يمهد الجيش الإسرائيلي للانتقال إلى مرحلة جديدة من توغله البري بعد إعلانه إحكام عملية تطويق مدينة غزة من جميع الجهات.
وبحسب ما رصدت "المدن" من إفادات عسكرية إسرائيلية للإعلام العبري، فإن القصف العنيف ومجازر الاحتلال في اليومين الأخيرين بمدينة غزة وشمالها بمثابة تمهيد للمرحلة التالية من التوغل البري، وشرع في عملية رصد شبكة الأنفاق وتطويق أوصالها، وتُعد بمنظور إسرائيل مركز قوة "فاعلة" لحماس، ما يعني أن جيش الاحتلال يتهيأ لعمليات تحت الأرض بموازاة المهام الجارية فوقها.
وينوي الاحتلال من خلال المرحلة الجديدة المُتوقعة خلال أيام، أن يقطع أوصال الأنفاق، أي فرض حصار تحت الأرض وفوقها، بالترافق مع التقدم البري "البطيء" نحو مراكز قوة حماس في مدينة غزة. وتجدر الإشارة إلى أن الأنفاق لها "وصلات" ومداخل ومخارج متعددة، ما يجعلها "شبكة" يزعم الاحتلال أن مساراتها بطول نحو 500 كيلومتر من الشمال وحتى الحدود المصرية جنوباً.
"الأنفاق بحاجة أشهر"
وتوقع قادة عسكريون إسرائيليون أن تحدث اشتباكات ضارية في الأيام القادمة في مخيم الشاطئ، في حين يسير التقدم ببطء باتجاه مراكز قوة حماس. وقدّر هؤلاء القادة، وفق التسريبات، بأن تطويق الأنفاق وتحييد قدرات حماس أمر يستغرق أشهراً لا أسابيع، معتبرين أن الأنفاق تمثل التهديد الأكثر خطورة أمام القوات الإسرائيلية، حيث يستخدمها مقاتلو كتائب القسام في هجماتهم واستهداف الدبابات المتوغلة، ثم يختفون داخل "وصلات الأنفاق".
وقال المراسل العسكري لتلفزيون "مكان" العبري إيال عاليما إنه عند إلقاء قذيفة "دريلر" الخارقة للأنفاق تتصاعد "أعمدة دخان ورمال كثيفة يمكن ملاحظتها على بعد كيلومتر، ما يؤكد أن شبكة الأنفاق ممتدة في كل المنطقة المستهدفة". وادعت وسائل إعلام عبرية أيضا أن نحو 80 في المئة من منازل بيت حانون شمالي القطاع يوجد تحتها شبكة أنفاق، في محاولة منها لتبرير جريمة الاحتلال بإبادة أحياء سكنية بأكملها في المناطق الشمالية للقطاع.
واعتبرت بعض التحليلات الإسرائيلية أن عناصر حماس وقادتها لم ينتقلوا إلى جنوبي القطاع بعد تطويق مدينة غزة وشمالها، رغم أنه بإمكانهم ذلك عبر استخدام الأنفاق. وأكدت أن القصف الإسرائيلي العنيف وتطويق غزة بالكامل "لم يغيّرا في روح القتال لدى حماس، ولم ترفع الراية البيضاء حتى الآن".
"الزمن والشرعية.. للنجاح"
وقالت مصادر إسرائيلية إن نحو 34 جندياً إسرائيلياً قتلوا وأصيب أكثر من 300 آخرين منذ بدء العملية البرية قبل تسعة أيام. بينما لفتت مستويات عسكرية إسرائيلية إلى أن العملية البرية تقوم على مبدأ المراحل لأهميتها، على أن تكون المرحلة المقبلة الدخول إلى شبكة الأنفاق، وهذا "يحتاج وقتاً طويلاً"، كما يؤكد قادة في جيش الاحتلال. وشدد هؤلاء على أهمية عامل الزمن وأيضاً "غطاء الشرعية الأميركية والأوروبية" بهدف "كسر إرادة حماس".
ووفق التسريبات، يرغب المستوى السياسي الإسرائيلي بتسريع وتيرة المعركة البرية، ربما بسبب "ضغوط أميركية"، بينما يرغب العسكَر بإنجازها ب"بطء" لاعتبارات عملياتية و"سلامة الجنود".
بيدَ أن صحيفة "هآرتس" العبرية قالت إن واشنطن منحت إسرائيل فرصة حتى عيد الميلاد، أي قبل نهاية العام الحالي، لتحقيق هدفها من الحرب.
قصف.. للتهجير
في غضون ذلك، يكثّف جيش الاحتلال قصفه غير المسبوق لأحياء مدينة غزة، وأيضاً محيط مستشفيات الشفاء والإندونيسي والقدس؛ لإجبار نحو 50 ألف فلسطيني من النازحين على التوجه إلى جنوب وادي غزة. ويرغب الجيش الإسرائيلي عبر القصف وإلقاء المناشير في إبعاد هؤلاء السكان نحو الجنوب، لتسهيل طريق التوغل إلى منطقة مستشفى الشفاء، بموازاة تفريع سكان مخيمي الشاطئ وجباليا باعتبارهما أكثر كثافة سكانية. وقال قادة عسكريون إن الجيش يستعد لدخول مدينة غزة خلال 48 ساعة.
وسعت حركة حماس طيلة الأيام الماضية إلى دراسة طريقة عمل القوات الإسرائيلية، فيما درس الجيش الإسرائيلي تحركات القسام وتكتيكاتها، وفق مبدأ "اختبار كل منهما للآخر".