بالصور- قصيدة ونغم... تكريم للّغة العربيّة في عين نجم

في عصر تكاد تتلاشى فيه عظمة الكلمة بعد تمدّد الثورة الرقميّة التي غزت كل الأماكن، بحيث بات الاهتمام بالكلمة خجولًا، تُثبت ثانوية راهبات القلبين الأقدسين عين نجم، أن الحواجز لم ترتفع بين أبنائها واللغة العربية، فتحت عنوان "قصيدة ونغم" وبحضور كوكبة من كبار اللغة، نظمت المدرسة يوم الثلاثاء الموافق فيه 28 أيار 2019 أمسية شعرية ثقافية، تبارى فيها التلاميذ من الصف السادس حتى الثانوي الثاني، في فئات ثلاث: الإلقاء، التأليف، والإبداع...

تنافس التلامذة بالكلمة والنغم واللون، فأبدعوا وأبهروا الحاضرين.

غاصوا ـ بمواكبة مدرّسيهم ـ في الفكر والكلمة، ونهلوا من كنوز هذه الأخيرة، فضجّ بهم مسرح يوحنا بولس الثاني، بحضور الكبار: الدكتورة كلوديا أبي نادر، الإعلامي والكاتب بسام برّاك والإعلامي والشاعر زاهي وهبي...

 

بداية الأمسية كانت مع كلمة لمديرة الثانوية الأخت نوال عقيقي التي شدّدت على التميّز الذي تنشده المدرسة وتسعى للوصول إليه في كل المجالات.

وإذ أكدت أهمية اللغة العربية مثنية على الجهد المبذول لإنجاح هذه الأمسية، أشارت إلى اننا لا نخفي ما نكابده لجهة إقناع تلامذتنا بالتعلق بلغتهم الأم والتعمق في أسرارها، واكتشاف حلاوتها بعد أن غزت عقولهم متطلبات عصرية أخرى.

 

منسقة اللغة العربية في الصفوف المتوسطة والثانوية الأستاذة ديانا يعقوب، التي نظمت وواكبت هذه الأمسية بمشاركة قسم اللغة العربية في الثانوية لفتت في كلمتها إلى أن "قصيدةٌ ونغم"، أعمق من فكرة وأبعد من حلْم، مشيرة إلى أنها تجسيد لما يعتملُ في دواخلِنا، نحنُ معشرَ اللّغويّينَ والتربويّينَ، من شغفٍ باللغةِ العربيّةِ وعملٍ حثيثٍ لتعزيزِها عندَ تلامذتِنا وطلّابِنا، ومن هواجسَ تُقلقُنا، تقضُّ مضاجعَنا، تحضُّنا على البحثِ المستمرِّ والمتجدّدِ لحمايةِ هذه الملَكة-على ما يرى ابن خلدون- هذه اللغةُ التي تسري في عروقِنا، تشكّلُ جيناتِنا الفكريّةَ، وقضيّتَنا الوجوديّةَ، وهُويّتَنا الثقافيّة.

أضافت: "قصيدةٌ ونغم"، أردناها احتفاليّةً احتفائيّةً باللغةِ العربيّةِ، تجمعُ الكلمةَ إلى الإيقاعِ والنغمِ واللونِ والحركة، فتتآلفُ جميعُها وتتماهى في سمفونيّةٍ من السحرِ والصفاءِ تحاكي أفكارَنا وتدغدغُ مشاعرَنا.

ودعت يعقوب التلامذة ليتمثلوا بالضيوف الكرام ويَغْرِفوا من مناهلِهم علمًا وفنًا وإبداعًا وانتماءً، علّنا نرمّمُ التشوّهَ الذي طالَ ذاكرةَ الأجيالَ الشابّةِ، فنردمُ الهوّةَ بينَهم وبينَ لغتِهم الأمِّ ونُعزّزُ عندَهم الثقةَ بأهميّةِ ثقافتِنا العربيّة.

وشددت يعقوب على أننا وإن كنا نشعرُ أحيانًا أنّنا نصارعُ الرّيحَ وحيدينَ، لكن لا بكاءَ ولا وقوفَ على الأطلالَ، ولا استسلامَ، مضيفة: "نحن نقرأُ في كتابِ الأملِ ونعملُ في حقلِهِ، في ثانويّةٍ تأخذُ على عاتقِها بناءَ الإنسانِ وتدعمُ مهمّتنا دعمًا لا حدودَ له".

 

بعدها تبارى التلامذة في إلقاء قصائد لمبدعين لبنانيين خلّد التاريخ أسماءهم، وأخرى من تأليفهم.

 وفيما زيّن البعض المسرح بلوحات تعبيرية، توالى البعض الآخر على العزف، فأسروا الحضور بإبداع من نوع آخر.

ولأن العصر العباسي طبع الأدب العربي بأبهى حلة، جسّد عدد من التلامذة مشهد "السوق العباسية"، فسافروا مع الحاضرين إلى إنجازات العرب في أكثر العصور ازدهارًا.

وقد تخلّل الأمسية التي قدّمها الأستاذ إيلي عوّاد، عرض للوحات أبدعتها أنامل المتعلّمين، مرفقة بعبارات رسمتها بالكلمات.

 

ولأن لجنة الحكم ممن يُشهد لهم في الكتابة والشعر والإلقاء، كانت لهم مداخلات حملها الأساتذة والتلامذة زوّادة معهم لترافقهم في يومياتهم، سواء في الشعر من الدكتورة أبي نادر والأستاذ وهبي، أو في فن الآداء والإلقاء من الأستاذ برّاك.

ولأن كبارنا لا يموتون وإن غابوا في الجسد، كانت شهادة حياة للأستاذ نجيب نعيمة (حفيد الكاتب ميخائل نعيمة).

هذا وقد ترافق أَلَقُ الكلمة مع العزف على الوتر بتوقيع الدكتور نداء أبو مراد.

 

"قصيدة ونغم" تثبت أن تكنولوجيا المعلومات لم تستطع إزاحة لغة الضاد عن عرشها.