المصدر: Kataeb.org
الكاتب: شادي هيلانة
الجمعة 21 تشرين الثاني 2025 12:15:41
في ذكرى استشهاد النائب والوزير الشيخ بيار الجميّل، ليس من قبيل الصدفة أن تحل ذكراه في يوم عيد الاستقلال، فقد اغتيل، وبقيت ابتسامته محفورة في ذاكرة اللبنانيين. تحرك القاتل برصاصه في أكثر ساعات النهار ازدحامًا، وفي ظل هجمة سياسية على قوى 14 آذار قامت بها حلفاء سوريا، كادت أن تُدخل لبنان في فوضى شاملة، بعد انحدار أمني أدى إلى احتلال بيروت وعدد من المناطق اللبنانية في السابع من أيار 2008.
وفي سياق الصناعات اللبنانية، سأل رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في معرض بيروت الشهر الماضي: "كيف نواكب العصر في كل شيء؟" وخصوصًا في قطاعنا الصناعي، لبنان، بلد محدود المساحة الجغرافية، شهد مساهمة الشهيد بيار أمين الجميل في إطلاق حملة: "بتحب لبنان، حب صناعتو"، شعارٌ ترك أثرًا كبيرًا في قلوب اللبنانيين، وعكس رؤيته لتعزيز الصناعة الوطنية، وزيادة صادراتها، واستثمار العوائد لشراء المواد الأولية، وتشجيع الاستثمارات الجديدة.
الشهادات عن بيار الجميّل تصوّره كرجل متفانٍ في عمله، شغوف بكل تفاصيل وزارة الصناعة، حريص على تطوير الكوادر الشابة، ومتصدي لأي محاولة تسلل للفساد، كما كان منفتحًا على الدول العربية لجذب الاستثمارات بما يعود بالنفع على الاقتصاد اللبناني. هكذا قال النائب مروان حمادة، زميله في الحكومة آنذاك: "عرفت بيار كجزء من الاستقلال الثاني في 14 آذار، متألقًا ومندفعًا حين كان نائبًا ثم وزيرًا للصناعة، كان يسعى بلا كلل لتحديث الوزارة، وجاب لبنان كله لتطوير الصناعة الوطنية وحماية المشروع الاقتصادي للبلد من أي عرقلة.كان ينكب على عمله منذ الصباح الباكر وحتى ساعات الليل المتأخرة، حريصًا على متابعة كل ملف بدقة، ومتفانيًا في خدمة الاقتصاد الوطني وحماية الصناعة اللبنانية."
ويلفت حمادة: "اغتيال بيار لم يكن مجرد استهداف لعائلة سياسية عريقة، بل كان استهدافًا مباشرًا لاقتصاد لبنان، وتعطيلًا لنهضته، وضربًا للحلم الذي جسّده بيار في بناء وطن متين ومستقر."
رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي شارل عربيد أشار إلى البعد الشخصي والإنساني للشهيد قائلًا: "كنت قريبًا جدًا من بيار، وقتها كنت نائب رئيس جمعية الصناعيين، ولاحظت شغفه وحماسه في تطوير الصناعة، كان مستعجلًا دائمًا لإنجاز الملفات ويحملها إلى مجلس الوزراء، وعلى الرغم من المخاطر الأمنية، كان يزور المصانع ليكون قريبًا من الصناعيين ويعرف احتياجاتهم عن كثب."
وأضاف عربيد: "كان بيار علامة فارقة في الصناعة الوطنية، وسيبقى في وجدان كل صناعي، ولو كان اليوم حيًا، لكان شاهد الإنجازات التي تحققت رغم المآسي الاقتصادية التي ألمت بالبلاد."
ويتابع عربيد متأثرًا: "كان بيار يسعى لإحداث تغييرات جذرية ليضع الصناعة اللبنانية على طريق النهوض سريعًا، لكن استشهاده كان أكبر من كل القضايا، فهو جزء من عائلة قدمت الشهداء لأجل لبنان. استشهاد بيار ليبقى لبنان سيدًا حرًا مستقلاً، وليصبح متنوعًا، جاذبًا، ومستقرًا، وفق رؤيته التي جسدها بحياته."
الشهيد بيار الجميّل لم يكن مجرد سياسي أو وزير، بل كان حقًا رسول الصناعة اللبنانية، رمز الالتزام الوطني والإبداع الاقتصادي، وستظل ذكراه منارة لكل من يسعى لبناء لبنان عصري مزدهر يجمع بين الحلم والواقع، وبين الرؤية والعمل المخلص.