المصدر: الجريدة الكويتية
الأربعاء 28 أيار 2025 00:34:11
تسلمت إيران مقترحاً جديداً لفك عقدة برنامجها النووي، وسط مساعي الولايات المتحدة للتوصل إلى تفاهم مؤقت على تخصيب اليورانيوم يلجم صقور إدارة ترامب وإسرائيل.
مع بدء الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، زيارة رسمية إلى مسقط ولقائه السلطان هيثم بن طارق، أمس، كشف مصدر في المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني أن الأميركيين قدموا مقترحاً جديداً بشأن الخلافات حول البرنامج النووي عبر الوسيط العماني، يطالب بأن تقوم طهران بتعليق تخصيب اليورانيوم لمدة 6 أشهر، على الأقل، مقابل تعليق الولايات المتحدة عقوباتها، وتستمر الدولتان بالمفاوضات خلال هذه الفترة، من أجل التوصل إلى اتفاق شامل، وفي حال عدم التمكن من التوصل إلى اتفاق، يتم تمديد المهلة الزمنية من أجل معالجة المواضيع الخلافية.
وذكر المصدر أن الجانب الإيراني أبلغ الوسطاء في عُمان بأنه سوف يدرس الاقتراح، لكنه جدّد رفضه التفاوض بشأن حق تخصيب اليورانيوم، مؤكداً سعيه إلى رفع العقوبات، لا تعليقها.
وأفاد المصدر بأن العُمانيين أخبروا الإيرانيين بأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يسعى في الوقت الحالي إلى مخرج لإنهاء الجدل بشأن تخصيب اليورانيوم على الأراضي الإيرانية كي يتمكن من لجم ضغوط صقور إدارته ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع الإبقاء على كل أجهزة الطرد المركزي واليورانيوم المخصب بنسب عالية في إيران حتى يتم اتخاذ قرار بشأنها.
وبحسب المصدر، فإن البيت الأبيض يسعى من خلال طرحه إلى إعلان تمكنه من تحقيق إنجاز جديد، وفي الوقت نفسه يمكن للوفد الايراني أن يحافظ على ماء الوجه ويجادل بأنه لم يتراجع عن تخصيب اليورانيوم داخل إيران مقابل تعليق العقوبات التي تلوح واشنطن بتصعيدها حتى إفلاس طهران بحال رفضت إبرام اتفاق معها.
غير أن المصدر الإيراني استبعد موافقة طهران على العرض ما لم يتم رفع العقوبات الاقتصادية، مع التأكيد على حق إيران باستئناف تخصيب اليورانيوم بنسبة 3.67% بعد مضي الأشهر الستة المنصوص عليها في التفاهم، وليس تمديد التعليق أو ربطه بإعادة فرض العقوبات.
كواليس التفاهم
وجاء ذلك بعد أن ذكر مصدر آخر في الخارجية الإيرانية لـ»الجريدة» أن المفاوضات غير العلنية بين إيران والولايات المتحدة التي انطلقت في مسقط الأسبوع الماضي بهدف إيجاد إطار تفاهم بين البلدين لم تتوقف خلال الأيام الأخيرة، وعقب الجولة الخامسة من المباحثات العلنية التي عقدت في روما الجمعة الماضية.
وطرح الجانب الأميركي غير الرسمي مقترحاً جديداً لحل عقدة التفاهم النووي بين الجانبين في مسقط نصّ على أن توقف طهران التخصيب الزائد على 3.67% لمدة 10 سنوات وتعطي المنظمة الدولية للطاقة الذرية إذناً بتفتيش كل المنشآت النووية بشكل غير معلن مسبقاً على أن تسمح بأن يقود خبراء أميركيون فرق التفتيش مقابل قيام ترامب بإصدار مرسوم يعلق بموجبه كل العقوبات التي فرضها عام 2018 عقب انسحابه من اتفاق 2015 خلال ولايته الأولى. وإضافة إلى ذلك يسمح المقترح لإيران باستيراد اليورانيوم المخصب بنسبة تفوق 3.67 وحتى 20% عبر المنظمة الدولية وتحت إشرافها الكامل على مدار الساعة، وحتى يتم إعدام النفايات وإخراجها للخارج.
ووصف الوفد الأميركي تلك الخطوات بأنها ستمهّد لكسب الثقة بين الجانبين حيث تستمر المفاوضات لحلحلة الخلافات الموجودة وصولاً إلى التوصل لصيغة اتفاق شامل يتحول إلى معاهدة بين الجانبين على أن تسمح إيران للشركات الأميركية بتسلم مراكز تخصيب اليورانيوم داخل أراضيها في النهاية.
كما طالب المقترح بوجوب سماح طهران للمنظمة الدولية للطاقة بالقيام بتفتيش بعض المنشآت المشكوك بأنشطتها، ومن ضمنها بعض القواعد العسكرية.
وأوضح المصدر أن الجانب الأميركي أكد أنه سيقوم بتعليق العقوبات التي تعرقل دخول الشركات الأميركية للمشاريع الاقتصادية الإيرانية كمحفز إضافي لطهران.
ولفت إلى أن الجانب الإيراني ابدى استعداده لقبول ما وصفه بـ»التعليق مقابل التعليق» لكنهم رفضوا الالتزام بالمدة المقترحة التي تمتد إلى 10 أعوام واقترحوا تقليصها إلى عام واحد. ورغم اعتراض الجانب الإيراني على قبول تفتيش القواعد العسكرية لكنه وعد بعرض الأمر على القيادة بطهران من أجل السماح بتحديد منشآت محددة لإجراء عمليات تفتيش بها لمرة واحدة بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة وبشرط أن تعلن الأخيرة نتيجة تفتيشها بشكل قاطع ولا تتلاعب بالكلمات في تقاريرها، كما اشترط أن تقوم بإغلاق ملفات المواقع السابقة التي اشتبهت بها قبل حصولها على إذن بتفتيش أي مكان تريده لمرة واحدة.
وبحسب المصدر فإن الإيرانيين رفضوا تسليم منشآت التخصيب لشركات أميركية أو أجنبية وأكدوا أنهم فقط مستعدون لقبول تشكيل شركة متعددة الجنسيات بمشاركة أميركية وتمتلك طهران نسبة الأغلبية بها للقيام بالعملية الحساسة التي تعارض إسرائيل استمرارها على الأراضي الإيرانية بشكل كامل.
وفي ختام المناقشات، رد الجانب الأميركي على مطلب تقليص الاتفاق إلى عام بأنه غير مقبول، مؤكداً أن الحد الأدنى الذي يمكن قبوله هو 3 أعوام لترتيب الأوضاع داخل واشنطن.
واتفق الجانبان على العودة بتلك المقترحات إلى واشنطن وطهران من أجل ايجاد قرار نهائي بشأنها.
علاقات الجيران
ورغم احتلال ملف المباحثات الأميركية صدارة المناقشات التي سيجريها الرئيس الإيراني، مع السلطان هيثم بن طارق، أكد الأول أن طهران تسعى إلى إقامة أفضل العلاقات مع دول الجوار، في ظل التحديات الإقليمية الراهنة بمستهل زيارته إلى مسقط. وأوضح بزشكيان أن زيارته التي تستمر حتى اليوم ستتضمن التوصل إلى «موقف مشترك مع الأشقاء في سلطنة عمان بشأن العلاقات الثنائية، وقضية فلسطين والجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني بحق الفلسطينيين»، مشيراً إلى أهمية الدور الذي تلعبه مسقط في تقريب وجهات النظر بين دول المنطقة.