحيح أن عنجر كما قلت بوابة لبنان باتجاه سوريا وانه بحكم الجغرافيا سوريا المتنفس الوحيد، لكن العلاقة مع أي جار وغيره من الدول لا تبنى على منطق "الحيط الواطي"، فكرامة اللبنانيين أبدى من أي شيء، وقبل تحرير المعتقلين وتسليم المسؤولين عن متفجرات سماحة مملوك، وقبل الإعتذار من اللبنانيين على ما قاساه الشعب اللبناني في حقبة الإحتلال السوري، فأي تبادل أو تعاون مع النظام في سوريا ستكون حدوده التفريط بالقضية اللبنانية والتخاذل بحق الدماء التي سكبت في مسيرة لبنان السيد المستقل.

 

في عنجر أيضا وإذا بدّلنا الأرقام من 13 تشرين إلى 31 تشرين 1622 ، تاريخ ليس بجديد تتحدث فيه حجارة عنجر عن بطل اسمه فخر الدين المعني الثاني، تسلح بلبنانيته وآمن بشعبه وبعزّة نفسه، فهزم والي دمشق مصطفى باشا وجيش السلطنة العثمانية في معركة عسكرية انتهت بأسر مصطفى باشا، وسمح هذا الانتصار لفخر الدين أن يحكم سوريا العثمانية الممتدة من حلب في الشمال إلى العريش في شمال سيناء. فأين نحن اليوم من مجد فخر الدين؟ لذلك ما علينا إلا أن نتكل على أنفسنا ونناصر الحق قبل أي مصلحة أخرى، ونقتنع أن لبنان بحاجة إلى إعادة إعمار مفهوم رسالته في الحياة السياسية قبل التفكير بإعادة إعمار الحجر في الدول المجاورة...

 

جيلبير رزق