بري يستعجل الإنجاز الرئاسي.. لا مؤثرات والخماسية تلاقيه

فيما دخلت سوريا في مرحلة إعادة رسم صورتها الجديدة فإنّ لبنان في موازاة ذلك يجد نفسه في سباق إلزامي مع العواصف المتكوّنة في محيطه، لبناء حيطان دعم صلبة تصدّ رياحها المحتملة وتقيه منها، وترتيب بيته الداخلي بحسم الملف الرئاسي كخطوة اولى لإعادة انتظام حياته السياسية ومؤسساته الدستورية.

أجراس الرئاسة تقرع
من هنا، فإنّ الخطوات المرتبطة بالملف الرئاسي التي شهدت تسارعاً ملحوظاً في الساعات الاخيرة تشي، كما قال مرجع سياسي كبير لـ"الجمهورية" بأنّ "أجراس الرئاسة إن شاء الله بدأت تقرع بوتيرة يؤمل أن تبشّر بانتخاب رئيس للجمهورية في جلسة 9 كانون الثاني".

دفع أميركي وفرنسي
ويبرز في هذا السياق، ما كشفته مصادر ديبلوماسية رفيعة لـ"الجمهورية"، حول تأكيدات متجددة عبّر عنها مسؤولون اميركيون من أنّ واشنطن تواكب الوضع اللبناني عن كثب في هذه الفترة، ولاسيما في ما يتعلق باتفاق وقف اطلاق النار، وقيام لجنة مراقبة تنفيذه التي ترأسها بالمهام المطلوبة، وتأكيد التزام كل الاطراف به. وكذلك في ما يتعلق بالملف الرئاسي الذي ترغب واشنطن في أن يكون للبنان رئيس للجمهورية متفق عليه في اقرب وقت ممكن، ويأملون أن تكون جلسة الانتخاب المقرّرة الشهر المقبل منتجة.

والأمر نفسه، كما تكشف المصادر الديبلوماسية، تؤكّد عليه فرنسا، سواء في اللقاءات المباشرة مع مسؤولين وديبلوماسيين فرنسيين، او عبر مراسلات متواصلة تكثفت في الآونة الاخيرة، تنصح بالاستفادة من فرصة تحديد موعد جلسة انتخاب رئيس للجمهورية، لإتمام هذا الانتخاب وإعادة انتظام الوضع السياسي الرئاسي والحكومي في لبنان. وخطوة الرئيس بري في هذا الاتجاه بتحديد موعد الجلسة، لقيت صدى ايجابياً كبيراً في فرنسا لدى الرئيس ايمانويل ماكرون شخصياً. وتكشف تلك المراسلات، أنّ التطورات الاخيرة التي شهدتها سوريا، ينبغي ان تشكّل حافزاً ودافعاً قوياً لاتفاق اللبنانيين على حسم الملف الرئاسي بصورة عاجلة والتشارك في اختيار رئيس للبلاد.

بري: لا مؤثرات
المتغيّرات التي حصلت، لاسيما في سوريا، لم تؤثر على الأجندة الرئاسية لرئيس مجلس النواب نبيه بري، وعلى روزنامة المواعيد التي حدّد بموجبها موعد جلسة انتخاب رئيس للجمهورية في 9 كانون الثاني، بل زادته تمسكاً بموعد الجلسة، واندفاعاً اكبر نحو انتخاب رئيس للجمهورية فيها. وعلى ما يقول بري: "لا مؤثرات سياسية او غير سياسية على الإطلاق، في ما خصّ جلسة 9 كانون، وبالتالي هي قائمة في موعدها، والجهود تتكثف على غير صعيد لأن تكون الجلسة الإنتخابيّة مثمرة".
وعلى ما هو مؤّكد فإنّ رئيس المجلس لا يماشي ما تسمّيها مصادر عين التينة "التغريد خارج سرب الانتخابات الرئاسية، التي تبدي من خلاله بعض الاوساط السياسية - التي يبدو انّها متأثرة بتصريحات صدرت من الخارج في الآونة الاخيرة - تشكيكاً في إمكان انعقاد الجلسة الانتخابية في موعدها. فالرئيس بري ليس معنياً بكل ما يُقال، ومن أي مصدر كان، عن تأجيل او غير تأجيل للجلسة، ثم لا احد من الداخل أو من الخارج، أثار هذا الموضوع، بصورة مباشرة او غير مباشرة مع الرئيس بري. وبالتالي جلسة الانتخاب في موعدها، ولا شيء يحول دون انعقادها في موعدها المحدّد".

مع سفراء الخماسية
التوجّه الحاسم لانعقاد الجلسة الانتخابية في موعدها أكّده الرئيس بري مجدداً امس، امام زواره، ولاسيما سفراء دول اللجنة الخماسية، وكذلك مع رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل الذي زار عين التينة امس، واكّد بعد اللقاء مع الرئيس بري "أنّ الامور جيدة والعمل جدّي، وإن شاء الله يكون لدينا رئيس للجمهورية في جلسة 9 كانون الثاني".
في اللقاء مع سفراء الخماسية؛ السفيرة الاميركية ليز جونسون، السفير السعودي وليد البخاري، السفير الفرنسي هيرفي ماغرو، السفير القطري سعود بن عبد الرحمن بن فيصل آل ثاني والسفير المصري علاء موسى، بحضور مستشار الرئيس بري علي حمدان، أكّد الرئيس بري على "الحاجة الوطنية الملحّة لإنجاز الاستحقاق الرئاسي، خصوصاً في هذه الظروف والمتغيّرات المتسارعة في المنطقة، لا سيما ما يحصل في سوريا" .
وبحسب معلومات موثوقة لـ"الجمهورية"، فإنّ اللقاء تخلّله عرض عام للتطورات المحيطة بلبنان، وتخلّلته استفسارات من قبل السفراء حول بعض الامور المرتبطة بالملف الرئاسي، وأجواء المشاورات التي تجري في هذا الاتجاه. وأكّد الرئيس بري أنّ المشاورات تجري على أكثر من صعيد، يؤمل أن تفضي إلى إيجابيات حاسمة تُترجم في جلسة الانتخاب. لافتاً إلى عزمه على عقد جلسات انتخاب رئاسية متتالية بدورات متتالية.
وتشير المعلومات إلى أنّ السفراء الخمسة عبّروا عن ارتياحهم لتطورات المسار الرئاسي ولاقوا الرئيس بري في استعجاله الحسم الرئاسي الذي تُوّج بتحديده لجلسة الانتخاب، وأعربوا عن الامل في إتمام الانتخابات وتحقيق الغاية المرجوة منها بانتخاب رئيس يتوق اليه اللبنانيون في هذه المرحلة، يطلق ورشة إنقاذية واصلاحية تُدخل لبنان في مدار الازدهار من جديد، بمساعدة كل أصدقاء لبنان.

وقال السفير المصري بعد اللقاء، انّه "كان فرصة لأن نتبادل بعض الأفكار ونستمع من دولة الرئيس إلى تقديره للمرحلة القادمة". واشار الى أنّ "قناعتنا كلجنة خماسية هي بأهمية إنتخاب رئيس الجمهورية في أسرع وقت ممكن. وكذلك جهود تثبيت وقف إطلاق النار وضرورة تطبيق القرار 1701".
اضاف: "تحدثنا عن مواصفات الرئيس القادم التي اعتمدناها في لقاء الدوحة عام 2023، وأكّدنا اهمية انتخاب رئيس يجمع اللبنانيين ويدعم تطبيق القرار 1701 وتنفيذ الإصلاحات. واكّدنا اهمية التمسك بإتفاق الطائف، والعمل على تطبيقه".
ورداً على سؤال قال: "لم يتمّ في الجلسة تداول اسماء، فهناك مشاورات بين القوى السياسية. والرئيس بري منخرط بشكل كامل فيها، والهدف منها الوصول إلى توافق على اسم أو عدد من الأسماء يتمّ طرحها خلال الجلسة". وأضاف: "أكّد الرئيس بري انّها جلسة مفتوحة بدورات متتالية. بمعنى أنّه مستمرون في الإنعقاد في البرلمان وصولاً إلى إنتخاب رئيس للجمهورية. هذا الالتزام هام، ونأمل أن تؤدي المشاورات السياسيه إلى الإسم أو الأسماء التوافقية بما تسهم في إنجاح جلسة 9 كانون الثاني".
وعن المواصفات قال: "المواصفات أتت في الحقيقة في إعلان الدوحة عام 2023، وباتت واضحة للجميع وبشكل كبير، وهو ما يعمل عليه الرئيس بري الآن. بأن يكون الرئيس جامعاً لكل اللبنانيين، لديه التزام بخارطة طريق تشمل إلى جانب أشياء أخرى إصلاحات إقتصادية ومجتمعية وسياسية وتطبيق القرار 1701 وتثبيب جهود وقف إطلاق النار. هذه هي العناصر المطلوبة لشخص الرئيس القادم. وأتصور انّ القوى السياسية بحثتها في ما بينها للتوصل الى اسم هذا الرئيس بأسرع وقت ممكن".