المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الكاتب: ليا مفرّج
الثلاثاء 27 أيلول 2022 16:30:35
في آذار 2020 أعلنت الحكومة السابقة برئاسة الرئيس حسان دياب تعليق تسديد استحقاق 9 آذار من سندات اليوروبوند البالغة 1,2 مليار دولار. آنذاك، تخلّف لبنان رسمياً عن دفع ديونه للمرة الأولى في تاريخه، مع العلم أن سندات اليوروبوند لا تشكل سوى جزء من إجمالي الدين العام اللبنانيّ بالعملات الأجنبية. وبعد نشره الخبر، أوضح دياب أن "قرار تعليق الدفع هو السبيل الوحيد لوقف الاستنزاف وحماية المصلحة العامة"، مؤكّداً أن "الدولة اللبنانية ستسعى إلى إعادة هيكلة ديونها عبر خوض مفاوضات منصفة وحسنة النية مع الدائنين كافة". اليوم وبعد مرور أكثر من سنتين على القرار، لم يجر لبنان الرسمي أي مفاوضات مع حاملي السندات التي تدنت قيمتها الإسمية من حوالي 31 مليار دولار إلى ما يقارب المليارين و300 مليون دولار بسبب الأزمة الاقتصادية والنقدية والمالية. أكثر من رأي واقتراح ظهر في السياق كحلّ لموضوع السندات، أحدها أنه يمكن للبنان أن يشتري سنداته بعد تدني قيمتها ليعيد طرحها في الأسواق المالية بعد تعافي البلد ما يساعده على تحقيق أرباح جرّاء استعادة السندات لقيمتها السابقة. فما مدى قابلية هذه النظرية للتطبيق؟
رئيس دائرة الأبحاث الاقتصادية والمالية في بنك بيبلوس الخبير الاقتصادي والمالي الدكتور نسيب غبريل يشرح لـ "المركزية" أن "هذا الاقتراح قد يبدو فكرة برّاقة من الناحية النظرية، أما عملياً على أرض الواقع فالأمور ليست بهذه البساطة ومن المستبعد جدّاً تطبيق هذه الفكرة، لأكثر من سبب"، يعددها على الشكل الآتي:
"- أولاً، إعادة شراء السندات يعني اللجوء إلى ما تبقّى من احتياطي مصرف لبنان بالعملات الأجنبية، أي ودائع الناس، التي وصلت إلى 9 مليار و600 مليون دولار وتراجعت في منتصف ايلول وأيضاً منذ بداية السنة بقيمة 3 مليارات و200 مليون دولار. بالتالي، حتى لو أنه يمكن نظرياً شراء اليوروبوند بحوالي 8% من قيمته الإسمية، لا يمكن للدولة التفريط بثلث ما تبقى من الاحتياطي تقريباً، في حين أن الأولوية لإعادة هذا الملبغ للمودعين.
- ثانياً، حاملو السندات على دراية بأن أسعارها أقل من قيمتها. بالعودة إلى ثلاث سنوات إلى الوراء أي منذ بداية الأزمة لم تحدث اي صدمة أيجابية أو يتبين أي برهان لوجود نوايا جدّية لتطبيق الإصلاحات وهذا سبب تراجع سندات اليوروبوند إلى هذا المستوى المنخفض. وحتى بعد قرار التعثر عن تسديدها من قبل الحكومة السابقة التي لم تبدأ لا هي ولا الحكومة الحالية بالمفاوضات مع حاملي السندات، كذلك البرنامج الإصلاحي الاقتصادي لم يدخل حيّز التنفيذ. الاتفاق مع صندوق النقد الدولي ينصّ على بدء المفاوضات مع حاملي سندات اليوروبوند وإعادة جدولة الدين العام، وإذا افترضنا أنها ستؤدي إلى نتيجة فالأكيد أن سعر اليوروبوند سيكون أعلى من السعر الحالي. اي صدمة إيجابية أو أي خطوات للبدء بالخروج من الأزمة بشكل جدّي وممنهج سيؤدي إلى رفع قيمة السندات، لذا لن يبيعها حاملوها بالأسعار الزهيدة هذه.
- ثالثاً، إذا كان ممكنا للدولة إعادة شراء السندات فما الداعي من المفاوضات مع حامليها؟ من الممكن أن تتقدم الدولة بطرح استخدام قرض صندوق النقد الدولي البالغ 3 مليارات دولار لشراء سندات اليوروبوند، إلا أن الصندوق لن يوقّع قبل أن يكون البلد طبّق 9 إجراءات أولية متفق عليها بين الطرفين".
ويشدد غبريل على أن الحلّ في مكان آخر "عبر تنفيذ برنامج إصلاحي عنوانه العريض استعادة الثقة وأولوياته بدء هذا المسار عن طريق الحفاظ على هوية لبنان الاقتصادية، توسيع حجم الاقتصاد، دعم النمو، احترام المهل الدستورية، تطبيق القوانين، مكافحة التهرب الضريبي، تفعيل الجباية، وقف التهرب الجمركي ومكافحة التهريب عبر الحدود".