بعد مسيرة الجولان: تمايز موقف بغداد يجنّبها الغضب الاسرائيلي؟

أعلنت "المقاومة الاسلامية في العراق" امس أنه و"استمراراً بنهجنا في مقاومة الاحتلال، ونُصرةً لأهلنا في فلسطين ولبنان، وردّاً على المجازر التي يرتكبها الكيان الغاصب بحقّ المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ، هاجم مجاهدون في العراق خمسة أهداف بخمس عمليات منفصلة وسط وشمال أراضينا المحتلة، بواسطة صواريخ الأرقب "كروز مطوّر"، والطائرات المسيّرة"، مؤكدةً "استمرار العمليات في دكّ معاقل الأعداء بوتيرة متصاعدة".

اما الجمعة الماضي، فأعلن الجيش الإسرائيلي مقتل اثنين من جنوده وإصابة أكثر من 20 آخرين جراء انفجار طائرة مسيرة - أطلقت من العراق- في قاعدة لقواته شمالي الجولان السوري المحتل فجر الأربعاء الماضي. وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إنها المرة الأولى منذ بداية الحرب التي تنجح فيها عمليات الفصائل العراقية في إيقاع قتلى وجرحى. وقال متحدث باسم الجيش إن 24 جنديا أصيبوا في الهجوم، منهم اثنان في حالة خطيرة. وسمح الجيش الإسرائيلي بنشر اسم وصورة كلا الجنديين المقتولين، وهما من الكتيبة الـ13 في لواء غولاني. وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن التحقيق الأولي بشأن الهجوم أظهر أن مسيرتين مفخختين أطلقتا من العراق وعبرتا إلى منطقة الجولان، وتم اعتراض إحداهما. لكن أنظمة الدفاع الجوي أخفقت في رصد المسيّرة الأخرى التي انفجرت في القاعدة الواقعة شمالي الجولان.

وبما ان اسرائيل لا تتردد في ضرب كل مَن يهدد امنها ويؤلمها، ضربا قويا، بحسب ما تقول مصادر دبلوماسية لـ"المركزية"، فإن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني سارع الى مطالبة العواصم الكبرى بممارسة اقصى ضغط على اسرائيل لتجنّب اي عمليات مِن قبلها، ضد العراق. وحض السوداني كلاً من بريطانيا وإسبانيا وسويسرا على الضغط باتجاه خفض التصعيد في المنطقة، وتجنب إمكانية شمول العراق بالضربة الإسرائيلية المحتملة على إيران، علما ان الفصائل المسلحة العراقية الموالية لإيران نفت وقوفها وراء مسيّرة الجولان. وثمّن في بيان "الموقف المهم" للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "الذي دعا فيه لوقف توريد السلاح للكيان الغاصب، والعمل على إنهاء الحرب"، لأنه موقف ينبع من تقدير حقيقي لخطورة الأوضاع في المنطقة.

العراق اذا، تتابع المصادر، يحاول ومنذ 7 تشرين الماضي، تحييد نفسه عن حمام الدم الذي يغرق غزة وعن نيران الحرب التي احرقت القطاع ووصلت الى لبنان كلّه، في الايام القليلة الماضية. الفرق بين بغداد وبيروت، ان الاولى رفضت غداة طوفان الاقصى، اقحامها في المواجهات. وعمل رئيس وزرائها من اجل هذا الهدف. لكن في المقابل، يبدو ان ثمة اصرارا ايرانيا على استخدام ورقة العراق ايضا، في المفاوضات المرتقبة مع الغرب، الى جانب ورقتي حزب الله والحوثيين.. الموقف الذي قد تدفع بغداد ثمنه من امنها واستقرارها. لكن ما قد يجنّبها الرد الاسرائيلي، هو التمايز الواضح ومنذ اللحظات الاولى، بين الموقف الرسمي العراقي واداء الفصائل المؤيدة لايران لا سيما الحشد الشعبي ومحاولة فرض قيود عليه، خلافا للسيناريو اللبناني... فهل يساعدها هذا التمايُز في تفادي الرد؟ إن لم يفعل فإنه على الاقل، سيجنّبها الحرب الشاملة التي يعيشها لبنان اليوم...