بلديات قضاء صور: المعركة قائمة وإسرائيل حاضرة

على مشارف يوم السبت 24 أيار، باتت المعركة الانتخابية في مدينة صور وكبرى بلداتها المحيطة، أمراً واقعاً بعد تعذّر التوافق على لوائح ائتلافية تجمع الأطراف الراغبة بخوض الانتخابات البلدية، سواء من الثنائي حركة أمل وحزب الله، أو الأطراف الأخرى، من أحزاب وعائلات وأفراد ناشطين.
نجح الثنائي في وضع أكثر من 20 قرية في قضاء صور، خارج المنافسة الانتخابية إثر الفوز بالتزكية (حتى يوم الأربعاء 21 أيار). لكنّ في قرى أخرى، وخصوصاً الكبرى، فإنّ التنافس على أشدّه، وبعنوانَين بارزين، استحضار إسرائيل وضرورة مواجهتها، في مقابل التركيز على الطابع الإنمائي لهذه الانتخابات.


في مدينة صور
تشكّل الانتخابات البلدية في معظم المناطق اللبنانية، فرصة لتقييم حضور الأحزاب والأفراد والعائلات. ومع أنّ الكفّة الراجحة في منطقة صور، تبقى لصالح حركة أمل وحزب الله، إلاّ أنّ حضور أسماء من خارج اصطفاف الثنائي، يبقى واضحاً وتعبِّر عنه اللوائح المعارِضة.
في مدينة صور "تجتمع لأوّل مرّة، لائحة من مرشّحين مستقلّين لا ينتمون إلى أي حزب"، وفق ما يؤكّده حسيب عودة، المرشَّح على لائحة "صور مدينتي" التي تضمّ 10 مرشّحين "اتفقوا على برنامج انتخابي ورؤية واضحة للعمل البلدي في المدينة".
هؤلاء المرشّحون "رفضوا تسمية لائحتهم بأنها لائحة مواجهة. فنحن لسنا بمواجهة مع أحد، وإنما نحن أبناء مدينة صور ولدينا مشروع للعمل ترشّحنا على أساسه". وبالتركيز على العمل الإنمائي، يؤكّد عودة أنّ المرشّحين "رفضوا الدخول في سجالات حول مسألة المقاومة والعدوّ الإسرائيلي، إذ نعتبر أنّ البلدية مكان للعمل الإنمائي البحت وليس السياسي، فمن الممكن أن يتوافق شخصان على برنامج إنمائي، رغم اختلافهما السياسي". وحول توزيع المقاعد في المجلس الذي يضمّ 21 مقعداً، يوضح عودة أنّه "في العرف، يحصل حزب الله على 5 مقاعد، يسمّي من بينها 3 مقاعد للشيعة ويدعم مرشّحاً سنياً ومرشحاً مسيحياً، وفي المقابل، تحصل حركة أمل على 16 مقعداً، تسمّي من بينها 8 للشيعة وتدعم 4 مرشحين من السنّة و4 من المسيحيين".


تحدّي إسرائيل
تفاصيل كثيرة رافقت التحضير للانتخابات في بلدة معركة التي يطغى عليها حضور حركة أمل، مع حضور لافت ومتنامٍ لحزب الله، إلى جانب حضور قليل لشيوعيين ويساريين ومستقلّين.
سقطت محاولات التوصّل إلى لائحة ائتلافية تضمّ الثنائي مع مرشّحين مستقلّين. ضغوط كثيرة مورِسَت على بعض المرشّحين لدفعهم إلى التراجع عن الترشّح، لكن ذلك لم يمنع الذهاب إلى المعركة الانتخابية بلائحتين متنافستين.
11 عضواً لحركة أمل و7 أعضاء لحزب الله، يشكّلون لائحة التنمية والوفاء التي تمثّل الثنائي، و7 أسماء تشكّل أعضاء لائحة "لغدٍ أجمل" المنافِسة. ولم تقطع اللائحتان سبل التوافق نظرياً، لكن الواقع يشي بعكس ذلك تماماً. وعليه، يشير المرشّح على لائحة التنمية والوفاء، ورئيس البلدية الحالي عادل سعد، المدعوم من حركة أمل، إلى أنّ خوضَ الانتخابات هذه المرّة يأتي "بالدرجة الأولى كتحدٍّ للعدو الإسرائيلي. فرغم الدمار والوضع الاجتماعي والاقتصادي، نحن سنستمر. ومن أهم وجوه الاستمرار، هو احترام المواعيد الدستورية والمشاركة بإحياء المجالس البلدية والاختيارية. ويلفت سعد النظر في حديث لـ"المدن"، إلى أنّه "جرت محاولات للتزكية من كِلا الطرفين، لكن كان هناك عقبات تتعلّق بتمثيل العائلات، ومع ذلك لا يزال الحوار مفتوحاً حول التزكية". ومن بوادر امكانية التزكية، هي "استعداد بعض المرشّحين من لائحة التنمية والوفاء، للانسحاب لأجل التزكية".
ومع ذلك، فإن التزكية مستبعدة بحسب ما يُلتَمَس من أجواء البلدة. كما أنّ "محاولات التزكية لم تنمّ عن مسؤولية، وأتت كمراوغة لكسب الوقت"، وفق ما يؤكّده المرشّح على لائحة "لغدٍ أجمل"، حسن حجازي، الذي يشير في حديث لـ"المدن"، إلى أنّ هناك "ضغوطاً مورِسَت على مرشّحين للانسحاب".
وبعيداً من ذلك، تتحضّر لائحة "لغدٍ أجمل" لخوض الانتخابات انطلاقاً من "ممارسة دور طبيعي بالترشح والانتخاب، والتحضير للعمل البلدي انطلاقاً من برنامج انتخابي إنمائي، فالناس بعد الحرب الإسرائيلية، متشوّقون للشفاء اجتماعياً واقتصادياً ونفسياً، والانتخابات هي جزء من استعادة التعافي من خلال استعادة روح العمل الاجتماعي".


لا مقاومة بلا إنماء
استحضار إسرائيل والمقاومة في محاولة لشدّ العصب الانتخابي، أمرٌ لا مبرّر له في الانتخابات البلدية ذات الطابع الإنمائي "فلا مقاومة بلا إنماء" بحسب ما يقوله المرشّح على لائحة "صوتك للعباسية"، فؤاد معتوق، الذي يعتبر في حديث لـ"المدن"، أنّ "الناس بشكل عام في المنطقة، يؤيّدون الثنائي، لذلك، لا داعي لفرض وجهة نظر معيّنة بحجّة العدوّ الاسرائيلي، فالمقاومة تحتاج لاحتضان شعبي لتستمرّ، ولا استمرارية من دون خدمات وبنى تحتية. كما أنّ المعركة اليوم هي بين وجهات نظر مختلفة حول الإنماء وليست معركة ضدّ إسرائيل".
وحول التزكية، يؤكّد معتوق أنّ "المحاولات كثيرة، والثنائي ضغطَ لتمديد باب سحب الترشيحات حتى يوم الجمعة، ليضمن انسحاب المزيد من المرشّحين، وهذا الأمر فيه إساءة للديموقراطية".
وفي سياق التنافس على المقاعد الـ15 في بلدة العباسية، والتي عادة ما يتقاسمها الثنائي وفق معادلة 8 أعضاء، من بينهم الرئيس لحركة أمل، و7 أعضاء، من بينهم نائب الرئيس لحزب الله، يرى المرشّح على لائحة التنمية والوفاء، حسين زين، المدعوم من حزب الله، أنّ "الناس تحتاج إلى مشاريع. وهذه المشاريع يجب أن تنفَّذ بدعم من أفكار الجميع، بمن فيهم شباب وطلاب المجتمع المدني". ويأسف زين إلى أنّ "اللون السياسي المعيَّن الذي يطغى على المجلس البلدي، هو أحد الأسباب التي تُبعِد الشباب عن المشاركة". ولذلك، يقول زين لـ"المدن"، أنّه "يجب علينا أن نسوِّق لإشراك المجتمع المدلي في العمل البلدي". ويشير إلى أنّه "يجب تشكيل مجلس ظل بلدي من الناس التي تريد المشاركة بالعمل البلدي ولديها أفكار". أمّا محاولات التزكية، فسقطت بسبب "شخصانية البعض".


انقسام الثنائي
تكرّست المعركة الانتخابية في بلدة البازورية، بعد فشل مساعي التوافق. إذ أنّ "بعض الأطراف في حركة أمل وحزب الله لم تتجاوب مع مبادرة الحزب الشيوعي للتوافق"، وفق ما يقوله لـ"المدن" المرشّح علي دياب المدعوم من الحزب الشيوعي. لكن ذلك لم يمنع تشكيل لائحة ائتلافية "تضمّ أشخاصاً مدعومين من أمل وحزب الله والشيوعي والتقدمي الاشتراكي ومستقلين، على أن يكون رئيس البلدية مستقلّ".
الانقسام داخل جسم الثنائي، أدّى إلى تشكيل لائحة "إنماء البازورية" من 10 مرشّحين، من بينهم مهدي قرعوني الذي يقول لـ"المدن" أنّ "الخلافات داخل التنظيمات منعت الوصول إلى توليفة توافقية ترضي الجميع. ولأنّ تجارب العمل البلدي كانت فاشلة على مدى أعوام، كان الخيار بالترشّح، وأيدينا ممدودة للتوافق".
يرفض قرعوني التلطّي خلف شعارات المقاومة وإسرائيل لخوض هذه الانتخابات "فعندما نعمل بطريقة صحيحة من أجل الإنماء، نكون قد قاومنا إسرائيل. وليس مقبولاً أن تطمرنا النفايات بحجّة مقاومة إسرائيل".

السجال مفتوح في قرى قضاء صور. والمعركة قائمة في القرى الكبرى، أمّا القرى الصغيرة، فجرى حسم التزكية في معظمها، ومن بينها قرى شيحين، مجدل زون، الحمَيري، ديرقانون رأس العين، قانا، باريش، يانوح، بستيات، طورا، بافليه، نفاخيّة، الحنّية، الجبَّين، وادي جيلو، الكنَيْسة، دبعال، القلَيلة، المنصوري، الحلّوسية، بدياس وصدّيقين.