بالصور- حتى أسرار وغراميات أَبَويه.. تخلى عنها بشار ليفرّ من سوريا

سقط نظام آل الأسد في سوريا، في الثامن من الشهر الجاري، وسقطت معه كل الأسرار الاستخباراتية والأمنية التي جهد النظام على إخفائها للتستر على جرائم ارتكبها ضد الإنسانية لا سابق لها، من قتل وتعذيب وإخفاء لجثث الضحايا بآلات ضغط وكبس للجثث، حتى وقت قريب، كان يظن أنها فقط تظهر في أفلام الرعب.

وبحسب الأنباء التي رافقت هروب بشار الأسد وتحايله حتى على أقرب المقربين منه، كي يؤمن لنفسه الفرار متبعا أقصى درجات التمويه والكذب والخداع، أظهرت وثائق كشف عنها الثوار السوريون الذين اقتحموا قصوره ومقرات إقامته، بأن بشار الأسد، تخلى حتى عن أسرار وخصوصيات أسرته للنجاة بنفسه، فترك حتى رسائل غرامية خاصة بين أبيه وأمه، وتخلى عنها، لتأمين فراره من البلاد.

وعثر الثوار السوريون الذين اقتحموا أحد قصوره، على رسالتين مؤرشفتين على طريقة أرشفة المصنفات الرسمية، وهما عبارة عن رسالة من أبيه حافظ الذي سبق وحكم البلاد بالحديد والنار حتى عام 2000 سنة وفاته، ورسالة أخرى من والدته أنيسة التي أعلنت وفاتها عام 2016، يتحدثان بهما، عن خصوصيات علاقة شخصية وصلت حد التهديد والوعيد.

وبحسب الوثيقة المنشورة، تعود رسالة حافظ الأسد، إلى عام 1957، وهي سنة زواجه كما تقول بعض المصادر أو سنة 1958 كما في مصادر أخرى، فيما لا يعرف ما إذا كانت هذه الرسالة قد كتبت وزواجه قد تم بأنيسة مخلوف، أو بعد هذا التاريخ بسنة واحدة. وبحسب التهديد والوعيد الوارد فيها، فربما كانت الرسالة المذكورة قد كُتبت قبل عقد الزواج.

وتشير الرسالة التي كتبها حافظ الأسد إلى أنيسة مخلوف، إلى أنه قد سبق وقام بتهديدها بأن يمنعها من القيام بأي عمل. فيما تظهر رسالة مكتوبة بخط اليد، من أنيسة إلى حافظ، تخاطبه فيها بقولها: "حبيبي حافظ".

وقال حافظ لأنيسة، بحسب نص الرسالة، بأنه لا يهدد لمجرد التهديد وللظفر بنتيجة ما، كما ورد، بل أكد أنه يهدد ليفعل، خاتماً رسالته بالقول: "أقطع لك عهداً على نفسي، أن هذه الرسالة ستكون آخر رسالة أكتبها لك، في حياتي. مع أنني -كما سبق وقلت لك سابقاً- سأمنعك من القيام بأي عمل".

وبحسب ما تضمنته رسالة حافظ المؤرخة بالعاشر من شهر شباط/ فبراير عام 1957، فإن أنيسة كان سبق لها، أن أشارت إليه بأن تهديداته، لم يكن القصد منها، سوى الضغط للظفر بـ"نتيجة" ما، كما ضمّن حافظ في رسالته. إلى أن الرجل يعاود تهديده، قائلاً: "سأفعل يا أنيسة بما أهدِّد".

ويشار إلى أن حافظ الأسد، استعمل عبارات قاسية في نص رسالته التهديدية الموجهة إلى من صارت زوجته، فقال في أحد المقاطع: "وإن كنتُ أنا أحد أولئك الذين شربوا لمدة قريبة، من هذا الماء العكر، بولاً".

وكانت والدة بشار الأسد، بحسب الرسالة قد استغربت كيف يخاطبها حافظ بلغة الحب ويقول لها "حبيبتي أنيسة" مع ما في الرسالة من تهديد بمنعها من القيام بأي عمل، طلبت أنيسة من حافظ أن يقوم بالتراجع عنه، كما بدا في النص المكتوب بالآلة الكاتبة، وأكد حافظ أنه لن يتراجع عن هذا التهديد بقوله: "لن أسحب كلامي".

ويقول حافظ بأنه كتب لأنيسة رسالته، بحسب النص المنشور، بواسطة الآلة الكاتبة، لا بخط يده، لأنه "استثقل" أن يكتب لها بخط يده. لأن نص الرسالة التي كتبها والد بشار الأسد لأمه، يتضمن اتهاماً لأنيسة بأن مشاعر الحب لديها، مجرد "تمثيل وتصنع".

ويشار إلى أن مثل هذه الخصوصيات العاطفية التي تنطوي عليها مثل هذه الرسائل، والتي قام نظام الأسد بأرشفتها بصفتها أرشيفا رسمياً سرياً، كانت من جملة ما رماه بشار الأسد وطرحه بعيدا لحظة هروبه من سوريا، فتخلى عن كل شيء بما فيه أسرار أبيه وأمه العاطفية وكذلك الصور الشخصية الخاصة لوالديه بحسب ما عثر عليه الثوار ونشروه، ليؤمن لنفسه النجاة.

وقال أحد المتابعين معلقاً لـ"العربية.نت": "إن رجلا كبشار الأسد يبيع كل شيء لينجو بنفسه حتى خصوصيات وأسرار وغراميات عائلته يمكن أن يتخلى عنها. فهو بلا كرامة ووحش بشري لم يعرف مثله من قبل".

وسقط نظام عائلة الأسد بعد عقود من إجرامه وإرهابه بحق المواطنين السوريين، والذي لم يتورع بحسب كل التسجيلات والوثائق التي نشرت سابقا وينشر منها المزيد الآن تباعاً بعد سقوط بشار وفراره، عن ارتكاب المذابح الجماعية وإخفاء جثث القتلى بأغرب طرق وأكثرها وحشية، حيث كان سبق له، حرق جثث المعارضين في الثمانينيات، ثم ذر رمادها في أرض خلاء، أو مستنقعات مياه. إلا أن ما كشفت عنه السجون التي اقتحمها رجال الثورة السورية، إثر هروب الأسد، كان "يفوق الخيال" كما ورد في كثير من وسائل الإعلام وهي تعبر عن صدمة مراسليها، عندما عثروا على مكابس لطحن الجثث وضغطها إلى الحد الأقصى، وذلك تسهيلا لنقلها وإخفائها والتخلص منها.