المصدر: وكالة أخبار اليوم
الأربعاء 24 حزيران 2020 16:53:03
بمعزل عن التُّهَم الموجّهة الى السيّد علي الأمين، وبغضّ النّظر عن المسار القانوني لقضيّته، إلا أن ما يحصل في لبنان، في الآونة الأخيرة، يطرح ما هو أبعَد من الخوف من وجود اتّجاه في البلد يحضّر للعودة الى ممارسات أمنية غير مستحبّة.
فالخناق يضيق على "المُمانعين"، وهذا الأمر سيدفعهم الى التدهور أكثر في عوالم "البارانويا"، على المستويات كافّة، وهو ما يرفع احتمال تحضير "بنك أهداف"، يقوم على مزيد من التوقيفات، قد تظهر ملامحها ومفاعيلها في المراحل القادمة.
جرّ لبنان
أفضل تعبير عمّا يحصل، برز في موقف للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، قال فيه إن "وجه وطننا الذي كان زينة الأوطان بدأ يتغيّر، ويسلك طريق الظّلم وطريق النّظام البوليسي، والاعتداء على حرية الإنسان وكرامته، وهو أمر لا نقبل به". وموقف البطريرك الراعي هذا يأتي بعد سلسلة من مواقف تصاعدية بدأ بإطلاقها منذ مدّة، ومنها ضرورة استعادة أفضل العلاقات مع المحيط العربي للبنان. فهل يقترب "سيّد بكركي"، شيئاً فشيئاً، من خطاب سلفه مثلّث الرّحمات، البطريرك الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير، بالكامل، وذلك بسبب مخاوف جديّة تطال الكيان اللّبناني؟
فسوريا تريد جرّ لبنان الى التنسيق معها لمواجهة قانون "قيصر"، فيما تكتّل "لبنان القوي"، وهو الفريق السياسي لرئيس الجمهورية ميشال عون، المتحالف مع محور "المُمانعة"، يؤكّد ضرورة أن تتحاور الحكومة اللّبنانية مع الولايات المتحدة الأميركية في شأنه، للحصول على إعفاءات للبنان، حول ما هو حيوي لحياة الناس في عملية الاستيراد والتصدير. فهل يجعلنا تضارُب الرّؤى و"الأجندات" ننزلق في لعبة، تريدها بعض الأطراف الإقليمية، وربما يكون لبنان ساحة لها؟
مصدر مُتابِع
شدّد مصدر مُتابِع على أن "البطريرك الراعي وصل الى هذا الحدّ من التعبير، انسجاماً مع ضرورة التشديد على عدم المساس بالحريّة في لبنان. وهذه نقطة لطالما تحدّث عنها البطريرك صفير، وشدّد عليها، حتى بما يفوق المطالبة بالعيش المشترك".
ولفت في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" الى أن "انزعاجاً عاماً لدى البطريرك الراعي، من المشهد العام، يدفعه الى نبرة تصاعُدية في مواقفه. فما تقوم به الحكومة، من خلال الذّهنية المتحكّمة بطريقة الحُكم لديها، يكرّس الممارسات البوليسية، وذلك سواء على مستوى التعاطي مع الملفات المالية والإقتصادية، أو على مستوى التعاطي مع الشعب، وتحويل القوى الأمنية الشرعية الى حارسة للنّظام، وللأنظمة المتعدّدة التي تسود لبنان، وهي في شكل أساسي نظام رئيس الجمهورية (ميشال عون) المختلف عن نظام رئيس مجلس النواب (نبيه بري)، الذي يختلف بدوره عن نظام "حزب الله".
مصدر سياسي
ومن جهته، علّق مصدر سياسي على حديث وزير الخارجية السوري وليد المعلّم عن جهوزية سوريا للتعاون مع لبنان، لمواجهة "قيصر"، فشدّد على أنه "لا يُمكن لأي دولة في العالم، وليس للبنان فقط، ولا حتى لأي كيان أو شركة أو فرد، أن يتفلّتوا من الالتزام بهذا القانون. وكلّ من يتعامل مع النّظام السوري سيكون خاضعاً لعقوبات قاسية تُخرِجه من النّظام المالي العالمي. فقانون "قيصر" ليس دولياً، صحيح، وهو أميركي، ولكن لديه قوّة تنفيذ تجعل روسيا نفسها، الدّاعمة للنّظام في سوريا، تحسب الأمور جيّداً إذا فكّرت بخرقه. وبالتالي، لا يُمكن للبنان أن يلعب ضمن هذه المساحة".
وأشار في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" الى أن "كلام المعلّم يهدف الى زجّ لبنان في مواجهة مع الأميركيين، والى الجلوس في حضن النّظام السوري، ليتعرّض لما سيتعرّض له هذا النظام".
وأكد أن "حديثه عن رفض ترسيم الحدود، هو دعوة الى فتح كامل للحدود بين البلدَيْن على التهريب. وهذا سيجعل لبنان دولة مارقة، وخارجة عن النّظام الدولي".
وختم:"السوريّون يريدون استعمال لبنان كحديقة خلفية لتجاوز "قيصر"، وكمسرح لمحور "المُمانَعَة"، وهو ما سيجعل الثّمن باهظاً علينا، مستندين الى شريك كبير لهم فيه (لبنان) إسمه "حزب الله"، الذي هو مستعدّ لأن يجعل لبنان يدفع هذا الثّمن الكبير".