بلوكات لبنان على خطّ الصّراع فماذا عن نقل الرؤوس النووية الصينية الى إيران؟

صحيح أنّ روسيا لعبت دوراً كبيراً في مساعدة إيطاليا على التعامُل مع كوارث جائحة "كوفيد - 19" العام الفائت، إلا أن ما كُشِف عنه بالأمس قد يُعتبَر بمثابة كشف لأسرار نوايا تلك الحقبة، في الفكر الروسي على الأقلّ.

فالشرطة الإيطالية أعلنت عن اعتقال إيطالي، بالإضافة الى مسؤول عسكري روسي مُعتمَد من السفارة الروسية في إيطاليا، بتهمة التجسّس، وذلك بسبب تسليم الإيطالي وثائق خاصة بحلف "شمال الأطلسي"، وملفات أخرى، الى المسؤول الروسي، وهو ما ينعكس على أعضاء "الناتو" كلّهم.

رؤوس نووية

وإذا كانت واشنطن تعمل على إعادة اللُّحمَة داخل "الناتو"، فإن تحدّيات أخرى تنتظر الحلف، منها دخول الصين الى إيران. فبعد تحدّي تمدُّد روسيا الى المياه الدافئة، واتّفاقها مع الأتراك في المنطقة، وهم من أعضاء "الناتو"، وصلت بكين الى طهران، أي الى حدود تركيا، العضو "الأطلسي" المُشاكِس، والتي هي على تماس معها أصلاً من خلال ما يرتبط بمسلمي "الأيغور".

فهل تزداد تحدّيات "الناتو" العسكرية، إذا قامت الصين بنَشْر رؤوس نووية، ورادارات نوعيّة لها، في إيران؟

قوّة دوليّة

رأى العميد المتقاعد، وقائد عملية "فجر الجرود"، فادي داوود، أن "وثيقة التعاون الاستراتيجي الصينية - الإيرانية تأتي في إطار قرار صيني بقبول تحدّي المواجهة الأميركية، كرغبة من بكين بإظهار أنها مُوازِيَة لواشنطن، خصوصاً أن الأخيرة ليست قوّة دوليّة، بل هي (واشنطن) القوّة الدولية. فالإتفاقية هي مسار فُعِّلَ صينياً قبل أيام، رغم أنه بدأ الصيف الفائت، وظلّ مُجمّداً لأشهر".

ولفت في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" الى أن "مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، بدأ تنفيذها الفعلي انطلاقاً من إيران، إذ إن طهران حيوية لهذا المشروع، كممرّ إلزامي لبكين الى قلب الشرق الأوسط، والى أوروبا وأفريقيا. وهذا ما يدفع واشنطن الى شدّ العَصَب مع "الناتو"، وذلك مقابل تفعيل الصين وجودها على مضائق المنطقة، ومنها "هرمز"، و"باب المندب".

منافسة

وأشار داوود الى أن "شكل المحور الروسي - الصيني - الإيراني بات أوضح من السابق. والتصدّي للصين ما عاد محصوراً في بحر الصين الجنوبي، حيث تنشط الغوّاصات الأميركية في شكل دائم، انطلاقاً من تشديد أميركي على أنه منطقة مصالح دولية، لا صينية حصراً".

وأضاف: "أما روسيا، فتأثيرها في شمال لبنان، وعندما يبدأ تنقيبها عن النفط في البلوك رقم 1، يعني أن موسكو دخلت الى الملف اللبناني، وما عادت تحصر نفسها بسوريا في المنطقة، خصوصاً أن حدودنا الشمالية غير مرسَّمَة مع دمشق، ولا حدود دقيقة للبلوك رقم 1. فهذا الوضع سيُدخِل روسيا في دائرة المنافسة الإقليمية - الدولية في لبنان، ضمن إطار "البلوكات" 1 و4 و9".

رؤوس نووية

وعن احتمال إدخال رؤوس نووية صينية الى إيران، قال داوود: "هذا الأمر غير وارد حتى الساعة، إذ إن ما يرشح عن الوثيقة الاستراتيجية بين الطرفَيْن يُظهِر أنها بعيدة من هذا الإطار. فضلاً عن أن طهران نفسها ربما تمارس لعبة التمويه من خلال الإيحاء بأنها تريد امتلاك قنبلة نووية، وذلك بهدف الحصول على مكاسب إقتصادية واستراتيجية".

وأوضح: "التمدّد الشيعي في المنطقة أهمّ لإيران من امتلاك القنبلة النووية، التي يُمكن أن تجرّها الى حروب مستقبلاً. بينما الإمساك بالمكوّن الشيعي، يعطيها أوراق قوّة أكثر".

دَمْج تكنولوجيا؟

وردّاً على سؤال حول إمكانية أن تشكّل إيران مستقبلاً مساحة لدَمْج التكنولوجيا العسكرية الروسية والصينية، أجاب داوود: "رغم أن روسيا والصين منظومة شرقية، إلا أن بكين لا تمتلك هوية تكنولوجية عسكرية فعليّة خاصّة بها، فيما العلوم العسكرية الروسية تقوم في أساسها على الإستحصال على أسرار الصناعات العسكرية الأميركية".

وشرح: "الأميركي هو في الجيل الأول من الصناعات العسكرية، فيما الروسي في الثاني، والصيني في الثالث. أما الأبحاث والدراسات والتطوير العسكري، فهي مُكلِفة. وبدلاً من أن تُنفق روسيا مليارات الدولارات عليها، تنفق الملايين بدلاً من المليارات على شبكات تجسُّس، تستحصل بواسطتها على الأسرار العسكرية الأميركية. بينما تقوم الصين بالنّسخ عن الأصل الأميركي، وهو (النّسخ الصيني) يجعل بكين في مرتبة عسكرية أقلّ من موسكو".

بريطانيا

وعن انعكاسات قرار بريطانيا تعزيز ترسانتها من الرؤوس النووية، على المواجهة الأميركية للصين وروسيا، ذكّر داوود بأن "بريطانيا تقف خلف العقل الاستراتيجي العالمي، منذ زمن طويل".

وختم: "أي قرار أميركي بمواجهة الصين عسكرياً، لا بدّ لبريطانيا من أن تكون إحدى قواعده ومنطلقاته، بالإضافة الى كلّ من أستراليا واليابان".