بيروت والصيف وهاجس المياه: كميات كافية ولا كهرباء لضخّها!

"عم تجي الميّ بس 4 ساعات، ماكسيموم"، هكذا قال موظف من مؤسسة مصلحة مياه بيروت، عندما كان يقطع المياه في رأس النبع، شارع محمد الحوت، علماً أنه أشار إلى أن المياه موجودة وبكميات كبيرة، لكن الكهرباء المقطوعة بشكل مستمر هي العائق الأساسي لحرمان أهالي بيروت من المياه.

هل المياه موجودة؟
أكد مدير عام مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان، جان جبران، لـ"المدن"، أن المياه متوفرة وبكميات تكفي العاصمة بشكل تام، إلاً أن المشكلة الأساسية متعلقة بالكهرباء التي ليس لها برنامج ثابت. المياه تحتاج إلى كهرباء لضخها، وتحتاج حوالى 8 ساعات لتعبئتها في الخزانات الرئيسية. وبعد التعبئة في المركز الأساسي في ضبية، تتوزّع على المناطق البيروتية.

الكهرباء لا تأتي بشكل متواصل، وحدّها الأقصى 4 ساعات في اليوم تتوزع على ساعتين، وهذا الوقت المحدود غير كافٍ لملء الأنابيب، وبالتالي انقطاع المياه ومحدوديتها.

علاوة على ذلك، أشار جبران إلى صعوبة وضع برنامج كما في السابق، لتحديد موعد انقطاع المياه. إذ قبل أزمة الكهرباء كانت مياه الشفّة متوفّرة لخسمة أيام في الأسبوع. أما اليوم فمن الصعب تحديد موعد موحد.

لا تعتمد مؤسسة مصلحة المياه في بيروت على كهرباء الدولة فقط، إنما مشتركة أيضاً مع مولدات، لكنها لا تلبي الحاجة أيضاً لأن المولد يعمل فقط لسبع ساعات. وحسب جبران، من الصعب تشغيله أكثر من ذلك وإلا يحترق. وأضاف أن سبع ساعات غير كافية لضخ المياه أيضاً لكن تساعد على أقله على ضخها لبعض الوقت.

عن التوزيع والتقنين
كثيراً ما يشتكي معظم أهالي بيروت من شحَ مياه الشفة، أو توزيعها بشكل غير عادل كساعات أكثر لحي دون الآخر أو لمدة أطول. نفى ذلك جبران في حديث مع "المدن"، وأكد أن التوزيع سيكون عادلاً بين كافة المناطق فور ملء الخزان كاملاً في ضبية.

ينتظر سكان بيروت الذين يتغذون من مياه ضبية، ومنها إلى تلة الخياط، ثمّ التوزيع إلى سائر المناطق الأخرى، ضخ المياه لإنجاز المتطلبات اليومية، وهي من أبسط حقوق المواطنين.

وإلى جانب هذا التوزيع "العادل"، حسب جبران، ستعمل المؤسسة أيضاً على سياسة التقنين، خصوصاً أن فصل الصيف بعد أقل من شهر، وله تأثيرات سلبية من شح المياه. علماً أن صخور لبنان الجوفية تخزن كميات كبيرة من المياه، لكن لا تستثمرها الحكومة عبر وزارة الطاقة بالشكل الصحيح. 

قال جبران إن التواصل أسبوعي مع وزارة الطاقة والمياه كما أن التنسيق موجود.

الصيانة الغائبة والفواتير
صيفاً وشتاءً تفيض المياه في شوارع وأحياء بيروت من أغطية الصرف الصحي، حتى أنها تعرقل السير في بعض الأحيان. كشف موظف في مؤسسة المياه، والذي رفض ذكر اسمه، أن أعمال الصيانة غائبة حتى من قبل الأزمة الاقتصادية التي بدأت أواخر عام 2019 ومستمرة حتى اليوم.

لا ينفى مدير عام مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان، جان جبران، ذلك بشكل كلي، لكنه صرّح أن عمليات الصيانة لا تحدث بشكل معتاد، إلاّ في حال وقوع عطل ما مثل تسرب المياه. ولكن من الصعب كشف ذلك باكراً لأن الأنابيب تحت الأرض.

سبق ووقع انفجار لأنبوب أمام القصر الفرنسي في رأس النبع، وألحق أضراراً مادية، وبقيت الطريق معطّلة عدة أيام ريثما تم تصليحه. ما كان لذلك أن يحدث في حال تمت الصيانة نحو مرتيْن في العام أقله لأن التمديدات قديمة جداً ولم تحدّث منذ فترة وفقاً للموظف.

ويلقي جبران اللوم على المتعهدين الذين يرفضون القيام بأعمال الصيانة، لأنهم يرفضون تقاضي المستحقات بالليرة اللبنانية. كما أنهم يرفضون استلام الشيكات المصرفية لقلة قيمتها، ولا تستطيع مصلحة المياه التعامل سوى بالليرة اللبنانية، لأنها مؤسسة رسمية.

إضافة إلى ذلك، فقطع الغيار المطلوبة في حال طرأ عطل غالية الثمن، ولا تسطيع المؤسسة تغطيتها لأن فاتورة المياه ما زالت بالليرة اللبنانية، فتغطية المصاريف غير ممكنة. لذا، تتجه المؤسسة إلى التواصل مع جمعيات غير الحكومية التي تحاول تأمين هذه القطع وسد الخسائر.

أما فيما يتعلق بدفع الفواتير، فيدور حديث مع وزارة الطاقة والمياه لرفع التعرفة ودولرتها. لكن حتى اليوم لا شيء محسوماً، وما زال الموضوع طور البحث.