بعد الحكم بقضية ايلا طنوس...نقابة الأطباء ترفع الصوت وبيان شديد اللهجة لأصحاب المستشفيات

عقد نقيب اطباء لبنان في بيروت البروفسور شرف ابو شرف مؤتمرا صحافيا، قبل ظهر اليوم في مركز النقابة - فرن الشباك، في حضور أعضاء النقابة. وتلا بيانا أوضح فيه رأي مجلس نقابة المحامين بالحكم الصادر عن محكمة الاستئناف في بيروت في موضوع الطفلة إيلا طنوس.

وقال: "أولا، إن النقابة تؤكد تعاطفها مع الطفلة المتضررة، ودليل ذلك أنها قامت بالتحقيقات وقدمت التقارير اللازمة والمنصفة بهذا الشأن. ولا شك أن حالة الطفلة هي من الحالات الصعبة جدا وذلك لأن الالتهاب الجرثومي الذي أصابها هو من الأمور المستعصية وذلك بحسب الدراسات العالمية، و90 في المئة من هذه الحالات مصيرها إما الوفاة إما البتر، وتبقى نسبة الشفاء بعد العلاج فقط 10 في المئة".

وأعلن ابو شرف "ان النقابة تعمل على دراسة الملف مجددا، آخذة بعين الاعتبار أمورا لم تذكر في التقارير السابقة، كالنظام الصحي العام ووضع الطوارئ والأطباء في المستشفيات، وكيفية نقل المريض من مستشفى إلى آخر". وقال: "لقد اجتمعت لجنة التحقيقات في النقابة مجددا بكل المعنييين في هذه القضية لتقديم الخلاصة في أقرب وقت ممكن. وفي حال وجود أخطاء طبية، إن هذه الغرامة التي فرضها القضاء هي مجحفة بحق من قاموا بكل ما بوسعهم لانقاذ حياة الطفلة. ومثل هذه الأحكام سيؤدي إلى تهرب الأطباء لاحقا من معالجة الحالات الصعبة، وسيصبح بالتالي من الصعب وجود أطباء في الطوارئ أو في العناية الفائقة للاهتمام بالمرضى. هؤلاء الأطباء الذين يضحون بحياتهم خلال عملهم لإنقاذ مرضاهم، كما شهدنا على ذلك أثناء وباء الكورونا وبشكل شبه مجاني، في المقابل لا نرى بين الحين والآخر سوى تعنيف لفظي أو جسدي، ولا من يتحرك في ظل الفساد المستشري".

وأكد ان "القرار الصادر أخيرا عن القاضي والذي يعد نوعا من العنف المادي على الطبيب الذي لن يستطيع تسديد المبلغ المفروض حتى ولو عمل كل حياته. ولهذا الأمر سلبيات كبيرة على المجتمع ككل وليس على الطبيب فقط، ومنها هجرة الاطباء التي نعاني منها، دون ذكر التعرفات الطبية الهزيلة وحقوقهم المهدورة منذ عقود.

ثانيا- يعبر مجلس النقابة عن استغرابه واستنكاره الشديد للنتيجة التي آل اليها الحكم لجهة التعويضات المحكوم بها، وهي تتعارض تعارضا كليا مع المعايير الإقتصادية السائدة في لبنان خصوصا في الوضع الحالي، كما أنها تتجاوز قدرات الفرقاء المحكوم بوجههم . وإن أي حكم قضائي لا يأخذ بالاعتبار أوضاع هذا القطاع يكون قد غض النظر عما يعانيه من صعوبات وما يقوم به من تضحيات في ظل الحالة الصحية والإجتماعية الراهنة.

ثالثا- إن مثل هذه الأحكام القضائية الاستنسابية في غياب أحكام قضائية ننتظرها بشأن إنفجار مرفأ بيروت، مضافة إلى سائر العقبات التي تعترض عمل القطاع الطبي تشكل عاملا سلبيا بارزا من العوامل التي تدفع بهما قسرا إلى الهجرة، وهو أمر بدا واضحا وأكيدا في الآونة الأخيرة، كما أنه صار يشكل خطرا داهما على الأمن الصحي في لبنان، وعلى المرضى بالذات، خصوصا في الحالات التي تستوجب مهارة وعناية خاصتين.

رابعا- إن مثل هذه الأحكام تدفع الأطباء وخاصة ذوي الخبرة العالية إلى التريث وأحيانا إلى الامتناع عن المشاركة في الأعمال الطبية الخطيرة التي تتطلب مهارة خاصة خشية الإساءة إلى سمعتهم والقضاء على مستقبلهم، وهي، بمعنى آخر، تشيع التردد والإحباط في أوساط الجسم الطبي وتنعكس انعكاسا سلبيا على سلامة المرضى.

خامسا- إنه مع التسليم بأن الخطأ ممكن الحصول في أي مجال من المجالات، وفي المجال الطبي وإن بصورة استثنائية ونادرة، ومع الإيضاح بأن الأخطاء المشكو منها تخضع للتحقيق الدقيق وأحيانا للعقوبات المسلكية في أجهزة النقابة، فإنه لا يجوز أن تترتب على هذا الخطأ نتائج وخيمة وقاسية وغير منطقية تتخطى المعقول وتسيئ إلى ثبات العمل الطبي وإلى الثقة بأفراد الجسم الطبي.

سادسا- يود مجلس النقابة الإشارة إلى أنه ما من جهة، قضائية كانت أم غير قضائية، تحرص أكثر من الأطباء على صحة المرضى، وهو، في هذا الاتجاه، يأسف أن ترتدي بعض المواقف أو القرارات طابعا يميل إلى المبالغة في الوقوف مع المتضرر على حساب تفاني العمل الطبي وخصوصية ومخاطره.

سابعا- نظرا لخطورة هذا القرار لا على الجسم الطبي وحسب، بل على المرضى أيضا، فإن النقابة لن تقف عند حد هذا البيان بل ستعمد إلى ممارسة كل السبل المتاحة قانونيا للمراجعة ضد هذا القرار في سبيل التوصل إلى الحد من نتائجه المادية الخيالية. وستقوم باعتصام رمزي، مع اعتماد التباعد الاجتماعي بسبب تفشي وباء كورونا، الساعة 12 ظهر يوم الإثنين المقبل أمام قصر العدل، وستعمد إلى متابعة الموضوع لاتخاذ الخطوات الملائمة والتصعيدية لمواجهة هذه الخطورة ولاستدراك مثيلاتها في المستقبل. وستدعو في هذا الإطار رؤساء اللجان الطبية في المستشفيات للمشاركة في القرارات التصعيدية التي ستتخذ، إضافة إلى مناقشة مسألة التلويح بالإضراب المفتوح".

وختم: "إن نقابة الأطباء إذ تشدد على أولوية صحة المريض مع المحافظة على كامل حقوقه، تؤكد أن لا شيء يثنيها عن التصويب عن الأخطاء في حال حصولها. فالمطلوب احترام الأطباء والتعامل معهم بإنسانية وصون حقوقهم وتحفيزهم على العمل والبقاء في لبنان لا على تهجيرهم".

بدورها، اعتبرت نقابة اصحاب المستشفيات في لبنان، في بيان، "ان الحكم القضائي الصادر في قضية الطفلة ايللا طنوس هو مفصلي، بمعنى ان العلاقة بين المؤسسات الاستشفائية والمريض بعد هذا الحكم لن تكون كما قبله".
وأعلنت "لن ندخل في سجال اذا ما كان هناك خطأ طبي ام لا، فالآراء متعددة ومختلفة لهذه الناحية. انما في مطلق الاحوال فان المبالغ التي حددها الحكم كتعويضات شخصية هي فاحشة ولا تتناسب مع الواقع اللبناني ولا مع واقع القضية بحد ذاتها، وان ارتداداته سوف تكون سلبية على العلاقات بين المؤسسات الاستشفائية والمرضى، وسوف يؤدي الى الافراط في الحذر لدى هذه المؤسسات في أخذ المرضى على عاتقها وعدم قبول نقل مريض من مستشفى الى آخر تجنبا للتعرض لملاحقات قانونية قد لا يكون في مقدورهم تحمل تبعاتها. كذلك سوف تزيد بشكل دراماتيكي من كلفة الاستشفاء حيث ستضطر المستشفيات والاطباء الى المبالغة في اجراء الفحوصات المكلفة كما والى زيادة مبالغ التأمين خوفا من احكام قد تؤدي بهم الى الافلاس".
وأكدت النقابة انها "ومع تعاطفها الكامل مع الطفلة ايللا طنوس واهلها في مصيبتهم الكبيرة تتمنى لو لم يحصل لهم ما حصل، تقف الى جانب المستشفيين والطبيبين المعنيين في هذه المحنة التي يمرون بها وتؤكد ثقتها التامة بهم، وتأمل ان يتم تصويب الامور من خلال المسار القضائي القانوني لحكم لم يشهد له لبنان مثيلا".