المصدر: الجريدة
الأحد 18 حزيران 2023 23:55:24
كتب منير الربيع في الجريدة الكويتية: لا يزال لبنان ينتظر نتائج زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الطويلة إلى باريس حيث من المقرر أن يمكث عدة أيام مقبلة.
وحضر الملف اللبناني في اللقاء الذي جمع بن سلمان والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وبحسب ما تشير مصادر متابعة، فإن ماكرون طرح على بن سلمان استمرار المساعي في سبيل الوصول إلى حلّ للأزمة اللبنانية، فكان بن سلمان واضحاً أن السعودية تقف إلى جانب باريس في مساعيها وفي ضرورة إرساء الاستقرار في كل منطقة الشرق الأوسط، وستساعد باريس على إنجاز مبادرتها في لبنان، لكن على اللبنانيين أن يتوافقوا فيما بينهم لإنهاء الفراغ الرئاسي بأقرب وقت ممكن، وضرورة إنجاز إصلاحات شاملة سياسية واقتصادية ومالية.
وبحسب ما تشير المصادر المتابعة، فإن ماكرون طلب من بن سلمان أن تعمل السعودية وفق علاقاتها الجيدة مع إيران للمساعدة في الوصول إلى تفاهمات بين القوى اللبنانية، لا سيما أن ماكرون استفاد من فكرة ذهاب وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إلى طهران، كفرصة للتداول بالملف اللبناني.
وبانتظار ما سيظهر من نتائج تنعكس على الساحة اللبنانية، فلا بد من انتظار جولة المبعوث الشخصي للرئيس الفرنسي في بيروت، جان إيف لودريان، حيث سيلتقي مختلف الأفرقاء ويعد تقريراً وعلى أساسه تتقرر الخطوات الفرنسية المقبلة ومنها تفعيل اجتماعات الدول الخمس المعنية بالملف اللبناني (الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية، وقطر ومصر) للوصول إلى صيغة حلّ. أما محلياً، فلا تزال مواقف القوى اللبنانية على حالها، وفيما تبدو فرنسا منفتحة على كل الخيارات «الواقعية والممكنة» وتؤكد أنها لا تتمسك بأي شخص، لا يزال حزب الله وحركة أمل متمسكين بترشيح سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية وهما أبلغا باريس مسبقاً بأنهما لن يتنازلا عن دعم زعيم تيار «المردة»، وهذا ما سيضع مهمة لودريان أمام المزيد من العقبات والمصاعب، لا سيما أن القوى الأخرى وخصوصاً الكتل المسيحية الكبرى ترفض السير بخيار فرنجية.
وبعيداً عن الملف اللبناني، يقول مصدر دبلوماسي سعودي مسؤول إن تمثيل الوفد السعودي خلال الزيارة الماراثونية الى باريس يعكس اهتماماً سعودياً بالاقتصاد دون أن يحول ذلك أمام بحث بعض الجوانب السياسية التي تطال المنطقة والعالم، خصوصاً أن الفرنسيين قد طلبوا من بن سلمان تفعيل مساعيه للمساهمة في الوصول إلى إنهاء الأزمة الأوكرانية.
ويضيف المسؤول أن «حضور وزير الثقافة الأمير بدر بن فرحان ومحافظ صندوق الاستثمارات العامة ياسر الرميان والوزير وعضو مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية محمد آل الشيخ ما هي إلا رسالة اقتصادية وثقافية لها أبعاد واسعة تتجاوز المسائل السياسية أو الأمنية، خصوصاً أن الهدف الأساسي من الزيارة هو حضور مؤتمر مالي عالمي، وبنفس الوقت حضور منتدى الترويج لاستضافة الرياض لاكسبو 2030».
يندرج هذا المشروع في سياق رؤية محمد بن سلمان لأخذ السعودية إلى خارج نطاق الدولة المصدّرة للنفط، وجعلها «دولة كبيرة» في المقاييس الإقليمية، بالاستناد على مرتكزات لصناعة مؤسسات واقتصاد فعلي ومتنوع يواكب السرعة الفائقة للتحول الإنتاجي على صعد المعرفة والاقتصادات غير المرئية. والأهم هو تجاوز كل الصراعات القومية والدينية أو الطائفية، ووقف الحروب على الصناعات ومواردها، مقابل الذهاب إلى التكامل مع كل القوى. ويقول المصدر السعودي المسؤول، إن هذا كله يندرج بناء على خطة ورؤية استراتيجية للمرحلة المقبلة، قد تمتد إلى 30 سنة، ويتم تخصيص لها مئات المليارات من الدولارات وتطول مستويات متعددة في التطوير، ويرتكز الاستثمار في ذلك على عنصر الشباب والذي يوالي رؤية بن سلمان، وهو يشكل قاعدة اجتماعية كبرى، حيوية وفتية.