المصدر: وكالة الأنباء المركزية
في اللقاء الرابع الذي جمع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي في بعبدا أمس للبحث في عملية التأليف، خرج الرئيس ميقاتي ليقول قبيل مغادرته القصر: "بالنسبة لي المهلة غير مفتوحة، وليفهم من يريد ان يفهم". وفسّرها البعض على أنها نعي للحكومة، وذهب الآخر الى حدّ القول ان الرئيس المكلف سيعتذر عن عدم تشكيل الحكومة إذا لم يجد أي بصيص أمل خلال اللقاء المقبل المحدد يوم الخميس.
في ظل هذه التطوارت، تساءلت أوساط سياسية معنية إن كانت ايران التي تملك مفتاح الحل والربط، ستبادر الى الافراج عن الحكومة كمبادرة حسن نية من قبلها، هي المحاصرة بضغط واستهداف دوليين بعد الضغوط المتزايدة عليها من خلال التظاهرات والاضطرابات داخل طهران المستمرة منذ اكثر من اسبوعين، اضافة الى ضغط المجتمع الدولي بشأن المفاوضات النووية ودور ايران غير المسهل وغير المتجاوب، يزاد عليها مضاعفات تعرض سفينة اسرائيلية الى الاعتداء قرب شواطئ عُمان ومقتل شخصين من طاقمها بريطاني وروماني واتهام ايران بالاعتداء؟
العميد الركن خالد حماده أكد لـ"المركزية" ان "من ضمن استراتيجية ايران، تعميم حالة الفوضى والاستنفار العالمي"، مؤكداً "ان الفوضى هي عدّة العمل الخاصة بها. وهنا يُطرح السؤال: ما المقابل الذي ستحصل عليه طهران في حال أرادت أن تحرر الحكومة في لبنان وتسعى إلى تسهيل تشكيلها؟ ما المعروض على طهران؟ لا شيء. بل العكس، لبنان هو واحد من ساحات الاستفزاز الايراني وليس ساحة للمقايضة في الوقت الحاضر في ظل المعطيات الموجودة، خاصة وان لا شيء معروضاً عليها حالياً"، مشيرا الى "انها ترغب في ان تتفاوض على كل قضية على حدة. فمشكلتها في جنيف مثلاً، انها لا تريد التفاوض الا على السلاح النووي، دون التطرق الى موضوع الصواريخ ولا الى الأذرع. هل من المعقول إذاً ان تتفاوض على لبنان؟ ليست هذه صيغة التفاوض المعتمدة من قبلها".
ولفت حماده الى "أننا الآن في ذروة الضغط على ايران لنرى جدية الاجراءات التي قد تتخذها كل من الولايات المتحدة وبريطانيا بعد الاعتداء على السفينة، ولكن ما زال الوقت مبكرا كي يطرح تشكيل الحكومة في لبنان كمطلب دولي. اولا لأن السياق ليس سياقا تفاوضيا مع ايران، كما ان ايران هي في ذروة التصعيد لا سيما ان ابراهيم رئيسي انتخب وهو يرفع لواء التصعيد".
ودعا حمادة "الى عدم التفاؤل كثيراً، لأن تشكيل الحكومة في لبنان قد يعني للبنانيين القليل من المازوت والدواء والكهرباء، رغم ان لا شيء سيتغير، لكنه يعني للغرب بداية نجاح التدخل الدولي لوضع حد لتداعيات النفوذ الايراني في لبنان، بمعنى الاصلاحات والمراقبة عن كثب لكل التمويل الغربي وابواب صرفه. وبالتالي، نجد ان الفساد في لبنان ترتكبه في العلن كل الطبقة السياسية، لكن في الحقيقة المستفيد الأكبر منه هو طهران وحزب الله. فالتيار الوطني الحر يستفيد لأنه يرفع شعار العصبية المارونية، ويحاول ان يستثمر في هذا الصراع الذي تفرضه ايران في المنطقة، كما ان بعض الاشخاص الذين يدورون في فلك سوريا كرئيس تيار المردة سليمان فرنجية ورئيس الحزب الديموقراطي اللبناني النائب طلال ارسلان، يحاولان الاستفادة من هذا الجو، بما أنهما مشاركان في هذا المحور، لكن في النهاية الفساد الكبير هو فساد حزب الله والفساد الذي له هدف سياسي الا وهو إغراق البلد في الفوضى وفي حالة من الاستنفار الطائفي وتأزيم الوضع الاقتصادي وإنهاء كل ما يمكن ان يقال عنها انها مكونات للبنان الذي نعرفه".
وختم حماده: "كلا ايران لن تخفف الضغط، ولبنان ليس اولوية في التهدئة لديها وليس ورقة للمقايضة حاليا، ولم يحن الوقت للصفقة الكبرى. حتى ان لا حكومة في الوقت الحاضر، ويُخطئ من يظن ان تشكيل الحكومة سيتمّ بالتوافق على طريقة "أبو ملحم" بين سياسيين يؤمنون بالشراكة الوطنية فنحن اليوم في زمن الاستباحة الاقليمية للبنان وسقوط القرار الوطني".