بعيداً عن أميركا.. بريطانيا تعزز قدرتها على إنتاج السلاح

وسط القلق الأوروبي من التقارب الحاصل بين إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وروسيا، بدأت بريطانيا تفكر في زيادة قدرتها على إنتاج المتفجرات والذخائر السيادية، حتى لا تحتاج بعد الآن إلى الاعتماد على الولايات المتحدة وفرنسا.

فقد أفادت مصادر مطلعة بأن لندن بدأت تبحث في إنشاء حاويات شحن في مواقع مختلفة لإنتاج متفجرات RDX، المستخدمة في قذائف 155 ملم لبنادق الجيش البريطاني والأسلحة الأخرى.

وتتطلع شركة "بي أيه إي سيستمز"، وهي شركة دفاعية بريطانية، إلى بناء ثلاثة مواقع جديدة لإضافة "المرونة" إلى المشروع الرئيسي، في حال تعرض أحد المواقع للهجوم، وفق ما نقلت صحيفة "التايمز" البريطانية

تعلم الدروس

فيما أكد وزير الدفاع البريطاني جون هيلي، أن تعزيز الصناعة الدفاعية "أساسية في قدرة البلاد على القتال والفوز في ساحة المعركة".

كما أضاف أن "تعزيز إنتاج المدفعية المحلية يعد خطوة مهمة في تعلم الدروس من أوكرانيا، وتعزيز مرونتنا الصناعية وجعل الدفاع محركًا للنمو".

وبحلول الصيف، ستكون شركة "بي أيه إي" قد زادت إنتاجها من الذخيرة عيار 155 ملم ــ وهي الذخيرة القياسية التي يفرضها حلف شمال الأطلسي ــ بنحو 16 ضعفًا على مدى عامين لتلبية الطلب الناجم عن حرب أوكرانيا.

كما ستعمد إلى إنتاج متفجراتها الخاصة وتسويق التكنولوجيا في جميع أنحاء العالم، وذلك عبر استخدام تقنية مبتكرة تعد الأولى من نوعها في العالم، وتمثل أكبر تغيير في تصنيع المتفجرات منذ خمسة عقود .

مصدران رئيسيان

علما أن شركة "BAE Systems" تستورد المتفجرات RDX من مصدرين رئيسيين، هما: الولايات المتحدة وفرنسا.

لذا في حال اندلاع حرب أوسع نطاقًا، فإن الدول الغربية سوف تسارع إلى شراء وإنتاج الذخائر، ما يعني أن المملكة المتحدة ستحتاج إلى قدرتها السيادية الخاصة لإنتاج المتفجرات.

100 طن سنويًا من المتفجرات

من جهته، قال مدير تطوير الأعمال في قطاع حلول الدفاع البري والبحري في شركة "بي أيه إي سيستمز"، ستيف كارديو، إن "التحدي الكامل الذي تواجهه صناعة الشركة يتمحور حول توسيع نطاق الإنتاج وخلق قدرة صناعية كافية لمنافسة روسيا وغيرها من الدول المعادية بشكل فعال". وأوضح أن المتفجرات من نوع RDX المستخدمة في قذائف 155 ملم وقذائف الهاون والرؤوس الحربية يتم تطويرها عادة في منشأة واسعة النطاق غير فعالة نسبيًا، ومع ذلك فإن الدول الأوروبية تكافح لإنتاج المتفجرات على نطاق واسع.

كما لفت إلى أنه بموجب الخطط التي وضعتها شركة "بي أيه إي"، ستنتج كل حاوية شحن ما يصل إلى 100 طن سنويًا من المتفجرات على نطاق أصغر بكثير، ولكنه أكثر كفاءة وأقل تكلفة وأسرع، كما أنها أكثر متانة من الناحية الأمنية. وقال إنه "من الواضح أن منشأة كبيرة واحدة تُشكل تهديدًا أمنيًا كبيرًا. أما إذا كانت لديك منشآت متفرقة، فسيكون الأمر أكثر أمانًا بكثير".

"سيناريو الأمن العالمي"

إلى ذلك، أشار كارديو إلى أنه في المستقبل، ستتمكن شركة "بي أيه إي" من بيع منتجاتها على أساس أنها "خالية من إيتار". لاسيما أن قذائف عيار 155 ملم أو الأسلحة المُصنّعة بمواد متفجرة من الولايات المتحدة تخضع حاليا لقيود "إيتار".

وأكد أن "سيناريو الأمن العالمي" "أجبر بي أيه إي على تسريع تطوير أعمالها المتعلقة بالمتفجرات في بيئة حيث كان الطلب على الذخائر على مستوى العالم أكبر من القاعدة الصناعية لتوفيرها.

وحول مخاوفه بشأن سلوك ترامب المتقلب، قال كارديو: "ما يحدث في الولايات المتحدة هو بوضوح جانب واحد من وجهة نظر عامة لدينا، وهي أن العالم يزداد اضطرابًا، وبالتالي علينا حماية أنفسنا وسلسلة التوريد لدينا.. لا أعتقد أن الأمر يقتصر على الولايات المتحدة فقط".

رسوم ترامب الجمركية

تأتي تلك المعلومات بالتزامن مع حرب الرسوم الجمركية التي شنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مؤخرا وتعليق المساعدات العسكرية والاستخباراتية لأوكرانيا، والتهديدات الموجهة لكندا والدنمارك، ما أدى إلى إثارة قلق بريطانيا والدول الأوروبية بشأن الاعتماد على المعدات الدفاعية الأميركية في المستقبل.

ويستخدم الجيش البريطاني حاليًا قذائف عيار 155 ملم في مدفعه الهاوتزر ذاتي الحركة "آرتشر"، والمدفعية ذاتية الحركة المدرعة AS-90.

في حين تعد شركة "BAE Systems" الوحيدة في المملكة المتحدة التي تنتج ذخائر عيار 155 ملم، وقد تم تسليم الجزء الأكبر من الذخيرة إلى أوكرانيا، ما يجعل بريطانيا تعاني من نقص خطير في هذه الذخيرة.