المصدر: المدن
الخميس 28 تشرين الأول 2021 16:29:44
كتب نادر فوز في المدن:
"لا يُملّ من مشهد عرقلة التحقيق في انفجار مرفأ بيروت. فانضمّ اليوم الوزير السابق النائب نهاد المشنوق المدعى عليه في الملف، من خلال وكيله المحامي نعوم فرح، بدعوى مداعاة الدولة بوجه المحقق العدلي القاضي طارق البيطار. فحذا حذو رئيس الحكومة السابق، حسان دياب، الذي تقدّم أمس بدعوى المداعاة وعطّل جلسة استجوابه التي كانت محدّدة اليوم، بحكم النصوص القانونية التي تمنع القاضي المدعى عليه بـ"المداعاة" من اتخاذ أي إجراء أو استجواب بحق الجهة المدعية، استناداً إلى المادة 751 من قانون أصول المحاكمات المدنية. وبذلك تكون جلسة استجواب المشنوق المحدّدة يوم غد قد تعطّلت أيضاً. ولمزيد من الحماية الطائفية، زار المشنوق اليوم دار الإفتاء والتقى المفتي عبد اللطيف دريان. أما الوزير السابق المدعى عليه، النائب غازي زعيتر، فلجأ فريق الدفاع عنه إلى تقديم طلب ردّ أمام محكمة الاستئناف.
استجواب زعيتر قائم
وفي اتصال مع "المدن"، اعتبر وكيل زعيتر المحامي سامر الحاج أنّ جلسة استجواب موكّله لا تزال قائمة غداً، بانتظار تبليغ القاضي البيطار بطلب الردّ. وحول مثول زعيتر أو عدمه والمسار الذي سينتهجه فريق الدفاع، يشير الحاج إلى أنّ "الفريق قد يتقدّم بدفوع شكلية للقاضي البيطار تنص على عدم صلاحيته التحقيق مع الوزير زعيتر"، مع تسلّح الفريق بالمادة 70 من الدستور اللبناني، وأصول محاكمة الرؤساء والوزراء أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء، بعد اتهامهم من قبل مجلس النواب.
دعوى المشنوق
أما في دعوى مداعاة الدولة التي تقدّم بها المشنوق، فأشار المحامي فرح في نصّها أنّ أسبابها تعود إلى 3 نقاط أساسية، وهي "أولاً، مخالفة المحقق العدلي المادتين 70 و71 من الدستور وإساءته تفسيرهما. ثانياً، مخالفة المحقق العدلي المادتين 350 و373 من قانون العقوبات والخطأ في تطبيقهما وتفسيرهما، ثالثاً، مخالفة المحقق العدلي القانون رقم 13/90 من خلال تجاهله طلب الاتهام المقدّم ضد المدعي أمام المجلس النيابي". ويمكن الاطلاع على النص الكامل للدعوى أدناه.
14 دعوى وطلب وإخبار
من دون أدنى شكّ، بات المحقق العدلي طارق البيطار، هو القاضي الذي ضرب الرقم القياسي المحلي لجهة طلبات الردّ ودعاوى الارتياب المشروع ومداعاة الدولة المقدّمة بحقه لعرقلة التحقيق ومنع استجواب المدعى عليهم السياسيين في الملف. فتم تسجيل 14 دعوى وطلب وإخبار ضدّه خلال ما يقارب الشهر، بين 22 أيلول الماضي واليوم 28 تشرين الأول. وأدناه تفاصيلها:
22 أيلول، دعوى ارتياب مشروع من الوزير السابق يوسف فنيانوس أمام الغرفة السادسة من محكمة التمييز برئاسة القاضية رندة كفوري.
24 أيلول، طلب رد مقدّم من المشنوق ضد البيطار أمام محكمة الاستئناف أحيلت إلى رئيس الغرفة رقم 12 القاضي نسيب إيليا.
24 أيلول، طلب ردّ مقدّم من زعيتر والوزير السابق المدعى عليه علي حسن خليل أمام محكمة الاستئناف أحيلت إلى رئيس الغرفة رقم 12 القاضي نسيب إيليا.
4 تشرين الأول، فنيانوس يتقدّم بإخبار ضد البيطار بتهمة التزوير.
8 تشرين الأول، المشنوق يتقدم بدعوى ارتياب مشروع أمام محكمة التمييز.
8 تشرين الأول، زعيتر وخليل يتقدمان بطلب رد أمام محكمة التمييز أحيل إلى رئيسة الغرفة الخامسة القاضية جانيت حنا.
11 تشرين الأول، زعيتر وخليل يتقدمان بطلب رد أمام محكمة التمييز أحيل إلى رئيس الغرفة الأولى القاضي ناجي عيد.
19 تشرين الأول، المحامية مي الخنساء تتقدم بإخبار ضد البيطار بجرم ارتكاب الإرهاب وتمويل الإرهاب، والنيل من هيبة الدولة، وارتكاب جرائم الفتنة، والتحقير وجرائم ضد القانون وضد الدستور اللبناني (وضد رئيس حزب القوات اللبنانية أيضاً، من دون معرفة سبب الربط بين الإسمين).
26 تشرين الأول، فنيانوس يتقدم بطلب رد أمام محكمة الاستئناف أحيل إلى الغرفة رقم 12 برئاسة القاضي نسيب إيليا.
27 تشرين الأول، دياب يتقدم بدعوى مداعاة الدولة أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز.
27 تشرين الأول، زعيتر وخليل يتقدّمان بدعوى تعيين مرجع أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز لتقديم طلب ردّ ضد البيطار.
27 تشرين الأول، طلب نقل الدعوى لارتياب مشروع مقدّم من المواطن هاشم أحمد أمام محكمة التمييز (واللافت أنّ اسم أحمد غير موجود بين أسماء الجهات المدّعية في الملف).
28 تشرين الأول، المشنوق يتقدّم بدعوى مداعاة الدولة أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز.
28 تشرين الأول، الوزير زعيتر يتقدّم بطلب ردّ القاضي البيطار أمام محكمة الاستئناف.
اختبار القضاء
في خلاصات المشهد القضائي المتعلّق بملف انفجار مرفأ بيروت، بات أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز مسؤوليات كبيرة لتحديد مصيري التحقيق والقاضي طارق البيطار. على الهيئة العامة، التي على الأرجح لن تلتئم قبل الأسبوع المقبل على أقرب تقدير بفعل سفر رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود، البتّ بدعاوى "المداعاة" وتعيين المرجع. فيخوض القاضي عبود ومعه محكمة التمييز اختباراً هو الأكثر جديّة منذ بدء الحملة على التحقيق. وهنا لا بد من القول إنه حتى لو اتخذت الهيئة العامة لمحكمة التمييز قراراً هي مقتنعة به يطيح بالقاضي البيطار (إبطال قراراته بحق المسؤولين السياسيين)، فلا يمكن لها أن تقطع حبل التشكيك بهذا القرار على أنه جاء بفعل الضغوط والحملات السياسية المشهودة على المحقق العدلي والتحقيق. كما أنّ الضغوط أرست موضوع التشكيك بالقضاء ككل، إن اتخذ قراراً سلبياً أو إيجابياً بأي اتجاه كان. وعلى عكس التشكيك الممكن بالقضاء، فإنه لا يمكن التشكيك بالقاضي البيطار وسلوكه الواحد والمباشر رغم كل الضغوط والحملات والدعاوى والتهديدات.
يسارع عدد من المحسوبين على الجهات المدعى عليها للاحتفال بهذا الانتصار الذي تحقّق اليوم على القاضي طارق البيطار. هو احتفال بالتعطيل الإضافي الذي طرأ مجدداً على التحقيق لا أكثر. هو احتفال بتعطيل ليس فيه سوى إدانة جديدة لتهرّب المدعى عليهم من الاستجواب. لكن في الجهة المقابلة، ثمة من يقول مجدداً أيضاً، إنّ انتصار السلطة في التعطيل، هو انتصار مؤقت. فمن خَبِر حالات الانتصار والنشوة لدى هذا الفريق المحتفل طيلة الأسابيع الماضية، يعلم جيداً أنّ انتصاراتهم مؤقتة. وحتى لو أنها لم تكن مؤقتة، فإنّ هذا الانتصار يثبّت سقوطاً أخلاقياً في مجزرة 4 آب.