المصدر: النهار
الكاتب: عباس صباغ
الاثنين 8 كانون الاول 2025 07:45:33
ينتظر لبنان تعيين سوريا سفيرا جديد لها بعدما باشر السفير اللبناني عمله في دمشق. فهل الخطوة السورية قريبة؟ وكيف تطورت العلاقات الديبلوماسية بين البلدين؟
يترقب الجميع طبيعة العلاقات اللبنانية - السورية بعد سقوط النظام وتسلم المعارضة الحكم قبل سنة. لكن الحاجة المتبادلة فرضت إعادة ترتيب العلاقات، خصوصا بعد المناوشات على الحدود وتطورها إلى اشتباكات متبادلة بين الجانبين السوري واللبناني استدعت تدخلات عربية وإقليمية لوضع حد لها وإعادة الهدوء إلى جانبي الحدود.
لعقود خلت، لم يكن هناك تمثيل ديبلوماسي بين لبنان وسوريا نظراً إلى ظروف كثيرة حكمت طبيعة العلاقة بين الدولتين الجارتين، تخللتها فترة من الوصاية السورية برضا دولي وإقليمي بعد توقيع اتفاق الطائف وتصديقه من مجلس النواب اللبناني عام 1989. ثم عقدت اتفاقات ثنائية أبرزها "معاهدة الأخوّة والتعاون والتنسيق" عام 1991، وتجاوز عدد الاتفاقات الثنائية الـ40 بدءاً من العام 1991 وصولاً إلى 2010.
إلى ذلك، كان إنشاء المجلس الأعلى السوري - اللبناني عام 1991 الذي انبثق من "معاهدة الأخوة"، ونظر إليه معارضو دمشق على أنه ترسيخ للوصاية السورية التي استمرت وإن بأشكال مختلفة بعد خروج السوري في 26 نيسان 2005 على وقع الزلزال الذي ضرب لبنان باغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط من العام نفسه.
وخلال فترة ما عُرف بـ"الربيع العربي"، تأزمت العلاقات اللبنانية- السورية بفعل الانقسام الداخلي الحاد بين فريقين، الأول داعم للنظام والثاني معارض له.
استمرت تلك الوتيرة في التباين الداخلي على الرغم من زيارات وزراء في الحكومات المتعاقبة لسوريا، وزيارة غير مسبوقة لرئيس الحكومة السابق سعد الحريري لدمشق في 20 كانون الأول عام 2009. إلا أن الأمور اختلفت كليا بعد 8 كانون الأول من العام الفائت بسقوط النظام وتسلم معارضيه الحكم من الجماعات المسلحة، وهو ما أحدث تغيراً جذريا أوجب على لبنان التعامل معه كما هو، نظراً إلى ضرورة تنظيم العلاقة مع دمشق لاعتبارات كثيرة، من أبرزها تكريس الهدوء على جانبي الحدود والتعاون لمكافحة التهريب والأعمال المخالفة للقوانين التي كانت مستعصية على الحلول.
لم تنتظر بيروت طويلاً حتى عيّنت سفيراً جديداً في دمشق، فقدّم هنري قسطون أوراق اعتماده وفق الأصول المتبعة وباشر عمله على رأس السفارة اللبنانية في دمشق بعد 4 سنوات من انتهاء مهمة السفير السابق سعد زخيا الذي شغل منصبه خلفاً للسفير اللبناني الأول لدى سوريا ميشال الخوري. وكان الأخير أول سفير لبيروت بعد إعلان إقامة العلاقات الديبلوماسية بين البدلين عام 2008.
وقد استمر الخوري في منصبه حتى نهاية عام 2013، وبعد إحالته على التقاعد لبلوغه السن القانونية انقطع التمثيل الديبلوماسي اللبناني برتبة سفير لفترة 4 سنوات.
وفي عهد الرئيس ميشال عون، وتحديداً عام 2017، عُيّن زخيا سفيراً للبنان، لكن ولايته انتهت في أواخر 2021، لتدخل العلاقات مرحلة شغور جديدة استمرت 4 سنوات أخرى، حتى تعيين قسطون سفيرا ثالثاً للبنان أواخر العام الحالي.
أما من الجانب السوري، وفي ترجمة لبدء العلاقات الديبلوماسية الثنائية في خطوة تاريخية حينها، فقد عينت دمشق سفيراً لها لدى بيروت هو عبد الكريم العلي الذي ظل يمارس مهماته حتى نهاية 2022، ومن ثم تولى القائم بالأعمال مهماته. ومنذ ذلك الحين لم تعين دمشق سفيراً لدى بيروت.
وسبق أن أعلن الجانب السوري تعليق أعمال المجلس الأعلى السوري - اللبناني خلال زيارة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني لبيروت في تشرين الأول الفائت، وحينها أعلن نائب رئيس الحكومة أن "التبادل الديبلوماسي بين لبنان وسوريا سيعود قريباً".