بهية الحريري وجنبلاط استقبلا هنيّة... عن أي سيادة تتحدّثون يا جماعة؟!

فيما يتشاغل اللّبنانيون بالدّفاع عن، أو بالهجوم على، نشاط رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنيّة، في لبنان، شكّل استقبال النائب بهية الحريري ورئيس الحزب "التقدّمي الإشتراكي" وليد جنبلاط، للزائر الفلسطيني، ما يُمكن تسميته قمّة الغرابة السياسية في لبنان، وذلك مهما كثُرَت التبريرات.

فكيف يُمكن المناداة بإصلاح العلاقات اللّبنانية مع الدول العربية، بموازاة استقبال ضيف يعتمد في عمله السياسي والميداني على إيران، التي تُصارع العرب في مختلف ميادين المنطقة؟ وكيف يُمكن المطالبة بالنّأي بلبنان عن صراعات المنطقة، فيما يتمّ استضافة ضيف، لا عناوين موحّدة يرفعها في الدّاخل الفلسطيني، وذلك حتى ولو أخذنا في الاعتبار أن بعض الذين يدورون في فلك "المُمانَعَة" يسوّقون مؤخّراً لإمكانية أن تُعلن السلطة الفلسطينية بعد مدّة، تجميد اتّفاقاتها السابقة مع إسرائيل. وهي خطوة إذا تمّت، تستوجب تقصّي ردّات الفعل العربية، قبل الغربية، حولها.

 

"على القطعة"

وضع مصدر مُتابِع المشكلة التي تُحيط بزيارة هنيّة لبنان، وزياراته لمختلف المسؤولين اللّبنانين، في إطار أن "كلّ السياسيّين اللّبنانيّين يعملون "على القطعة"، حتى في التعاطي مع الأطراف الإقليمية والدولية، ولا يُمارسون وطنيّتهم قبل أي شيء آخر. ولذلك نعاني ما نعانيه من طعنات في ظهر الشّعب اللّبناني، والدولة اللّبنانية، سواء من هذا الطّرف أو من ذاك".

وشدّد في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" على أنه "كان يتوجّب على مختلف المسؤولين الذين لا يدورون في فلك محور "المُمانَعَة" أن يطلبوا من هنيّة بوضوح أن لا يزورهم، وحتى أن لا يُكمل جولاته في لبنان، بعدما أنهى ما أنهاه من أنشطة على مستوى الملف الفلسطيني و"حزب الله"، خصوصاً أن زيارته المخيمات تدلّ على أننا أمام سبب لانقسام جديد في لبنان".

وأكد أن "الوضع الإقتصادي المتردّي في لبنان، غيّر كلّ المعادلات السابقة، وهو يمنع أي إمكانية لأن نكون ساحة لتبادل الرسائل بعد اليوم. فضلاً عن أن الأوضاع السياسية والإجتماعية شديدة الهشاشة منذ اندلاع انتفاضة 17 تشرين الأول، أكثر من أي وقت مضى".

 

تحلُّل سريع

وقال المصدر:"نذكّر كلّ الأطراف اللّبنانية التي تستقبل هنيّة، ولا سيّما تلك غير "المُمانِعَة" بأن زيارته تشكّل موضع مراقبة كبيرة للفرنسيّين تحديداً، قبل غيرهم، وذلك لأنه (هنيّة) مدعوم من تركيا التي تواجه فرنسا في كلّ مكان تقريباً. وهذا يُمكنه أن يتسبّب بمشاكل للبنان ليس مع باريس فقط، بل مع الإتحاد الأوروبي أيضاً ، إذا تكرّر في وقت لاحق، خصوصاً إذا خفَت وهج الحَراك الفرنسي في لبنان مستقبلاً".

وردّاً على سؤال حول ما إذا كان كلّ من يستقبل هنيّة في لبنان، ينتحر سياسياً، إذ إنه يفقد بعض الثّقة الدولية به، أجاب:"في هذا الإطار، كان يُفضَّل أن يقوم "حزب الله" بدفعه الى عَدَم القدوم، وبإسماعه أن لبنان لا يحتمل زيارته، لا على مستوى العلاقات اللّبنانية - العربية، ولا حتى على مستوى العلاقات اللّبنانية - الأوروبية، وذلك رغم أن "الحزب" لا يهتمّ بهذا الشأن إلا وفق حساباته الخاصّة".

وختم:"المردود السلبي من نشاط هنيّة يطال حلفاء "حزب االله" في لبنان ايضاً، ويكشفهم تجاه الخارج. ولكن لا عجب من ذلك، إذ لا دولة حقيقية في لبنان، والمثال الأبرز على ذلك هو الخضّات الأمنية المتنقّلة التي تحصل مؤخّراً، والتي لا ترتبط بالملف الحكومي، بل بتحلُّل الدولة في شكل أسرع ممّا قد يظنّه البعض".