المصدر: الجريدة الكويتية
الأربعاء 9 نيسان 2025 01:11:23
في حين كان إعلان عقد اجتماع بين الولايات المتحدة وإيران السبت المقبل مفاجأة للكثيرين، كانت «الجريدة» قد كشفت، نقلاً عن مصادرها في إيران، عن 4 لقاءات جرت في سلطنة عمان بين الجانبين على عدة مستويات قادت إلى هذا التطور.
وبدأت اللقاءات غير الرسمية بين وفدين، أميركي وإيراني، الجمعة 28 مارس الماضي في عُمان، وفي عددها الصادر في 30 من الشهر ذاته نشرت «الجريدة» بعنوان «لقاء أميركي - إيراني غير رسمي في عاصمة خليجية»، وبعدها بأيام، وتحديداً يوم الثلاثاء 1 الجاري، كشفت عن عقد لقاء ثان مماثل، وعنونت في عددها الصادر 3 الجاري: «لقاء ثانٍ أميركي ـ إيراني في عُمان»، وآثرت «الجريدة» في هذه المرة ذكر العاصمة العمانية مسقط، بعد أن تبين أن اللقاءات جدية، وأنها تتجه لتحقيق اختراق.
ويوم الجمعة الماضي، حصلت «الجريدة» على معلومات تؤكد أن وفدي البلدين اتفقا على عقد لقاء أمني، وبناءً على نتائجه سيُعقَد لقاء دبلوماسي غير مباشر قد يتحول إلى مباشر في حال اتسعت دائرة التوافقات، وبناءً على هذه المعلومات، عنونت «الجريدة» في عدد الأحد 6 الجاري: «مفاوضات مباشرة أميركية ــ إيرانية قريباً».
ومساء أمس الأول (الاثنين) 7 الجاري، فاجأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجميع بالإعلان عن اجتماع رفيع ومباشر يوم السبت مع إيران، وذلك خلال استقباله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض.
وبعدها بساعات، أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي موعد الاجتماع، لكنه أصر على أنه سيكون عبارة عن تفاوض غير مباشر عبر الوسيط العماني.
وحسبما علمت «الجريدة» من مصدر مطلع، فإن المفاوضات على المستوى الأمني عُقِدت بالفعل الأحد والاثنين، وتم الاتفاق في ختامها على الانتقال إلى المستوى الدبلوماسي حسبما كانت قد ذكرت «الجريدة».
وبعد هذا التطور، اختار ترامب إعلان موعد الاجتماع خلال استقباله نتنياهو، وذلك بدون التشاور مع طهران.
وأكد المصدر أن الاجتماعات الأمنية بدأت بشكل غير مباشر، لكن سرعان ما تحولت إلى مباشرة بعد موافقة طهران وواشنطن على التسريع في التوصل إلى نتيجة.
وكشف أن الاختراق الذي سمح بالانتقال إلى المستوى الدبلوماسي، كان موافقة الأميركيين على أن تبدأ المفاوضات ببحث الملف النووي، وفي حال التوصل لنتائج تضمن لطهران رفع العقوبات وعدم خروج واشنطن مجدداً من أي اتفاق كما فعلت مع اتفاق 2015، فيمكن الحديث عن أمور أخرى.
ومن بين الأمور التي سهّلت الوصول للمفاوضات إعلان إيران، بشكل ضمني، أنها مستعدة لنوع من فك الارتباط مع الميليشيات في اليمن والعراق ولبنان.
وقد نجحت ضغوط واشنطن في تغيير موقف حكومتي لبنان والعراق من مسألتي سحب سلاح «حزب الله»، وتخلي الفصائل العراقية المحسوبة على طهران عن سلاحها. وكانت إيران أعلنت أنها غير مسؤولة أو معنية بقرار الحوثيين في اليمن.
في المقابل، حصلت طهران على تعهد أميركي بأنه في حال التوصل لاتفاق يرضي الطرفين فإن الرئيس ترامب مستعد لتحويله إلى معاهدة عبر تصديقه من الكونغرس، حيث يتمتع بأغلبية كبيرة فيه ما يجعل من الصعوبة التخلي عنه، كما فعل ترامب مع اتفاق 2015، الذي لم يعرضه الرئيس باراك أوباما آنذاك على الكونغرس.
وذكر المصدر أن النقاشات حول المكاسب الاقتصادية الأميركية المحتملة من أي صفقة - وهو الموضوع الذي يتصدر أولويات إدارة ترامب- احتلت جزءاً كبيراً من المداولات في اجتماعات مسقط. وقال إن إيرن تعهّدت بفتح قطاعات النفط والغاز والنقل والاتصالات والطاقة، إضافة إلى استخراج المعادن النادرة والحيوية، خصوصاً الليثيوم، أمام الاستثمارات الأميركية، مضيفاً أن واشنطن تتوقع الحصول على ما يزيد على عشرة تريليونات دولار من الاستثمارات في القطاعات المختلفة من الاقتصاد الإيراني الذي يفتقر للاستثمارات منذ نحو خمسين عاماً.
وفي تفاصيل الخبر:
تستضيف سلطنة عمان مباحثات إيرانية - أميركية وصفتها طهران بأنها غير مباشرة، في حين أصر الرئيس الأميركي دونالد ترامب على أنها مباشرة خلال إعلانه المفاجئ عن موعدها المقرر السبت المقبل بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وبعد ساعات من كشف ترامب لأول مرة عن موعد اللقاء المرتقب، ليل الاثنين ـ الثلاثاء، صرح وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بأن المحادثات ستكون «غير مباشرة ورفيعة المستوى».
ووصف عراقجي في منشور على منصة «إكس» المفاوضات المزمعة بأنها «فرصة بقدر ما هي اختبار والكرة في ملعب أميركا». ورأى المسؤول الإيراني أن التوصل إلى اتفاق وتحقيق نتائج مع الولايات المتحدة ممكن «إذا جاء الجانب الأميركي إلى عمان بإرادة حقيقية»، مشدداً على أن «هدفنا الأساسي في هذه المفاوضات هو تحصيل حقوق الشعب الإيراني ورفع العقوبات». وحذر من أن «المفاوضات التي تقوم على التهديد والضغط هي إملاءات وليست تفاوضاً»، نافياً أن تكون بلده قد قبلت بأي شروط مسبقة لبدء المحادثات.
وبين عراقجي أن حكومته اختارت المحادثات غير المباشرة مع واشنطن لتجنب ضغوطها وتهديداتها وإملاءاتها على طهران التي طالما رفض مرشدها الأعلى علي خامنئي الدخول في أي مفاوضات مع الولايات المتحدة بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي عام 2018 وقيامه بقتل قاسم سليماني في العراق عام 2020. وأشار إلى أن المباحثات يمكن لها أن تضمن حواراً واقعياً ومؤثراً. ورغم تشديده على أن بلده لن تقبل بأي تفاوض مباشر، اعتبر عراقجي أن شكل المباحثات ليس الأولوية بل درجة تأثيرها وما سيقوله الطرفان ونواياهما والإفادة السياسية من أجل التوصل إلى اتفاق. وأعرب عن عدم معارضة بلده بناء الثقة حول نشاطها النووي «إلا إذا كان سيقيد برنامجنا»، لافتاً إلى أن هدف حكومته الأصلي هو تحسين أوضاع الشعب الإيراني.
وتعهد عراقجي بـ»عدم تحقق أحلام إسرائيل» التي تتطلع بموازاة واشنطن إلى تفكيك برنامج بلده النووي الذي تخطى حدود تخصيب اليورانيوم للاستخدامات السلمية المعروفة على الساحة الدولية دون أن يصل إلى حد إنتاج الأسلحة الذرية.
وأمس الأول، ذكر ترامب أنه يريد لإسرائيل أن تكون مشاركة في أي اتفاق بشأن إيران «لكن نسعى لتفادي أي صدام»، لافتاً إلى أن «التوصل إلى اتفاق مع إيران هو الأمر المفضل لدينا لأنه في حال عدم التوصل لذلك ستحدث أمور سيئة جداً لها وهذا ما لا أريد قوله». وأمل ترامب أن «أن تنجح المفاوضات المهمة السبت المقبل مع إيران لتفادي امتلاكها سلاحاً نووياً». إدارة وشكوك في هذه الأثناء، ذكرت وكالة «نورنيوز» الإيرانية الرسمية أن المحادثات سيقودها عراقجي والمبعوث الأميركي ستيف ويتكوف عبر وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي.
وفي حين أكدت مصادر مطلعة لـ»الجريدة» في عددها الصادر السبت الماضي أن طهران منفتحة على محادثات مباشرة مع واشنطن في حال أحرزت المفاوضات غير المباشرة تقدماً ملموساً، نقل موقع «أكسيوس» الأميركي أن ويتكوف الذي التقى نتنياهو في واشنطن يحمل قناعة بأن التوصل إلى اتفاق مع إيران ممكن ومفضل.
وفي وقت ذكر ترامب، ليل الاثنين ـ الثلاثاء، أن المحادثات بدأت بالفعل مع الإيرانيين وانها ستتواصل على أعلى مستوى السبت المقبل، نقلت «رويترز» عن مسؤولين إيرانيين قولهم إن طهران تتوخى الحذر إزاء محادثات السبت المقبل مع عدم وجود ثقة في إحراز تقدم ومع شكوك بالغة في نوايا واشنطن التي لوح رئيسها في رسالة بعث بها إلى خامنئي، مطلع مارس الماضي، بمواجهة عسكرية بحال عدم التوصل إلى اتفاق دبلوماسي.
وذكرت مصادر إيرانية وإقليمية أن طهران ترغب في رؤية مبادرات ملموسة من الولايات المتحدة، مثل رفع بعض العقوبات أو إلغاء تجميد بعض الأموال، قبل أي محادثات مباشرة. وأوضح ثلاثة من المسؤولين الإيرانيين أن طهران تعتبر تحذيرات ترامب وسيلة لإجبار الجمهورية الإسلامية على قبول تنازلات في المحادثات التي طالب ترامب بإجرائها وإلا واجهت ضربات جوية وأشياء سيئة جداً.
وأضافوا أن الولايات المتحدة ترغب في طرح قضايا أخرى، منها النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط وبرنامج طهران للصواريخ البالستية، والتي قالوا إنها غير مطروحة للمناقشة.
وبين مسؤول إيراني كبير أن ترامب «يريد اتفاقاً جديداً: إنهاء نفوذ إيران في المنطقة، وتفكيك برنامجها النووي، ووقف أنشطتها الصاروخية. هذه أمور غير مقبولة لطهران. لا يمكن تفكيك برنامجنا النووي». وقال مسؤول آخر: «دفاعنا غير قابل للتفاوض.
كيف يمكن لطهران نزع سلاحها وإسرائيل تمتلك رؤوساً نووية؟ من يحمينا إذا ضربتنا إسرائيل أو غيرها؟». موسكو وبكين ومع تبلور التحول المهم في وقت يواجه فيه «محور المقاومة» الذي أسسته إيران على مدى عقود، تحديات كبيرة بعد تلقيه ضربات قاصمة بغزة ولبنان وسورية والعراق واليمن، أكد نائب وزير الخارجية الروسي أندريه رودينكو عقب اجتماع عاجل بين خبراء من روسيا وإيران والصين استضافته موسكو لمناقشة مستقبل الاتفاق النووي «في ظل السياسة الأميركية الرامية لحل القضية النووية بالقوة»، إن موسكو يجب ألا تقدم دعماً عسكرياً لإيران حال تعرضها لهجوم أميركي، ولكنها ستتخذ تدابير لحل الصراع الحالي.
كما شدد على أن معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة المبرمة بين روسيا وإيران، والتي صدق عليها مجلس النواب الروسي «الدوما» أمس، لا تتضمن تقديم المساعدة العسكرية المتبادلة بحال تعرض أحد البلدين لهجوم خارجي. ونصت المعاهدة على أن روسيا وإيران ستتشاوران وتتعاونان لمواجهة التهديدات العسكرية والأمنية، وستجريان تدريبات عسكرية مشتركة على أراضيهما وخارجها.
وجاء ذلك في وقت رحب «الكرملين» ببدء المباحثات بين واشنطن وطهران بخصوص ملفها النووي. وفي وقت تشهد العلاقات الأميركية الصينية مواجهة اقتصادية حامية، دعا الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية، لين جيان، الولايات المتحدة «بصفتها الدولة التي انسحبت أحادياً من الاتفاق النووي الإيراني وتسبّبت في الوضع الحالي، بأن تُظهر صدقاً سياسياً واحتراماً متبادلاً بمباحثات مسقط».
اهتمام وتحذير وفي حين اعتبر متحدث باسم الامم المتحدة أن المباحثات الأميركية - الإيرانية فرصة مهمة لخفض التوتر، أعرب الرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو عن خشيته من أن يتصاعد النزاع المحتمل بين إيران والولايات المتحدة إلى حرب عالمية ثالثة، إذا دخلت موسكو على الخط «دفاعاً عن طهران».